الثانوية الرياضية بدرارية

تحد مزدوج يحتاج إلى دعم إضافي

تحد مزدوج يحتاج إلى دعم إضافي
  • القراءات: 4185
رشيدة بلال رشيدة بلال

رفعت الثانوية الرياضية بالدرارية منذ نشأتها سنة 2001 تحديا مزدوجا، يتمثل في توفير أحسن الظروف لتمكين المواهب الرياضية الشابة من الحصول على تكوين جيد وتعليم  نوعي. وتمكّنت بشهادة العاملين فيها من مربين ورؤساء أندية واتحادات رياضية، من تحقيق نتائج مشرفة سواء على الصعيد الرياضي بعد أن حصدت خلال الموسم المنصرم 82 ميدالية، من بينها 29 ذهبية، في المنافسات الدولية، وتحصّلت على الصعيد الدراسي على نتائج فاقت المعدل الوطني في شهادة البكالوريا بنسبة نجاح قدرت بـ64 بالمائة.

هذه الثانوية التي تعد الوحيدة على مستوى الوطن، غير كافية لاستيعاب الكم الهائل من المواهب الرياضية المتواجدة بـ48 ولاية، خاصة أن الملحقات الرياضية الثلاث في أم البواقي، البليدة وعين الصفراء لا تتوفر على كل التخصصات، وهو الانشغال الذي حاولت «المساء» تسليط الضوء عليه من خلال الحديث إلى عدد ممن يمثلون الرياضة المدرسية ورؤساء بعض الأندية والمربيين الذين دعوا إلى ضرورة إنشاء ثانويات رياضية جهوية، وخلق متوسطات رياضية تبدأ هي الأخرى بمرافقة المواهب في سن مبكرة.


طلبة الثانوية الرياضية بالدرارية يتحدثون لـ»المساء»: نحلم بالتفوق الدراسي والاحتراف الرياضي

دردشت «المساء» لدى تواجدها بالثانوية الرياضية في الدرارية، بمناسبة الإعلان عن افتتاح السنة الرياضية الجديدة، مع بعض المتمدرسين حول طموحاتهم الرياضية من جهة، وانطباعاتهم حول هذه الثانوية التي منحتهم إمكانية الجمع والتوفيق بين ممارسة الموهبة الرياضية دون التخلي عن الدراسة، فرصدت هذه الآراء والتماني.

البداية كانت مع الطالبة بشرى حفيان من العاصمة، المقبلة على اجتياز شهادة البكالوريا، قالت بأنها تحب رياضة الجيدو التي تمارسها منذ 12 سنة، وخوفا من عدم التوفيق بين الرياضة والدراسة، اختارت الالتحاق بالثانوية بعد أن سمعت بوجودها وبالامتيازات التي تقدمها. وبالنظر إلى ما توفره من إمكانيات بيداغوجية ورياضية، أشارت إلى أنها تتطلع لأن تشارك في بطولات وطنية ودولية، تمثّل فيها الجزائر أحسن تمثيل، مشيرة إلى أن طموحها الرياضي لا يمنعها مطلقا من مواصلة مشاورها الدراسي.

من جهته، يقول الطالب محمد سليم مسعودي الذي يحضّر هو الآخر لاجتياز شهادة البكلوريا لـ»المساء»، بأنه يمارس رياضة ألعاب القوى منذ سبع سنوات، وفي رصيده ثلاثة ألقاب كبطل للجزائر، موضحا أن التحاقه بالمدرسة كان حرصا من مدربه على أن يحصل على تدريب جيد وتكفّل تعليمي حتى لا يضيع مشواره الدراسي، نتيجة التدريب أو المشاركة في بعض المنافسات. وطلب في السياق، من القائمين على تسيير الثانوية الرياضية، الاهتمام أكثر بالوجبات الغذائية التي تقدم لهم،  والتي يقول بأنها لا تتناسب واحتياجات كل رياضي، إذ  يفترض أنها تختلف من رياضي إلى آخر.

أما الطالب زيدان بلحراث المتمدرس في السنة الثانية ثانوي، فيحمل حلما مزدوجا، حيث يتطلع بعد نجاحه في البكالوريا  إلى دخول كلية الطب، ومن الناحية الرياضية يتمنى بعد احترافه لرياضة تنس الطاولة لأكثر من ثلاث سنوات، أن يصبح بطلا يشرف الجزائر في المنافسات الدولية، لا سيما أنّه تمكن على الصعيد المحلي من حصد العديد من الألقاب، ويرمي إلى المشاركة في  بطولات إفريقية، وهو نفس الانطباع الذي قاسمه إياه زميله رفيق بوجنان، الذي يحلم هو الآخر بعد أن تمكن من دخول الثانوية الرياضية، النجاح في مشواره الدراسي من جهة، ليكون في المستقبل مهندسا، وعلى الصعيد الرياضي يتطلع بعد أن احترف رياضة تنس الطاولة لأكثر من خمس سنوات، أن يشارك في منافسات إفريقية ودولية ويرفع علم الجزائر عاليا.

من جهته، قال محمد من ولاية سطيف، طالب في السنة أولى ثانوي، أنّه التحق بالثانوية بتوجيه من الاتحادية الرياضية بالولاية، التي تحرص كل الحرص على أن ينجح في حياته الدراسية والرياضية، على حد سواء، مضيفا أن حبه الكبير لرياضة كرة السلة جعله يختار ممارستها دون الرياضات الأخرى، لاسيما أن أحد أهم الشروط المطلوبة تتوفّر فيه، وهي الطول. ويتطلّع بعد أن لقيت الثانوية إعجابه كونها تؤمن له إمكانية الدراسة وممارسة الرياضة، لأن يصبح عضوا فعالا في الفريق الوطني، ويمثل الجزائر أحسن تمثيل على المستوى الوطني والإفريقي، ولما لا الدولي.


سليمان مخلوف مدير الثانوية: الـ21 تخصصا يفسر الاكتظاظ

تستقبل الثانوية الرياضية بالدرارية، حسب مديرها السيد سليمان مخلوف، عددا كبيرا من التلاميذ الجدد كل سنة، من الذين يختارون الالتحاق بها، بعد أن يجدوا صعوبة في التوفيق بين الدراسة وممارسة الرياضة بالمدارس العادية. وحتى لا يضطروا إلى التضحية بالرياضة أو الدراسة، وجدت هذه الثانوية التي تفتح أبوابها للتكفّل بالمواهب الرياضية الشابة، ومساعدتها على بلوغ العالمية، وتمثيل الجزائر أحسن تمثيل من خلال المشاركة في بطولات دولية، حيث تسمح، يقول المدير على هامش الإعلان على افتتاح السنة الرياضية الجديدة للرياضيين المتمدرسين، بالدراسة بصورة عادية في الفترة الصباحية، بينما تخصّص الفترة المسائية للتدريب. وإن كانت هناك منافسات أو بطولات، يمكن للثانويين التغيب، على أن تستدرك الدروس لاحقا تحت إشراف الفريق البيداغوجي، مشيرا إلى أن الهدف الذي تتطلع إليه الثانوية، هو المرافقة الدراسية وتكوين أبطال رياضيين يشرّفون الجزائر في مختلف البطولات التي يشاركون فيها».

يتم الالتحاق بالثانوية إما بطريقة فردية أو عن طريق الاتحاديات المشرفة على متابعة الرياضيين الشباب، يقول مدير الثانوية. ويضيف أن الثانوية استقبلت هذه السنة 143 تلميذا جديدا من كل ولايات الوطن، موضحا أن النقص المسجل بالعاصمة، فيما يتعلق بمثل هذه الثانويات المتخصصة، يجعل ثانوية درارية تعاني نوعا من الضغط، خاصة أنها الوحيدة على مستوى العاصمة التي تحوي على 21 تخصصا رياضيا، بالمقارنة مع باقي الملحقات الموجودة في البليدة، عين الصفراء وأم البواقي.


رشيد لاراس رئيس فيدرالية الجيدو: الثانوية قدمت رياضيين من النخبة

قال رشيد لاراس رئيس فيدرالية الجيدو، بأن الثانوية الوطنية للرياضة، تعتبر واحدة من أهم المحطات المساعدة على تكوين رياضيين أبطال في المستقبل، وهو ما لم يكن موجودا في الماضي، وأوضح قائلا «أذكر أننا كرياضيين قدماء كان يجري اختيارنا عن طريق الرياضة المدرسية، وكنا نواجه صعوبات جمة بين الدراسة وممارسة الرياضة، بالتالي تعتبر هذه التجربة من أهم التجارب التي قدّمت اليوم رياضيين من النخبة، ولعل أحسن مثال على ذلك في رياضة الجيدو، ونذكر على سبيل المثال، البطلة صورية حداد التي تعتبر واحدة من اللواتي شرفن الجزائر وكانت متمدرسة في هذه الثانوية، مما يعكس الدور الإيجابي الذي تلعبه الثانوية في التأسيس لأبطال رياضيين».

أضاف المتحدث أنه لا يمكن القول بأن هذه الثانوية كافية، حتى وإن كانت هناك ملحقات رياضية مدرسية أخرى في كل من البليدة وأم البواقي وعين الصفراء. ويقول رئيس الفيدرالية «المطلوب هو مزيد من اهتمام الفيدراليات بالرياضيين الشباب فيما يخص المرافقة، مع المطالبة أيضا بإنشاء مدارس رياضية أخرى عبر مختلف الولايات، حتى يشعر كل الموهوبين في أية  رياضة كانت بنوع من تكافؤ الفرص». مشيرا إلى أن أهم ما يمكن تثمينه اليوم، هو أن الرياضيين يمكنهم متابعة مشوارهم الدراسي دون أي إشكال، واستدراك ما فاتهم عند المشاركة في بعض المنافسات، ليتمكّن الرياضي من التوفيق بين الرياضة والدراسة، وهو الانشغال الذي كان يؤرق بعض الأولياء الذين رفضوا في أول الأمر تسجيل أبنائهم بالثانوية، خوفا من أن يتفرغوا للرياضة بعد أن يجدوا صعوبة في استدراك ما فاتهم من دروس أو امتحانات.


رؤوف سليم برناوي، رئيس الاتحادية الجزائرية للمبارزة: نطالب بمتوسطة رياضية

أثنى رئيس الاتحادية الجزائرية رؤوف سليم برناوي، على الدور الكبير الذي تلعبه الثانوية الرياضية منذ أن فتحت أبوابها سنة 2001، في تدريب وتكوين رياضيين أكفاء، موضّحا في حديثه لـ»المساء»، على هامش افتتاح السنة الرياضية بثانوية الدرارية، أنه رغم وجود عدد من النقائص التي ينبغي تداركها ومعالجتها، إلا أنها تعتبر من التجارب الناجحة في مجال العناية بالرياضة المدرسية، لأنها تؤمّن للطلبة في مختلف التخصصات، إمكانيات واسعة للتمدرس من جهة، والتدرب صباحا بالثانوية، وفي المساء بالقاعات الرياضية، مع المشاركة في مختلف المنافسات الرياضية.

أشار المتحدث إلى أن أهم مطلب اليوم، ويراه ضروريا، إنشاء قاعات رياضية لاستيعاب الكم الهائل من الرياضيين الشباب في مختلف التخصصات، والتفكير في إنشاء متوسط رياضية، لأن التكفل بالمواهب الرياضية لابد أن يبدأ في سن مبكرة.


بوجمة بولامية مدرب كرة السلة: الإمكانات المتوفرة تستجيب لتطلعات رياضي المستقبل

يعتبر مدرب كرة السلة، السيد بوجمة بولامية، من المدربين الأوائل الذين التحقوا بالثانوية، بعد أن فتحت أبوابها سنة 2001، وشاهد على التدفّق الكبير للذكور والإناث عليهم، رغبة في مرافقتهم رياضيا وعدم التخلي عن مشوارهم الدراسي.  ويقول في حديثه لـ»المساء»، بأن الثانوية تستقبل الرياضيين من 48 ولاية، حيث يتم مرافقتهم ومساعدتهم للمشاركة في بطولات وطنية ودولية، بعد التكفل بموهبتهم للالتحاق بالفرق الوطنية لأقل من 18 و16 سنة، وحتى الأكابر، وتمثيل الجزائر في المحافل الرياضية الدولية.

«النتائج المحققة على الصعيد الميداني تعكس حقيقية الجهد المبذول من طرف المتمدرسين، ورغبتهم في الذهاب إلى مستويات عالية في الرياضة، وأذكر -يقول المدرب بوجمة- حققت كرة السلة في فئة أقل من 16 سنة نتائج محفزة بالبطولة الإفريقية، حيث حازت على المرتبة الثالثة، رغم أن كرة السلة تعتبر من أصعب الرياضات، لأن الإعاقة الأولى هي الطول». مشيرا إلى أنه في الأيام القليلة القادمة، سيجري التحضير للبطولات المتعلقة بالألعاب الإفريقية للشباب، وكذا أولمبياد الشباب التي ينتظر أن يشارك فيها عدد كبير من الطلبة في مختلف التخصصات.

أكد المتحدث أن الإمكانيات التي توفرها الثانوية تستجيب لتطلعات الرياضيين في مختلف التخصصات، لكن هذا لا يمنع، يقول المدرب بوجمة، من تجديد الطلب بغية إنشاء ثانويات جهوية للتخفيف من الضغط الذي تعيشه ثانوية درارية، خاصة أن الجزائر تشمل مواهب شابة في مختلف الرياضات، وهي بحاجة إلى المرافقة والمتابعة.


عبد السلام ذراع رئيس الاتحادية الجزائرية للملاكمة: الطلبة حققوا تفوقا رياضيا ودراسيا

يرى رئيس الاتحادية الجزائرية للملاكمة، عبد السلام ذراع، أن وجود ثانوية واحدة على مستوى العاصمة تتكفّل بمتابعة الرياضيين الشباب المتمدرسين، وتعتبر من أهم الإنجازات والمكاسب التي تحققت، خاصة أنها تحرص على عدم حرمان المتمدرس من تعليمه وتتكفل بمرافقته في مشواره الرياضي، إلا أنها تظل غير كافية، لأنها تحرم باقي المواهب الموجودة عبر كامل التراب الوطني من الحصول -إن صح التعبير- على هذه الفرصة التي تعطيه إمكانية التوفيق بين الدراسة والرياضة، بسبب غياب ملحقات رياضية جهوية.

من جملة الامتيازات التي تمنحها الثانوية الرياضية؛ تحفيز المتمدرسين على التمدرس والتفوّق الرياضي، وهو ما يكشفه الواقع من خلال النتائج المحققة خلال المشوار الدراسي، التي تبعث على الارتياح، يقول المتحدث، ويضيف «الثانوية الرياضية ورغم  العدد الكبير الذي تحويه من طلبة من مختلف ربوع الوطن، إلا أنها قادرة على توفير الإطعام والإيواء وتضع بين يدي الرياضيين، مدربين أكفاء، وما على الرياضي إلا الاجتهاد، وأي تقصير سيكون خطأ من الرياضي، ولا مجال مطلقا للحديث عن النقائص»، مشيرا إلى وجود 17 تلميذا  وتلميذة بالثانوية في تخصص الملاكمة، منهم من اختيروا للفريق الوطني وشاركوا في الألعاب الإفريقية.