قيادة الدراجات النارية تخرج عن قواعد السلامة المرورية

بدايتها متعة ونهايتها مأساة

بدايتها متعة ونهايتها مأساة
  • القراءات: 925
 آسيا عوفي آسيا عوفي

عادت ظاهرة قيادة الدراجات النارية بقوة للبروز عبر طرق وشوارع المدن الجزائرية، والتي أصبح يميزها التهور في قيادة هذه الآلات القاتلة من طرف الشباب و المراهقين، والتي زاد معها قلق مستعملي الطرقات من "جنون الشباب"، ناهيك عما يخلفه هذا التهور من آلام وسط العائلات. وقد رصدت "المساء" في هذا الشان، آراء مواقف هؤلاء الذين أكدوا أن هذا المشكل تحوّل إلى هاجس أرق الجميع، مطالبين في نفس الوقت، بوضع حد للظاهرة التي تستفحل من يوم لآخر.

تجولت "المساء" عبر شوارع مدينتي برج بوعريريج وميلة، اللتين كانتا إلى وقت قريب، لا تعرفان ظاهرة الاستعمال المتهور للدراجات النارية، فرصدت انطباعات عدد من صادفتهم في الشارع، حيث انتقد العديد منهم ما وصفوه بـ "إهمال بعض أولياء الأمور متابعة أبنائهم، وتعريض حياتهم للخطر بشراء دراجات لهم في سن صغيرة جدا، وتركهم يقودونها بتهور في الشوارع والأزقة بدون الالتزام بمتطلبات السلامة المرورية، وأبسطها لبس الخوذة"؛ إذ يتعرض، حسب محدثي "المساء"، العديد منهم لحوادث خطيرة لقلة خبرة الأطفال في التعامل والتحكم بالدراجة، التي تمثل لهم لعبة مسلية، في حين أنها تجعلهم عرضة للوقوع في كثير من الحوادث الخطرة، قد تنتهي بالموت، مؤكدين أن تهور الأطفال لا يتوقف عند هذا الحد، بل يقودون الدراجات النارية عكس السير.

وعلى الرغم من صغر حجم الدراجة، إلا أن المراهق يجد فيها متسعا لاصطحاب صديقه أو شقيقه أو جاره، لأخذه في جولة في الشوارع والمنعرجات والدوارات المزدحمة، وبين الأزقة والأحياء، ومتسللا بين السيارات بدون توفر أي عنصر من عناصر السلامة المرورية، وقد ملأهم الحماس. ورغم الحوادث الخطيرة التي ذهب ضحيتها شباب وأطفال، مازال هناك آباء وأمهات ينصاعون لطلبات أطفالهم بشراء هذه "الآلات القاتلة" لهم رغم صغر سنهم؛ إذ يعتبرون أن تحقيق رغبات أطفالهم أيا كانت، واجب عليهم بدون إدراك خطورة الأمر، الذي قد يكلفهم حياة ابنهم، يعيشون نتيجته ألما وحسرة لفقدانه.

الأطفال... المسنّون والعجائز أغلب ضحايا الدراجات النارية

خلال جولة قادت "المساء" إلى مستشفيات الولايتين للسؤال عن درجة خطورة حوادث المرور التي تتسبب فيها الدراجات النارية، تأكد أنها في ارتفاع متزايد؛ حيث صرحت سيدة وُجدت رفقة ابن أختها البالغ من العمر سبع سنوات والذي صدمته دراجة نارية، أن الطفل كان يلعب بجوار منزله إلى أن أتت دراجة نارية وصدمته، لتتركه مغشيا عليه، ولحسن الحظ تسببت له في جروح خفيفة. ولم تقتصر حصيلة ضحايا الدراجات النارية على هذا الطفل فقط، بل امتدت إلى مزيد من الضحايا، رصدناهم في مصالح الاستعجالات، أغلبهم من المسنين والعجائز، ناهيك عن حوادث الاصطدام، التي تكون الدراجات النارية سببا في حدوثها، خاصة في مواكب الزفاف والأفراح، وفي الحلقات التي يتم تشكيلها من طرف هواة الاستمتاع بقيادة الدراجات النارية والتسابق بها في الوسط الحضري، والتي عادة ما تتسبب في الزحام المروري، وحوادث الاصطدام بين المركبات، ناهيك عن الصخب والضجيج الصادر عن صوت محركات الدراجات، وهو ما أصبح يبعث الرعب في نفوس المارة وأصحاب السيارات بالنظر إلى التزايد المفرط في الحوادث المسجلة من قبل أصحاب الدراجات في الفترة الأخيرة.

سائقو الدراجات النارية: القيادة متعة لا يحس ّ بها إلا المولَع بها

وفي ذات السياق تحدثت "المساء" إلى بعض سائقي الدراجات النارية، لمعرفة رأيهم في الأمر، ولكنهم جميعا أجمعوا على أن سياقة الدراجة النارية هي موضة العصر؛ لأن فيها متعة لا يحس بها إلا سائق الدراجة النارية؛ حيث يجتمعون في الفترات المسائية للتسابق والتباهي بدراجاتهم النارية، وقيادتها بسرعة مفرطة، وهو ما يشبه إلى حد بعيد، مسابقات المغامرة في قيادة الدراجات، ولكنهم، في الوقت نفسه، نسوا أن أغلب حوادث المرور التي وقعت، أسبابها سائقو الدراجات النارية، الذين لم يتجاوز سنهم 25 سنة، وقد يصل الأمر إلى وفاتهم.

المصالح الأمنية تدعو أصحاب الدراجات إلى الالتزام بقانون السير

من جهتها، المصالح الأمنية؛ من أمن ودرك وطنيين، دعت من خلال حملاتها التحسيسية، سائقي الدراجات النارية إلى الالتزام بقانون المرور، حرصا على ضمان راحة وسلامة المواطنين أثناء تنقلاتهم، خاصة داخل المدن والتجمعات السكنية والمناطق الحضرية؛ من خلال التقيد بقواعد السياقة؛ على غرار تجنب الإفراط في السرعة، وعدم إجراء المناورات الخطرة داخل المناطق الحضرية، ووضع الخوذة الواقية من الصدمات، وكاتمات الصوت الخاصة بالدراجات النارية لتفادي إزعاج المواطنين، إلى جانب تجنب نقل الأطفال الصغار أو تمكينهم من قيادة هذا النوع من الدراجات.

وبالنظرا إلى تفشي ظاهرة الإفراط في السرعة داخل المدن وخارجها وخطورة المناورات التي يقوم بها أصحاب الدراجات النارية، شرعت، مؤخرا، مصالح الشرطة في حجز تلك التي لا يمتثل أصحابها لمختلف قواعد السلامة المرورية، ويضربون عرض الحائط قانون المرور الخاص بهم، وهي الحملة التي رحب بها كل من استجوبتهم "المساء"، مؤكدين أنها تحمي السواق قبل الراجلين، وطلبوا بوضع قوانين ردعية وصارمة؛ من أجل التقليل من هذه الظاهرة.