فيما يدعو علماء الدين إلى تشديد العقوبات على مرتكبيها

انتهاك حرمة رمضان تثير حفيظة الصائمين

انتهاك حرمة رمضان تثير حفيظة الصائمين
  • القراءات: 2212
 رشيدة بلال رشيدة بلال
تطرح مع حلول شهر رمضان من كل سنة إشكالية من ينتهكون حرمة الشهر الفضيل بالإفطار علنا سواء كانوا يملكون رخصة، أولا. وعلى الرغم من قلة عددهم إلا أن إقبالهم على الأكل أو الشرب علنا أمام عامة الناس ولد حالة من النفور والسخط لدى الصائمين. وظهر البعض ممن يعلنون المعصية بإفطارهم لمجرد شعورهم بالغضب أو النرفزة أو لسوء حالتهم النفسية وفي بعض الأحيان من دون سبب يذكر. هي مجموعة من الشهادات رصدتها «المساء» في جولتها الاستطلاعية لبحث واقع الأشخاص الذين ينتهكون حرمة الشهر الفضيل من دون وجود أي رخصة، حيث روت لنا سيدة في الأربعين بسوق ساحة الشهداء تفاصيل حادثة ولدت لديها شعورا بالغضب والاشمئزاز، إذ قالت أنها رأت شخصين بالغين لا يبدو عليهما المرض يتلذذان بتدخين السجائر في ساحة عمومية الأمر الذي جعلها تطرح السؤال التالي: «لم ينتهك هذان الرجلان حرمة رمضان علنا ولا يعيران الصائمين أي اهتمام؟ حدقت فيهما طويلا وعلامة الاستفهام بادية على وجهي ثم غادرت وكلي أسف على هذا الفعل». بينما حدثنا رجل دين عن حادثة مماثلة قائلا «إنه شهد مؤخرا إقدام رجل بالغ كان يقف وسط الطريق المقابل للجامع الكبير بالعاصمة على شرب الماء، الأمر الذي جعل رجال الأمن يلتفون حوله سريعا ليتم نقله إلى مركز الشرطة لفهم خلفية قيامه بهذا الفعل في وضح النهار وأمام الملأ. ومن الروايات التي رصدناها أيضا إقبال شاب من سكان حي القصبة العريقة على الجهر بالأكل والمساس بحرمة شهر رمضان، فيما روى لنا شاب في مقتبل العمر حادثة أخرى لرجل اقبل على أكل قطع من القلب اللوز بالمخبزة التي كان يشتري منها الخبز، وعندما لاحظ الشخص أنه يحدق به رد عليه قائلا: «إنه مصاب بداء السكري» فقال «ما كان مني إلا أن علقت بالقول: على الأقل لا تجهر بالأكل ما دمت تستطيع، حتى لا تنتهك حرمة رمضان، فليس كل من ينظر إليك يعرف أنك مريض». وأمام انتشار مثل هذه الظواهر أبدى عدد من المواطنين الذين تحدثت إليهم «المساء» أسفهم تجاه الأشخاص الذين يقبلون على الأكل دون أدنى شعور بالمسؤولية، حيث قالت السيدة فريدة من سكان القصبة العريقة «إنها لا تأبه لمن يقرر الإفطار سواء كان يملك رخصة أو لا، ولكن في المقابل هو مطالب بأن يحترم غيره. وعوض الجهر بذلك عليه أن يختفي عن الأنظار ويفعل ما يشاء مادام أن الله وحده هو من يعاقب الناس». ويحدثنا في الموضوع موسى زروق إمام بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة فيقول (بإن الصيام يعتبر من الأركان الخمسة، ومن أعظم العبادات التي أمرنا بها الله، ومن خصائص الصيام أنه لله وهو الذي يجزي به، انطلاقا من هذا نجد أن الإسلام لا يتساهل مطلقا مع الأشخاص الذين ينتهكون حرمة رمضان، فبالرجوع إلى أهل العلم يقول «نجد أنهم أقروا بأن الذين يملكون أعذارا للفطر في نهار رمضان مطالبون بعدم الجهر بإفطارهم، حتى لا يظن الناس بهم السوء وكي لا يقتدي بهم الاغرار أو الجهّال الذين لا يدركون حقيقة فعله (أي أنه يملك الرخصة) فيسعون إلى تقليده، أما بالنسبة للذين يجاهرون بالفطر فهؤلاء جاء فيهم وعيد شديد كما رواه الإمام النسائي عن أبي امامة البهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في معنى الحديث أنه رأى في المنام كيف كان المفطرون قبل حلول موعد الإفطار يعذبون.. ويعلق الإمام، فما بالك بالذين يتعمدون الأكل ولا يعيرون شهر رمضان أي اهتمام هؤلاء عقابهم عند الله شديد». ويصف الإمام موسى إقبال هؤلاء على الجهر بإفطارهم بأنه نوع من الاستفزاز للمجتمع الذي يعيشون فيه، فقد تدفعهم حالة الغضب، النرفزة، الشعور بالتعب الشديد، القنوط، عدم القدرة على تحمل خبر أو فعل ما إلى الإقدام على الأكل كنوع من الانتقام أو من أجل جلب الانتباه فيكون رمضان هو الضحية، وفي المقابل نعتقد أن محاربة مثل هذه المظاهر يتطلب أن يتعلم المواطنون الذين يبلون بلاء حسنا برفض مثل هذه التصرفات كيفية التدخل للتحاور معهم، إذ يدخل هذا في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ناحية أخرى على المسجد أيضا أن يكثّف من نشاطاته التحسيسية في مجال التثقيف الديني حول رمضان، فعلى الرغم من أن المجتمع الجزائري أصبح أكثر وعيا بالأمور الدينية، إلا أن التذكير يظل أيضا مطلوبا لوضع حد أمام مثل هذه التصرفات اللا مسؤولة. نحو تشديد العقوبة على منتهك حرمة رمضان وإذا كان الإمام موسى زروق يرى بأن معالجة ظاهرة انتهاك حرمة رمضان من أشخاص واعين يتطلب التركيز على التثقيف الديني، وتوعية المجتمع للإسهام في الحد من هذه الظواهر الشاذة على المجتمع الجزائري، فإن زين الدين العربي إمام أستاذ رئيسي بمسجد ابن فارس بالقصبة، عضو المجلس العلمي بالعاصمة يرى بأن انتهاك حرمة رمضان يعرف انتشارا ملحوظا في الآونة الأخيرة وننظر إليه من منظارين، الأولى يجب على القانون الجزائري أن يقف له بالمرصاد، وقد ذكر الفقهاء أن من انتهك حرمة رمضان وجب على القاضي أن يؤدبه بالضرب أو السجن، وهو ما يسمى بالتعزير وأمام هذا نطالب من الجهات المعنية تشديد العقوبات الخاصة بانتهاك حرمة رمضان ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه الإقدام على هذا الفعل من دون سبب، أما المنظار الثاني فيتطلب تحرك المجتمع لوضع حد لهؤلاء بالاعتماد على الوعظ والإرشاد. وفي رده عن سؤالنا حول وجود نص قانوني يعاقب على انتهاك حرمة رمضان، أكد محدثنا أن المادة موجودة بقانون العقوبات غير أنها ليست واضحة، وتتطلب إعادة النظر فيها بتشديد العقوبة والقيام مثلا ببحث لفهم أسباب إقدامه على هذا الفعل درء للفتن والمفاسد. عادة يقول محدثنا هنالك نوعان من الذين ينتهكون حركة رمضان بالجزائر النوع الأول عادة ما يكون مريضا نفسيا وهي الحادثة التي وقفنا عليها بحي القصبة، حيث تم اقتياد شخص أقبل على انتهاك حرمة رمضان من طرف مصالح الأمن وتبين بعد ذلك أنه مريض، أما النوع الثاني فهو من يتعمد الإفطار هذا نطالب بتأديبه بأشد العقوبات.