انتعاش سوق التوابل بمدينة تلمسان

تجارة تحركها الرغبة في وصفات عالمية

تجارة تحركها الرغبة في وصفات عالمية
  • القراءات: 837
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تنتعش بمدينة تلمسان تجارة التوابل بشكل ملفت للانتباه؛ حيث باتت هذه المدينة التاريخية تشتهر بروائح التوابل المنبعثة فيها، وأضحت إحدى وجهات زائر المدينة، الذي لا يمكنه تفويت فرصة اقتناء القليل منها، لتعطير الأطباق التقليدية وحتى العصرية، التي يدخل في تحضيرها عدد كبير من التوابل القادمة من ربوع العالم، لا سيما أننا على بعد أيام من الشهر الفضيل، الذي تُعدّ فيه ربات البيوت أشهى الأطباق.

يبدو أن العولمة لم تتخط المطبخ الجزائري؛ إذ مسّت كل جوانبه بعدما تفتّح على الآخر وتبادل معه وصفات لذيذة، لا سيما بعدما تعرّف العالم على المطبخ الجزائري من خلال عدد من الأطباق الشهيرة التي عرفت شهرة عالمية؛ مثل الكسكسي، والشخشوخة، والصلصة الجزائرية، والمقروط، وطاجين الحلو وغيرها، ليكون تبادلُ الوصفات، ومن ثم التوابل؛ إذ لا يمكن أن تكتمل الوصفة بدون توابلها الخاصة، التي لا يمكن، غالبا، تعويضها بتوابل أخرى.

ودفعت الرغبة الكبيرة في تجربة وصفات عالمية جديدة، الكثير من ربات البيوت إلى البحث عن توابل خاصة، بما تسوقه لهم مواقع التواصل الاجتماعي وموقع اليوتوب، من وصفات تثير الشهية، وهو ما حرك رغبة التجار في مواكبة تلك الطلبات الكبيرة؛ من خلال اقتناء أنواع عديدة من توابل أجنبية لتعطير المطبخ الجزائري المتفتح على مطابخ الدول المجاورة، وحتى تلك التي تبعد آلاف الكيلومترات. وتنتعش تجارة التوابل، بشكل خاص، مع اقتراب المناسبات والأعياد؛ فتتفنن المرأة الجزائرية في تحضير الطعام؛ ليس فقط الأطباق الجزائرية المحضة، بل تنوع، وتبدع، وتقلد وصفات أجنبية بأصولها، ولا يتم ذلك إلا باعتماد توابلها الخاصة.

وبعدما أصبحت تلك العادة لصيقة بسلوكات المرأة، ها هي اليوم وبفضل الأنترنت، تتفتّح على مختلف المطابخ؛ التركية، والروسية، والتونسية، والشامية، وحتى الصينية، والهندية والمكسيكية، وبعضها له توابله الخاصة؛ فأخذت الجزائرية من كل مطبخ تابلا خاصا؛ كالكيري الهندي، والبابريكا الميكسيكية، والسماق التركي، والأعشاب البحرية من الصين، والهريسة من تونس، والكركم من المطبخ المغربي، وكلها توابل تعرضها المحلات الخاصة ببيعها بمدينة تلمسان، وما أكثر أنواعها! إلى  درجة أن بعض زوار المحلات كثيرا ما يدخلون في حيرة من أمرهم ما إن تطأ أقدامهم المحلات، لتغازلهم الرغبة في تجربة عدد من تلك التوابل، باقتنائها، وتحضير وصفات بها، وهذا ما أشار إليه الحاج موسى بائع توابل ببلدية الكيفان، الذي أكد أن بعض الزوار قدّموا له قائمة التوابل التي يحتاجونها، وعادة ما تكون توابل كلاسيكية؛ مثل الفلفل الأسود، والزنجبيل، والفلفل الأحمر أو ما يُعرف بالعكري، والكركم وغيرها؛ حيث يتوجهون بعد جولة في المحل، إلى السؤال عن ماهية هذا التابل وذاك، ويستأذنون في شم وتذوّق بعضها، ومعرفة استعمالاتها، ويطلبون القليل منها لتجربتها، مؤكدا أنها معادلة معاكسة، بالبحث عن وصفة مناسبة للتابل وليس العكس، لا سيما ما يتعلق بالتوابل الأجنبية.

وبقدر ما باتت التوابل عاملا أساسيا في منح الأطباق أذواقا مختلفة، بقدر ما أصبحت المرأة تبحث عن الذوق الرفيع في تنافس مع نظيراتها؛ سواء في العائلة، أو العمل، وباتت تلك المحلات تمنح كل ما يحتاج المطبخ من مقادير حتى أكثرها غرابة. كما تحدّث بائع التوابل عن خلطاته المكتوب عليها "أرز تركي"، و«حريرة مغربية"، و"بيتزا إيطالية"، وغيرها من الخلطات التي تسهّل للمرأة الراغبة في تجربة وصفة أجنبية، تحضيرها؛ من خلال تتبيل الطبق مباشرة، بدون حاجة إلى معرفة مقدار كل تابل يضمن نجاح الوصفة.