ليلى كعكع مختصة في الطبخ التقليدي لـ’’المساء”:

تأخرنا في مواكبة التطور الغذائي يخدم صحتنا

تأخرنا في مواكبة التطور الغذائي يخدم صحتنا
ليلى كعكع مختصة في الطبخ التقليدي نور الهدى بوطيبة
  • القراءات: 675
❊ نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

مس التطور التكنولوجي مختلف مناحي حياتنا اليومية، لاسيما تلك المتعلقة بالحياة العملية، حيث ابتكر الإنسان وسائل وأجهزة لمساعدته في القيام بأعمال كانت تعتبر شاقة ومتعبة، لكن لتلك التكنولوجيا مزاياها وسلبياتها، حيث أن البعض استغل هذا التطور لإدراجه في جوانب كان ينبغي أن تظل على حالها الطبيعي، حيث أثبت أن لاستعمالها تأثيرات جانبية على المديين المتوسط والبعيد، تتسبّب في العديد من الأمراض، على غرار التطور الذي مس مطبخنا. عن هذا الموضوع، كان لـ«المساء حوار مع ليلى كعكع، مختصة في الطبخ التقليدي التي حدثتنا عن أساليب الحفاظ على صحتنا من خلال ما نستهلكه.

بداية عرفينا بنفسك؟

أنا متقاعدة، أعمل طباخة في مختلف المناسبات، أشارك في التظاهرات الثقافية والفنية بعرض الأكلات التقليدية الجزائرية، أعشق العمل الذي أقوم به. تعلمت أساليب الطبخ بأصوله عن الأم والجدة، لا أحاول مطلقا التغيير فيها أو إدخال لمسات حديثة، لأن ذلك مناف لقواعد الطبخ التقليدي. انخرطت بعد تقاعدي في جمعية الابتسامة لحماية الطفولة، حيث أحاول من خلال مشاركتي، تلقين الجيل الصاعد أهمية الحفاظ على موروثات الأجداد بكل جوانبها، نظرا لمنافعها الكبيرة.

هل تعتقدين أن الطبخ الجزائري لا زال يحافظ على أصوله من حيث التحضير والتقديم؟

هناك فئتان من الجزائريين؛ فئة تحاول جاهدة الحفاظ على الأكلات التقليدية بأصولها، وتبحث عن الوصفة الحقيقية دون إجراء أي تغيير عليها، في حين يفضّل آخرون دائما تغيير الوصفة كي تتماشى مع مختلف الأذواق، خاصة أن هذه الفئة عادة هي من الشباب ومن المتزوجين حديثا، لأسباب مختلفة، منها التعود على الأكلات السريعة التي تعتبر غالبيتها وصفات أجنبية، إلى جانب تفتح السوق الجزائرية ودخول بعض المنتجات الجديدة التي لم يكن الجزائري يعرفها، على غرار بعض التوابل، أنواع من الأجبان وغيرها، دون أن ننسى سهولة الولوج إلى الأنترنت، وكل ما تعرضه تلك المواقع من وصفات من ربوع العالم، والرغبة في تجربتها وتذوق نكهة من دولة لم تُتح الفرصة لزيارتها، لاسيما أن تلك المواقع تروج لبعض الأكلات الشهيرة، ندفع بالرغبة في تجربتها، وعليه تتداخل الوصفات وتصبح المرأة الجزائرية تبدع فيما تقدّمه على المائدة.

مس التطور مختلف جوانب حياتنا، ماذا عن مطبخنا؟

للأسف الشديد، نعيش اليوم نقطة تحوّل أو منعطفا يمكن وصفه بالخطير، نظرا للتكنولوجيا التي إلى جانب مزاياها، لها سلبيات لا تعد ولا تحصى، ومثال ذلك، التطوّر الذي مس المطبخ العالمي، باعتبار أن الكثيرين وبسبب سرعة وتيرة الحياة اليومية، وخروج المرأة للعمل،  بات الكثيرون من منتجي المواد القابلة للاستهلاك يحاولون تسهيل مهام الطباخ، والدليل على ذلك، تعليب مختلف المواد الاستهلاكية من خضر وأسماك ولحوم، فضلا عن المأكولات الجاهزة التي جعلها مصنعوها داخل علب قابلة للدخول في الفرن الكهربائي، ولا تتطلّب إلا بضع دقائق حتى تكون جاهزة للاستهلاك، إلى جانب الانتشار الكبير لمحلات بيع الأكل السريع، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى التخلي عن عادات الأجداد في الأكل، وتوجههم نحو الأكل السريع، سواء في طريقة تحضيره أو في الوسائل المستعملة.

كيف تقيمين التطور الحاصل على ما نستهلكه؟

بطبيعة الحال، كل ما وُجد على وجه الطبيعة وطرأ عليه تغيير من طرف الإنسان بإضافة مواد كيماوية عليه لتمديد مدة صلاحيته أو تغيير تركيبته، يعتبر مضرا للصحة، والدليل على ذلك الأمراض التي انتشرت في السنوات الأخيرة والتي لم تكن معروفة في وقت مضى، كل ذلك بسبب تلك التكنولوجيا وسلبياتها، على غرار الأسمدة التي غيّرت خضرنا وفواكهنا والمواد الحافظة والملونة التي تعد مسرطنة، واستعمال بعض الأواني المعدنية في الطبخ، على غرار الألمنيوم وغيره، كلّ هذا أدى إلى تهديد صحة الإنسان، لكن ما يجب الإشارة إليه، أن الجزائر على غرار دول قليلة فقط، لا زالت بعيدة عن تلك الخطورة نسبيا، لكن ليست في مأمن منها، لتأخّرنا في مواكبة بعض التطورات، لاسيما كل ما يمس بأساليب الفلاحة الحديثة التي غيرت من تركيبة الخضر، الفواكه والحبوب، لدرجة أن بعض الدول تملك كل الخيرات في الجانب الفلاحي، إلا أن خضرها لا ذوق ولا رائحة لها، فما بالك بالفيتامينات والفوائد التي لابد أن تحتويها، إلى جانب الهرمونات المقدّمة للحيوانات التي نتناول لحومها، وهو ما أدى إلى إصابتها بفيروسات جديدة.

بما تنصحين استهلاكه للحفاظ على صحة جيدة؟

الرجوع إلى الأكلات التقليدية أمر ضروري، بتحضير الوصفة على أصولها، فقد كان أجدادنا يعمّرون في الأرض، ولم يكونوا يعانون من الأمراض التي توجد حاليا، كانت صحونهم معتدلة لا سكر ولا ملح إضافي، لم تكن فيها مواد حافظة أو ملونات، وكانوا يستعينون بالفرن التقليدي في تحضيرها، حتى وإن استغرقت ساعات طويلة، دون استعمال ورق ألمنيوم لتسريع استوائها، ولا يستعملون الفرن الكهربائي. كانت عصائرهم من الفواكه الطازجة التي تستهلك في موسمها، وليست المخزنة في الثلاجات لأشهر طويلة، كما أن حلوياتهم كانت بسيطة لا تحمل أشكال قوالب السيلكون الخطيرة، لذا فإن إعادة تبني عاداتهم أمر ضروري للحفاظ على الصحة.