حرائر الشرق في سباق مع الزمن لاستقبال العيد
بحث عن نكهة أصيلة امتزجت بعادات دخيلة

- 659

دخلت منذ أيام قليلة، حرائر مناطق الشرق الجزائري والهضاب العليا، على غرار برج بوعريريج، ميلة وسطيف، في سباق مع الزمن، تحضيرا لاستقبال عيد الفطر المبارك، الذي سيحل علينا بعد أيام قليلة، بتجهيز كل ما يرافقه من متطلبات ومقتنيات، رغم غياب نكهته، حسب بعض سيدات الزمن الجميل، ولمعرفة الفرق بين الزمنين، ارتأت جريدة "المساء"، أن تستطلع آراء بعض النسوة من هذه المناطق.
شرعت ربات البيوت في الاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك، بداية بتنظيف المنزل، إلى صنع الحلويات، من خلال حملة تنظيف عامة، تشنها النساء في البيت، لتشمل كل ركن من أركانه، خاصة إذا كانت ميزانية البيت لا تسمح بتغيير الطلاء أو الديكور، مما يجعلها تأخذ على عاتقها مهمة القيام بأعمال التنظيف المعمقة، مضطرة إلى التقشف على حساب صحتها، فتخصص يوما بكامله لكل غرفة من الغرف، لتنظيفها بدقة ونزع الغبار عنها وتعليق المفروشات، تاركة الاهتمام بالمطبخ وقاعة الجلوس أو الاستقبال في المرحلة الأخيرة، لتبقى محتفظة بنظافتها لأطول فترة ممكنة، وفي مقابل ذلك، توجه الأموال التي تم ادخارها من تجنب تحويل المنزل إلى ورشة، نحو شراء مفروشات جديدة وأكسسوارات منزلية جذابة، تعطي قاعة الاستقبال جوا خاصا، يمكن الضيوف من الراحة في البيت ويحظى بإعجابهم، فتستغل ربات البيوت الفرصة لشراء كل ما هو جديد.
وقد أكدت السيدة هاجر لـ"المساء"، أن العيد فرصة لإعادة ترتيب أثاث البيت وتزيينه بكل ما يمكن أن يعطي له صورة أجمل، في هذه المناسبة السعيدة، التي تكون فرصة لتبادل الزيارات وصلة الرحم، وبعد الانتهاء، تشرع في إعداد الحلويات المختلفة، على غرار "المقروط"، "التشراك"، وكذا بعض الحلويات التي تعتمد على الكتب في تحضيرها. أما سيدة أخرى، فصرحت أنها تقوم بمساعدة بناتها على استقبال العيد بأحلى وأجمل عيد من حيث الزينة، من خلال حملات النظافة والتزيين، قبل أن يخرجن لاقتناء مستلزمات الحلويات التي ستتزين بها مائدتهن خلال يومي العيد.
الحلويات الجاهزة تفقد نكهة العيد
اقتناء الحلويات الجاهزة، سواء من المحلات، أو من عند السيدات اللواتي يتفنن في إعدادها وبيعها، ظاهرة انتشرت وسط العائلات في الهضاب العليا، إن لم نقل عبر كامل التراب الوطني، حيث قالت، في هذا الشأن، السيدة حدة، صاحبة الستين عاما، إن "اقتناء الحلويات الجاهزة يفقد العيد نكهته، ففي الماضي، لا يفضل الرجل أكل الحلويات الجاهزة، ويطلب من زوجته إعدادها، حتى يكون للعيد طعم آخر، أما الآن، فهو الذي يقوم بجلبها خوفا على أنامل زوجته"، أما السيد علي، فأكد أنه لا يحب اقتناء الحلويات، بل يفضلها جاهزة من صنع بناته وزوجته، مضيفا أن العيد بدون حلويات في المنزل ليست له أية نكهة. وترى السيدة نوال، بأن عملها خارج المنزل وتعدد مسؤوليتها داخله، يجبرها على اقتناء الحلويات وشرائها من السيدات، لحفظ ماء الوجه يوم العيد، وقالت السيدة زهية، موظفة متقاعدة "حتى إن كانت الحلويات التي أعدها لا ترقى لمستوى تلك التي تباع في المتاجر، فأنا أفضل مع ذلك، تحضيرها بنفسي، فتحضير الحلويات جزء من الاحتفال بعيد الفطر، ولا يمكنني تصور عيد بدون حلوياتي"، في حين قال السيد عمر، إن لديه ذكريات جميلة عن رائحة ماء الورد واللوز المحمر، التي كانت تملأ بيته عندما كان طفلا، وقال وهو يتذكر رائحة طهي الحلويات؛ أحب أن يستوعب أولادي هذا الجو الخاص، لكي يتمكنوا من نقل نفس التجارب للأجيال القادمة، وقال إنه يطلب من زوجته عدم شراء الحلويات من المتاجر.
مائدة العيد بين الماضي والحاضر
عن أهم الحلويات التي كانت أنامل المرأة الشرقية تتفنن فيها، اقتربت "المساء" من الحاجة زوليخة، التي قالت بنبرة حزينة "يا حسراه على ايام زمان وين كانت ريحة الغريبية والمقروط والكعك تريح فكل كوزينة، قبل عشر أيام من العيد.." مضيفة "رغم أن العيد هو العيد، إلا أن نكهته لم نعد نراها في الحاضر"، مردفة "أن عيد سنوات السبعينات والثمانينات، يختلف كل الاختلاف عن أعياد هذه السنوات، بحيث كنا في الماضي، نستقبل العيد بإعداد أفضل الحلويات، ويقوم الزوج بشراء المقتنيات، في وقت لا يوجد لا كتاب طبخ ولا أنترنت، وتشرع السيدات في صناعة الحلويات، من المقروط إلى التشاراك إلى الصابلي وغيرها، وهي الحلويات التي يكون لها طعم خاص، ولا زالت إلى يومنا هذا، السيدة الشرقية تحرص دائما على المحافظة على هذه العادة الأصيلة، التي تضفي أجواء عائلية تصنع حلاوة العيد، ولا يمكنها التفريط فيها"، وقالت أيضا بأنها رغم وجود بناتها وزوجات أبنائها، إلا أنها تقوم بتحضير "المقروط" و"الغريبية" وبعض الحلويات التقليدية التي لا تستغني عنها مائدة الحاجة زوليخة في أيام العيد الفطر المبارك، مسترسلة في حديثها "أما الآن، فأصبحت المرأة هي التي تقوم بشراء المستلزمات، وتعتمد على كتب الحلويات، وبالرغم من اعتمادها على الكتب، إلا أن الطعم لا يضاهي طعم حلويات زمان"، أما السيدة نوال، فأكدت بأنها تعتمد على كتب الحلويات، خاصة المشرقية منها، وتقوم بتحضير حلويات العيد، فالحلويات المشرقية، حسبها، لها طعم رائع، على غرار المعمول السوري، الكنافة، البرما بالفستق، أما عن الأطباق التقليدية، فأكدت أنها لا تعرف عنها سوى الإسم، لأن إعدادها صعب، حسب محدثتنا، بالرغم من أن زوجها يفضل الحلويات التقليدية.