انتعاش مهنة شحذ السكاكين مع اقتراب العيد

انتعاش مهنة شحذ السكاكين مع اقتراب العيد
  • القراءات: 1289
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تشكل طاولات شحذ السكاكين وبيعها بمختلف أنواعها وأحجامها، ديكور مميزا بمختلف شوارع العاصمة في هذه الأيام، فهي مشاهد تعوّد عليها المواطنون الذين يتوافدون على الأسواق حاملين سكاكينهم بمختلف أحجامها لشحذها؛ تحضيرا لنحر أضاحيهم، باحثين عن أحسن شحاذ يتمتع بخبرة في ذلك.

وتنتعش هذه الحرفة خلال الأيام القليلة التي تسبق عيد الأضحى المبارك، منذ سنوات؛ إذ ينصب العديد من الشحاذين آلاتهم البسيطة في الشوارع وبمحاذاة بعض الأسواق الشعبية، ليقبل عليها المواطنون بسكاكينهم من أجل شحذها حتى تصبح حادة وجيدة لعملية النحر، كآخر تحضير لاستقبال هذه المناسبة العظيمة، في حين يفضل البعض الآخر شراء سكاكين جديدة، من شأنها مساعدتهم في عملية النحر، فبالنسبة لهم كلما كان السكين جديدا كانت العملية أسهل وأرحم على الأضحية، وهذا ما وقفت عليه "المساء" خلال جولتنا في بعض شوارع العاصمة التي غصت بهذه الطاولات؛ حيث يكاد الحي يجمع بين عشرات الحرفيين.

نشاط شحذ السكاكين في الأيام التي تسبق العيد من أهم التحضيرات التي تنعش حركة السوق، حيث أصبحت بالنسبة للعديد من العائلات عادة وتقليدا لا يتجزأ من هذه المناسبة العظيمة. وككل مناسبة دينية أو عيد وطني تظهر العديد من الحرف الموسمية لشباب ورجال وحتى أطفال يستغلون تلك المناسبة ويرونها مواتية لجمع أموال تساعدهم على سد بعض الحاجيات من جهة، كما أنها خدمة للمجتمع من جهة أخرى.

وبعدما كانت هذه الحرفة حكرا على رجال متقدمين في السن وبعض الشيوخ الذين يملكون الخبرة في هذه المهنة التي تُعد خطيرة، فإن الشباب أقبلوا عليها اليوم، وتعلّموا أصولها وأصبحوا يحاولون تأديتها رغم معرفتهم بخطورتها، منهم البطالون الذين نصبوا طاولاتهم تقريبا في كل ركن من أركان الحي، واستطاعوا ربح مداخيل لتغطية حاجياتهم.

أشار الشاب بلال الذي نصب طاولته ببلدية باب الزوار في حديثه إلينا، إلى أن الآلة كانت ملكا لأبيه المتوفى رحمه الله، وظلت معزولة بالمستودع داخل البيت لأكثر من ثلاث سنوات، ولم تسمح الأم باستعمالها لخطورتها وعدم تمكن  الابن المراهق من التحكم فيها. ويواصل قائلا إنه بعد بلوغه 20 سنة سمحت له أمه بعد إصرار طويل، باستغلالها، موضحا أنه لأول مرة سيمارس هذه المهنة رفقة صديقه الذي سيساعده، مؤكدا أن العملية لن تكون سهلة، وتتطلب الكثير من الحذر لتفادي أي حادث بسبب حدة الآلة أو السكاكين. وأشار بلال إلى أن الإقبال على آلته في اليوم الأول كان محتشما؛ نظرا لتفضيل المواطنين حرفيين كبارا في السن، إلا أنه بعد أن لاحظ الكثيرون مهنيته التي تظهر من خلال عمله المتقن الذي ورثه عن أبيه، شهدت الأيام الثانية وما بعدها، حسبه، توافدا كبيرا للمواطنين الراغبين  في شحذ سكاكينهم؛ إذ اصطفّوا في طابور لانتظار دورهم، طالبين منه الحذر لصغر سنه، من جهته، أكد عبد الرءوف ـ 55 سنة، زاول هذه الحرفة منذ 20 سنة ومعتاد على النحر أيام العيد بمقابل مادي ـ أن هذه الحرفة جيدة؛ يقول: "حقيقة هي تدرّ علينا مداخيل جيدة، كما أنها رحمه للأضحية حتى يتم نحرها بسرعة وبدون عذاب، كما أوصى الرسول الكريم". وأوضح المتحدث الذي يعمل كحداد في باقي أيام السنة، أن اختفاء هذه الحرفة نسبيا في السنوات الأخيرة، راجع إلى اقتناء المواطنين سكاكين جديدة بدون العودة إلى القديمة التي مر عليها سنتان أو ثلاث، لاسيما بعدما ارتفع سعر عملية الشحذ الذي يختلف حسب حجم السكين، لتتراوح بين 200 و300 دينار.