في الذكرى العشرين لشعبة العلماء المسلمين بغليزان

تاريخ حافل ونشاط تربوي يكرس الوسطية والاعتدال

تاريخ حافل ونشاط تربوي يكرس الوسطية والاعتدال
  • القراءات: 1329
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

احتفلت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعيد تأسيسها العشرون، مؤخرا، حيث استقبل بعض الشباب المؤمن بإعادة تأسيس شعبة غليزان، الأستاذان الشيخ الزوبير الطوالبي الثعالبي (كان عضو مكتب وطني مكلف بالإدارة والتنظيم)، والشيخ الشقار الثعالبي عضو مكتب وطني، ليتم تنصيب المكتب الولائي للشعبة المشكل من 9 أعضاء (06 ذكور و03 إناث)، لتبدأ بذلك مسيرة العشرين سنة من النشاط ونشر الوعي والإصلاح في المجتمع.

أكد المؤرخ محمد غرتيل، في مداخله له، تكريما لما قدمه أستاذه الشيخ بن عودة حيرش، أن رجال مدينة غليزان ومشايخها اهتموا بفكرة الإصلاح التي حملتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لاسيما في المرحلة التاريخية الصعبة التي سعى خلالها المستدمر إلى إدماج الجزائريين في كيان الدولة الفرنسية، حيث قال في هذا الشأن: "فبعد زيارة الشيخ عبد الحميد بن باديس لمدينة غليزان يوم 21 جوان 1931 ميلادي، رفقة تلميذيه الشيخ الفضيل الورتلاني ومحمد بن الصادق الجندلي، أين التقى بأعيان المدينة وتجارها ومشايخ الطريقة الصوفية، تليها زيارة ثانية للشيخ سنة 1932 ميلادي لتتأسس شعبة غليزان سنة 1933 ميلادي، برئاسة الشيخ جلول بوناب، وهو من مواليد سنة 1888 ميلادي، بدوار يازرو بسيدي امحمد بن عودة، كان والده قاضيا في العهد العثماني. يعتبر الشيخ من بين شموع المدينة التي بثت فكرة الإصلاح منذ سنة 1928 ميلادي، فانطلقت الحركة الإصلاحية في غليزان، وبرزت، خاصة بعد تأسيس مدرسة التربية والتعليم (الفتح) سنة 1943م، وقد التحق بها أبناء الأحياء الشعبية (القرابة والرق)، ومن بين رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين شعبة غليزان، اعمر اسياخم، عثمان بن يحي، زقاري الطاهر، الحاج عابد دحون وغيرهم".

أشار المؤرخ غرتيل، إلى أن شعبة غليزان تحوي حاليا فرعا نسويا، تشرف عليه أخوات يقدمن الدروس وتحفيظ القرآن، على رأسها السيدة بن عبد المومن فاطمة. كما أن شعبة غليزان شهدت نزول شخصيات ووفود منذ افتتاحها من داخل الوطن وخارجه، أمثال الدكتور عبد الرزاق قسوم والشيخ الهادي الحسني وسامي أبو الزهري الناطق باسم المقاومة الإسلامية حماس، والدكتور أبو البراء والدكتور ناجح بكيرات، المشرف على الأرشيف في المسجد الأقصى، والشيخ محمد الشريف قاهر، وغيرهم. كما أنها اهتمت بالمرأة وأعطتها مكانا في المجتمع، فأسست لهن فرعا نسويا تقدم لهن فيه الدروس والحلقات، وأسست فرعا طلابيا يضم الطلبة من الثانوي والجامعة، إلى جانب فرع الشيخ الفضيل الورتلاني الذي أنشئ سنة 2005 م، وتحول سنة 2017 م إلى نادي شباب الجزائر، إذ ينشط في جامعة "أحمد زبانة" بغليزان.

يقول الأستاذ والمؤرخ محمد غرتيل: "كانت أول مدرسة للشعبة؛ مدرسة واضح سي خليل، وهي مسجد أسامة سابقا، برخصة قانونية منحها الوالي السابق لغليزان طاهري الميلود، وكأول نشاط كان تزامنا مع شهر رمضان 2002 م، أين برمجت فيها دروس الوعظ وإقامة التراويح التي أمها الشيخ بن عودة حيرش، ثم بعدها قام السيد وقواق محمد رحمه الله، بالتكفل ببناء مدرسة قرآنية ومقر للجمعية، وهو ما صار يعرف بمدرسة بن باديس، التي تبعد بحوالي 100م عن مدرسة سي خليل، ودام البناء سنتين ومنحه الوقواق هبة بالوثائق للجمعية (كانت عبارة عن مخبزة لعائلة الوقواق سابقا)، أثناء عملية تجهيز وبناء هذه المدرسة، أجرت الجمعية مقرا في حي الإقامة (فيلا لصاحبها جاهد البوعبدلي) مدة سنة قابلة للتجديد، لتنطلق بها كل النشاطات من دروس ومحو الأمية وصلوات وتحفيظ القرآن والدروس للنساء والرجال والأطفال (2003 ـ 2005)، أثناء التواجد في هذا المقر، تحصلت الجمعية على مسكن آخر كهبة تبرعت بها محسنة (السيدة ماحي عائشة)، ليكون مدرسة قرآنية أخرى ومقرا للجمعية، هي ما يعرف الآن بمقر غزة الصامدة، في حي الإقامة أمام المقبرة الإباضية (انتقلت له الجمعية منذ سنة 2009 م)، وفي سنة 2015 م، تحصلت الجمعية على مدرسة أخرى كهبة، هي مدرسة زين العابدين، لصاحبه صافا لزرق، الكائن بحي القرابة العتيق.

كما نوه الأستاذ الباحث والمؤرخ غرتيل محمد، أن اليوم، لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين شعبة غليزان، 16 شعبة بلدية، ووصل عدد مدارسها القرآنية إلى غاية 2021م (70 مدرسة) فقط في شعبة بلدية غليزان لوحدها، تتواجد 15 مدرسة قرآنية، لعل من أهم النشاطات التي تقدمها الجمعية وتشرف عليها، نذكر إلقاء دروس الوعظ والإرشاد والتفسير والسيرة النبوية وأحكام التلاوة للرجال والنساء، إقامة صلاة التراويح والإشراف على تربية النشأ والمساهمة في العمل الخيري والاجتماعي، إلى جانب نشاطات إعلامية وتنظيم الرحلات والمخيمات، تقديم دروس الدعم والإصلاح بين المتخاصمين، والإشراف على حالات اعتناق الإسلام داخل الجمعية، والقيام بعقود الزواج الشرعية "الفاتحة" وعمليات التبرع بالدم، والمساهمة في إجراء العمليات الجراحية. كما تسجل الجمعية حضورها الدائم والمستمر مع القضية الفلسطينية، تذكيرا بها، كالمساهمة في القوافل التي نظمتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين باتجاه غزة، أو جمع المساعدات لإخواننا الفلسطينيين، ولعل اسم المدرسة غزة الصامدة شاهد على ذلك.

يذكر الأستاذ المؤرخ غرتيل محمد، أنه حينما تذكر شعبة غليزان، يرتبط اسمها بفارسها وربان سفينة مشروعها الشيخ الفاضل بن عودة حيرش، الداعية والمربي، فهو من مواليد 30 ماي 1962م بغليزان، أستاذ لغة عربية لمدة 32 سنة، درس في المعهد الوطني للإطارات الدينية لمدة 3 سنوات، مادة السيرة النبوية والخطابة والبلاغة العربية، عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كلفه الشيخ عبد الرحمن شيبان   بمهمة منسق للغرب (2006 ـ 2008)، ثم مراقب عام (2008 ـ 2013)، ومن (2013 إلى يومنا هذا)، عضو مكتب وطني مكلف بالدعوة والإرشاد و الإفتاء.

يضيف المؤرخ غرتيل محمد، أن الشيخ كان داعية منذ الثمانينات، ومحاضرا في عدة أحياء جامعية، مثل وهران ومستغانم والبليدة والشلف وتيارت، درس في غالب مساجد ولاية غليزان، وأنتج إعلاميا برامج دينية واجتماعية في إذاعة غليزان الجهوية (2005 ـ 2015)، زار عدة دول، على غرار سوريا وتركيا وفرنسا وإسبانيا وغزة في أوت 2010م، ضمن قافلة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تأثر كثيرا بجده لأمه فضيلة الشيخ الموسوم المشري، المعروف بمنطقة الرحوية بعلمه وكرمه وجوده وتواضعه.