رغم أن موسم العطل في ذروته

بودواو البحري.. مدينة شاطئية بالاسم فقط!

بودواو البحري.. مدينة شاطئية بالاسم فقط!
  • القراءات: 3606
 حنان.س حنان.س

يطالب سكان بلدية بودواو البحري وكذا مسؤولوها المحليون بإزالة الميناء الجاف الذي تقرر إقامته بالشاطئ المركزي للبلدية منذ سنوات وبقي يراوح مكانه، إذ أشاروا في تصريح لـ"المساء" إلى أن هذا الميناء تسبب في تدهور وضعية الشاطئ الذي كان يصنف من بين الشواطئ الأولى وطنيا وأصبح اليوم في ذيل الترتيب ولائيا ووطنيا. كما طالبوا بفك العزلة عن بلديتهم التي تضم شواطئ معترف بها ولكن قطار التنمية لم تسمع صفارته بعد بالمكان مما جعل سكان "المامارين" يصفون بلديتهم بالمدينة الشبح صيفا وشتاء. 

زارت "المساء" بلدية بودواو البحري في يوم شديد الحرارة، غير أن الطقس الحار لم يكن ليوحي بأن المدينة الشاطئية تعيش حركة صيفية بفعل توافد المصطافين على الشواطئ في ذروة موسم العطل، فالمحلات موصدة، إلا ثلة منها والطرقات مهجورة إلا من بعض التحركات على مصالح إدارية ومنها البلدية أو مركز البريد. ولما سألنا بعض السكان، أكدوا لنا أن بلديتهم "مدينة أشباح صيفا وشتاء".

"المامارين" البلدية التي ظلمتها السلطات

تحصي بلدية بودواو البحري أو "المامارين" كما يطلق عليها محليا حوالي 16 ألف نسمة، لكن الزائر لها يخيل إليه أنها خاوية على عروشها..فالشوارع خاوية صباحا و مساء والمحلات التجارية على كثرتها موصدة إلا 4 محلات للبقالة العامة ومقهى حسبما لاحظته "المساء" يوم زيارتها.

و"المدينة الشبح" مثلما يسميها سكانها، يقول عنها السيد محمد هلال، الأمين العام للبلدية، أنها مظلومة جدا من حيث مشاريع التنمية مما جعلها مدينة "ألفريد هتشكوك شتاء ومرقدا صيفا"، أما الأسباب التي تقف وراء ذلك فهي متعددة ولعل أهمها أن للبلدية مدخلا واحدا وهو نفسه المخرج وهذا لا يشجع الحركية فيها خاصة حركة النقل والتجارة، لذلك فإن الحياة فيها شبه منعدمة حتى صيفا"، يقول المسؤول، مضيفا بأنه تم مراسلة السلطات الولائية من أجل بعث الحركية من جديد بالبلدية وذلك من خلال فتح طرقات أخرى ومنه طريق بومرداس ـ مويلحة الذي يوصل مباشرة نحو الشاطئ، إلا أنه المشروع الذي بقي يراوح مكانه منذ سنوات بالرغم من أنه شرع فيه وتم إيقافه على مستوى وادي بودواو، يؤكد من جهته السيد عبد الحميد معمري رئيس المصلحة التقنية بذات البلدية.

وما ساهم أيضا في إلصاق صفة المدينة الشبح بعاصمة البلدية، أن أكبر تجمع سكاني بها ليس بمركز البلدية وإنما بالمكان المسمى "البلاطو"، حيث يحصي المركز 4% فقط من التعداد السكاني، إضافة إلى غياب سوق يومية أومحلات للخضر والفواكه، ما يدفع أغلب السكان نحو مدن الرغاية أو بودواو لشراء مستلزماتهم، وهو ما يزيد في عزلة البلدية، حسب محمد هلال الذي يضيف بقوله "وزارة السياحة بالتنسيق مع مصالح الولاية قد قامت بتهيئة شواطئ بومرداس وقورصو تحديدا خلال الموسمين السياحيين الماضيين وانتظرنا التفاتة لشواطئ بودواو البحري أو على الأقل الشاطئ المركزي ولكن خابت آمالنا، هذا إضافة إلى إقامة محطة تصفية وادي بودواو الذي يصب في البحر ويزيد من متاعبنا كل موسم صيفي بسبب الروائح المنبعثة منه والتي تساهم في إبعاد السياح"، يقول ذات المسؤول، موضحا "صحيح أنه قد تم إعادة تهيئة هذا الوادي مؤخرا ولكن "حاجة قليلة".. ناهيك عن ميزانية البلدية الضعيفة، بل شبه منعدمة، لذلك فإننا نطالب بتهيئة المدينة لاستقطاب السياح في الموسم الصيفي على الأقل للرفع من مداخيل البلدية". 

الميناء الجاف.. النقطة السوداء

ومن الأسباب التي جعلت بودواو البحري مدينة أشباح، مشروع إقامة ميناء جاف بالشاطئ المركزي للبلدية الذي تم الشروع فيه سنة 2009 من طرف أحد الخواص ولكنه بقي يراوح مكانه من حينها "فلا الميناء أقيم ولا الأحجار رفعت..إنما تم تشويه الشاطئ وهو ما انعكس سلبا على الحركة السياحية به، بعدما تم تصنيفه نهاية الستينات كأحسن شاطئ على المستوى الوطني"، يضيف محمد هلال مطالبا السلطات الولائية للإسراع في إعادة الشاطئ لسالف عهده.

وهذا المطلب استقته "المساء" لدى سكان مركز البلدية ممن أكدوا أنها كانت تعرف قبيل إقرار إنشاء الميناء حركية ملحوظة صيفا بفعل التوافد الكبير للمصطافين والسياح ممن يستأجرون سكنات لدى الخواص، "إلا أن الأحجار التي وضعت تمهيدا لإقامة ميناء شوهت وجه الشاطئ وجعلت الكثيرين يقصدون شواطئ أخرى قريبة، رغم أننا كتجار ننتظر بفارغ الصبر حلول الصيف من أجل التعويض عن كساد الحركة التجارية باقي المواسم، يقول صاحب بقالة بمركز المدينة، فؤاد.ق، مضيفا أن نقائص أخرى كثيرة أثرت سلبا على السياحة ببودواو البحري ومنها نقص حركة النقل وانعدام محطة سيارات الأجرة، إضافة إلى غياب الإنارة الليلية. فيما قال من جهته توفيق صاحب بقالة أخرى "نحن موتى في هذه البلدية والسلطات غائبة..نريد على الأقل إقامة مصنع تابع مثلا للقطاع الفلاحي لتشغيل الشباب وبعث الحياة هنا.. يا سبحان الله حبة بطاطا مكاش وين نشروها"، يضف المتحدث.

مشاريع مقترحة وأخرى قيد الإنجاز

وحتى تستعيد مدينة بودواو البحري بريقها السياحي، فإنه تم اقتراح بعض المشاريع التي يراها المسؤولون حيوية وكفيلة بإعادة بعث الحركة السياحية بالمنطقة ومن ذلك اقتراح تهيئة غابة المويلحة لإقامة فضاء للراحة العائلية أسوة بغابة قورصو التي تحقق مداخيل لميزانية بلدية قورصو، يقول محمد هلال، موضحا أن إقامة مدينة ملاهي للأطفال بغابة مويلحة مطلب كانت سلطات البلدية قد رفعته من قبل للجهات المعنية "ولكن اليوم ومع سياسة شد الحزام لا أعتقد أنه سيؤخذ مطلبنا بعين الاعتبار، ولكن نبقى متفائلين"، يقول المسؤول.

من جهته، يرى السيد عبد الحميد معمري، رئيس المصلحة التقنية أن النقائص الكثيرة التي تعرفها البلدية أثرت بشكل سلبي وكبير على بعث حركة سياحية جدية، رغم ذلك يبدي تفاؤلا بقرب تحسن الأمور إذ يقول: "بدأنا نستقبل ملفات في إطار سياسة الاستثمار السياحي للخواص، وننتظر أن نطرحها على السلطات بالولاية وننتظر ما ستسفر عليه الأمور لاحقا".

إلى ذلك، كشف المسؤول عن وجود مشاريع أخرى خاصة في مجال فتح طرق بهدف إنشاء مداخل ومخارج أخرى للبلدية على الأقل ثلاثة تضاف للمدخل والمخرج الوحيد الذي يحسب على البلدية كونه يبعد عن الطريق الولائي بحوالي كيلومترين ما يجعل "المامارين" بعيدة عن الأنظار.

وأوضح معمري أن مشاريع أخرى بعضها يعرف تقدما في الأشغال وأخرى تمت الدراسات حولها في انتظار إطلاقها لاحقا وتخص في مجملها تحسين الحياة الاجتماعية لسكان بودواو البحري ومنها دراسة لانجاز ثانوية، إضافة إلى إنجاز دار للشباب ومرافق تسلية للأطفال وكذا إنجاز قاعة متعددة الرياضات بالمنطقة المسماة "الماجن" بالبلاطو، وأيضا مشروع لإنجاز محطة للنقل الحضري متعدد الوجهات سواء نحو بلديات الرغاية أو بودواو أو قورصو أوعاصمة الولاية بومرداس، هذا دون إغفال مشاريع إنجاز سكنات للقضاء على السكن الهش بالبلدية، وإنجاز سوق يومية... وكلها مشاريع تنموية هادفة بالدرجة الأولى إلى تحسين الحياة اليومية للمواطنين وفك العزلة عن بلدية بودواو البحري..