طباعة هذه الصفحة

الحرفيون في يومهم الوطني

بين رافض للواقع الصعب ومتمسك بتراث الأجداد

بين رافض للواقع الصعب ومتمسك بتراث الأجداد
اليوم الوطني للحرفي المصادف للتاسع نوفمبر من كلّ سنة رشيدة بلال
  • القراءات: 690
 رشيدة بلال رشيدة بلال

تحول الاحتفال باليوم الوطني للحرفي المصادف للتاسع نوفمبر من كلّ سنة، إلى محطة هامة ينتظرها الحرفيون بشغف لطرح جملة من الانشغالات التي أرهقتهم ودفعت ببعضهم إلى التفكير في التخلي عن حرفة توارثوها أبا عن جد، وحاولت «المساء» من خلال الاحتكاك بعدد من الحرفيين المتواجدين بساحة اودان بالعاصمة احتفالا بيومهم الوطني سؤالهم حول ما الذي يمثله لهم هذا العيد؟ وفيما تتمثل أهم مطالبهم؟.

حدث عابر..بلا فائدة

البداية كانت مع الحرفي حميد ناغوغ، من ولاية تيزي وزو، حيث أشار الأخصائي في صناعة الأواني الفخارية  وكذا الزيّ القبائلي، إلى أنّ العيد الوطني للحرفيين لا يمثّل له أيّ شيء، بل يعتبره حدثا عابرا، لأنّه لا يعود على الحرفيين بأيّ امتياز أو فائدة، وبالمناسبة يقول «أهم انشغال يجب النظر فيه بطريقة جدية من طرف الجهات المعنية ممثلة في وزارة السياحة وكذا غرفة الصناعات التقليدية هو خلق مساحات دائمة  ليتسنى للحرفي عرض حرفه، عوض استدعائه في كل مرة للعرض في ظروف اقل ما يقال عنها أنها مزرية وتفتقر لأدنى  شروط العمل التي تليق بمن أفنى حياته في الحفاظ على الموروث التقليدي».

الحرفي محروم من كل حقوقه

من جهته، أعرب الحرفي  في صناعة النحاس لحبيب عشابو، عن استيائه  للوضع الذي وصل إليه الحرفيون اليوم، وأوضح في معرض حديثه أنّ الحرفي اليوم لا يملك أيّ حق من الحقوق، بدليل أنّ مساحات العرض التي تعتبر أهم فرصة للتسويق والترويج السياحي، قلما يجري دعوتهم لاستغلالها، وإن حدث فتفتقر لأبسط الشروط التي تضمن للحرفي كرامته وهو ما يعكس  على «واقعنا إذ قدمت لنا طاولات  في ساحة اودان معرضين لمختلف العوامل البيئية ولا نملك حتى مكانا نخفي فيه حرفنا، وللأسف نقبل بهذا العرض، لأنّه يعتبر بمثابة الفرصة التي تجعلنا نحتك بالمواطنين ولو كانت ظروفنا أحسن لما قبلنا بهذا العرض».

ويرى محدثنا أنّ بطاقة الحرفي هي الأخرى يفترض أن تمنح حاملها جملة من الامتيازات والحقوق، لكن تحوّلت هي الأخرى إلى وثيقة لإثبات الهوية فحسب، وأكثر من هذا يقول «لا تؤمّن لنا حتى الحق في العرض المجاني بالساحات العمومية».

تمسكّنا بالحرفة لنأكل الخبز

وأبدى الحرفي يونس،  أخصائي في صناعات الأحزمة الجلدية أسفه لحال الحرفي والحرفة على حد السواء وقال «يفترض أن يكون اليوم الوطني محطة يفتخر فيها الحرفي بحرفته، ولكن الواقع يكشف العكس لأنّ المواطن اليوم لم يعد يقدّر قيمة الحرفة التقليدية بسبب تأثير العولمة التي جعلت البعض ينظر إلى هذه المشغولات على أنها قطع تجاوزها الزمن»، ومن جهة أخرى يجد أنّ الحرفيين في السنوات الأخيرة وبالنظر إلى جملة المشاكل التي يتخبطون فيها لم تعد لهم الرغبة في التمسك بالحرفة، وفي السياق، أشار إلى أنّ بعض الحرفيين الذين ظلوا أوفياء لحرفهم دافعهم إلى ذلك تأمين لقمة العيش أو كما قال «لنأكل الخبز»، الأمر الذي جعلهم لا يتطلعون لبحث فكرة تشجيع السياحة من خلال الصناعات التقليدية لأنّ انشغالهم الدائم بحلّ مشاكلهم وخاصة التسويق جعلهم يفكرون بعقلية التاجر لا الحرفي.

رغم المشاكل حرفتي هي ميراث أجدادي

وعلى خلاف بعض الحرفيين لا زال عبد الله زاوي،  الحرفي في صناعة الحلي التقليدية من ولاية تمنراست،  متفائلا ويؤمن بإمكانية تغيّر الظروف، حيث قال في معرض حديثه، أنّه يعتبر اليوم الوطني بمثابة المحطة التي يرفع من خلالها  انشغالاته علّها تجد آذان صاغية، وفكرة التخلي عن حرفته  غير واردة لأنها بالنسبة له موروث لا يجوز التخلي عنه ولابد من تناقله  جيلا عن جيل.

ويرى الحرفي أنّ أهم انشغال يعاني منه الحرفيون في الولاية هو كيفية استقطاب السيّاح، وبالمناسبة  يناشد الجهات المعنية إنعاش النشاط السياحي من خلال جلب السياح  لأنّ  الحرفي بالولاية يقوم بواجبه على أكمل وجه ويقدّم مختلف الحرف التي تزخر بها الولاية . التخلي عن الحرفة أمر محتوم

لم تخف الحرفية  سعاد  بوعمار، مختصة في صناعة السيراميك رغبتها في التخلي عن حرفة كانت إلى وقت قريب تمثّل أهم شيء في حياتها، وقالت في حديثها لـ» المساء» أنّ عجز الجهات المعنية عن التكفّل بانشغالات الحرفي كتوفير المادة الأولية وفتح فضاءات قارة لتسويق المنتوج جعلتها تعتزم التخلي عن هذه الحرفة والبحث عن نشاط آخر يؤمن لها دخلا، مشيرة إلى أنّ الحرفي شأنه شأن أيّ عامل آخر يحتاج إلى مورد مالي لدفع نفقاته مثل كراء المحل أو شراء المادة الأولية،  وكثرة الأعباء وعجز الغرفة عن تقديم الدعم وارتفاع تكاليف التأمين السنوي،  أمور كلها  تجعل الحرفي يقرر الاستسلام.

غياب الاستمرارية أرهقنا

من جهته، أشار الحرفي  جمال أوقال، مختص في صناعة الحلي الفضية، في حديثه  لـ»المساء» إلى أنّ اليوم الوطني للحرفي يفترض أنّه محطة هامة تعكس الاهتمام بالحرفيين من خلال تخصيص يوم خاص بهم يجري تذكرهم فيه، ويقول «ينبغي أن يحسن الحرفي استغلاله بالكشف من جهة عن مدى تمسكه بحرفته رغم كل الصعوبات خاصة وأنها تمثل هويته وتراثه، ومن جهة أخرى نحاول  إيصال انشغالاتنا للجهات المعنية» وبالتالي يعلق» اليوم الوطني هو فرصتنا» .

وعن أهم انشغال يوضح «ما يجب للجهات المعنية معالجته ليتسنى للحرفي العمل باطمئنان هو تأمين مساحات عرض  قارة، لأن استدعاءه بصورة متقطعة يؤثر عليه ويجعله غير قادر على العمل، بسبب التفكير الدائم في مشكلة التسويق لا سيما وأن اغلب الحرفيين  يسترزقون من عائدات حرفهم».