تفاديا للوقوع في فخّ تحضيرات "الوقت البدل الضائع"

الوكالات السياحية تستبق برمجة الرحلات نحو الجنوب

الوكالات السياحية تستبق برمجة الرحلات نحو الجنوب
  • 176
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

سجّلت الوكالات المهتمة بالسياحة الداخلية، لاسيما الصحراوية منها، حضورا قويا في الصالون الدولي للسياحة والأسفار، الذي اختتمت فعاليته، مؤخّرا بقصر المعارض بالصنوبر البحري، حيث ارتأت الوكالات التشجيع على استباق تنظيم رحلات نحو الجنوب، قبل موعدها بأشهر، من أجل تنظيم فعّال وتفادي الوقوع في فخّ تحضيرات "الوقت بدل الضائع"، التي قد تكلّف الكثير وتدخل وكالات الجنوب في "ركود كبير" في موسم السياحة الصحراوية بسبب تراجع الكثير من السيّاح عن الحجز بسبب ارتفاع الأسعار أو تراجع خيارات الحجز.

أبرز الصالون الدولي للسياحة والأسفار، الذي شاركت فيه أكثر من 24 دولة و250 عارض، السياحة الصحراوية، من خلال عرض مختلف الحرف والصناعات التقليدية وكذا العادات والتقاليد من الأكل، الرقص الشعبي التي تميّز الصحراء الجزائرية، بهدف الترويج للزوّار، ودغدغة فضول الراغبين في التجوال نحو وجهة سياحية جديدة، تختلف تماما عن باقي الوجهات السياحية الأخرى.

في هذا الصدد، أوضحت الحرفية في صناعة الحلي الفضية من ولاية تندوف السيدة عائشة، أنّ المعرض جاء كفضاء للتعريف بصناعات مختلفة من الصحراء ومنتجاتها إلى جانب تراثها وثقافاتها وصناعاتها التقليدية، وهو، في نفس الوقت، مناسبة للمؤسّسات والشركات والفاعلين الاقتصاديين لعقد اللقاءات المهنية والاتفاقيات الثنائية والترويج لسياحة البلد، والتبادل السياحي والتقنيات الرقمية والتكنولوجية الحديثة في المجال السياحي، التي تسعى كلّها إلى تسهيل عمل الوكالات وضمان خدمات خمسة نجوم للمواطنين والسياح الراغبين في السفر.

من جهته، قال الحرفي في صناعة الحلي "الترقية" السيد لخضر إنّ الصالون هو فرصة لترويج السياحة الصحراوية وعرض إمكاناتها، لاسيما أمام السائح الجزائري، مشيرا إلى أنّه على ما يبدو غنية عن التعريف بالنسبة للأجنبي، أما الجزائري فهو أقلّ بحثا عن تلك الوجهات، فالصالون، حسب المتحدّث، سعى في هذه الطبعة إلى جذب الاستثمارات في هذا القطاع وتطويره، وتسليط الضوء على المقومات السياحية الفريدة للمناطق الصحراوية، وتعزيز السياحة المسؤولة، وتنمية المجتمعات المحلية، خاصة تطوير الفكر السياحي وسط المجتمع الجزائري، بتشجيعه على الوجهات المحلية الغنية التي تمنح تجارب فريدة وجميلة قد تكون أحسن من الوجهات الأجنبية.

وتعدّدت، من خلال معرض السياحة، العروض التي تحضّر لها الوكالات قبل موعدها، وأحسنت الترويج لها، لاسيما بفضل منازل الضيافة التي تشبه الفنادق الصغيرة، والخيمات التي عرض مروّجوها صور وفيديوهات لها عبر شاشات داخل تلك الأجنحة الخاصة بالسياحة الصحراوية، وتعكس دفء الاستقبال واستيعاب السياح في أجواء تقليدية، تتماشى وميزة الصحراء، حيث تتنوّع تلك العروض، حسبما وقفت عليه "المساء"، خلال تجوالها بالصالون الدولي للسياحة والأسفار، الوجهات الصحراوية بين بشار، طاسيلي، جانت، تمنراست، تندوف وغيرها من الوجهات الجنوبية، وكانت بعضها تتحدّث حتى عن احتفالات رأس السنة، التي لا تزال تفصلنا عنها أشهر عديدة، أو احتفالية المولد النبوي الشرفي، أو بكلّ بساطة الاسترخاء في الأجواء الصحراوية، بعيدا عن ضوضاء ليس المدينة فقط، بل الحياة بشكل عام، إذ تفصلك تلك الأجواء، حسبما أجمع عليه عدد من روّاد تلك الوكالات السياحية، عن روتين الحياة المقلق، وتبعثك إلى عالم بأبعاد مختلفة تماما، وكأنّها تنقلك إلى عالم مختلف تماما، وخلقت كلّ تلك العروض المتعددة نوعا من المنافسة القوية بين الوكالات السياحية.

من جهتها، قالت مريم صاحب وكالة سياحة وأسفار، ومهتمة بالسياحة المحلية بالتحديد السياحة الصحراوية، إنّ الجزائري ليس لديه ثقافة للتخطيط لرحلاته وسفره قبل أشهر عديدة، ما يجعله في آخر المطاف ومع اقتراب موعد عطلته السنوية، يسارع إلى البحث عن وجهة جيّدة وبأسعار مغرية، إلاّ أنّ ذلك غير ممكن ولا يتماشى لضيق الوقت مع العروض الجيّدة، لأنّ تكاليف كلّ حجز سواء فندق أو تذكرة طيران في غير فترات التخفيضات، ستكون بالضعف أحيانا، وهذا ما يجعله يدفع الكثير مقابل نفس العرض الأقل سعرا في فترة أخرى أو يتراجع تماما عن تنظيم رحلته، وعليه جاء هذا الصالون لتشجيع الفرد على الحجز المسبق ولا يهم إن كان ذلك بثلاثة أو خمسة أشهر أو حتى أكثر، عن موعد الرحلة.

من جانبه قال عبد الله، صاحب وكالة سياحة وأسفار إنّ الفضل في الترويج للوجهات المحلية، يعود بشكل خاص لمواقع التواصل الاجتماعي، التي ساهمت بشكل كبير في التعريف بالكثير من الوجهات المحلية، خاصة الصحراء الجزائرية، التي تعدّ من أجمل صحاري العالم، لديكورها الرائع والتاريخ الذي تحمله أحضان تلك الطبيعة، التي تثير فضول المغامرين وعشّاق الاستكشاف، خصوصا وأنّ جانبا منها يعود إلى حضارات غابرة لا يزال يحاول العلماء اكتشاف الغموض فيها.

وعن تكاليف تلك العروض، اتّضح من خلال تجوال "المساء" أنّ الكثير منها لا يزال في طور التفاوض مع الفنادق ودور الضيافة بالصحراء، من أجل الوصول إلى أحسن العروض بأقلّ التكاليف خصوصا وأنها عطل قصيرة الإقامة.

للإشارة، عرفت الطبعة مشاركة مختلف الفاعلين والشركاء في قطاع السياحة والصناعة التقليدية لاسيما المؤسّسات تحت الوصاية، وكالات السياحة والأسفار، متعاملون سياحيون، مؤسسات فندقية عمومية وخاصة، حرفيون، ومؤسسات خدماتية كالبنوك والتأمينات والنقل، جمعيات ودواوين سياحية، بالإضافة إلى أصحاب المؤسّسات الناشئة الناشطين في المجال السياحي والرقمنة السياحية، إلى جانب عدد من ممثلي الدول الأجنبية وسفاراتها.

ويعدّ الصالون الدولي للسياحة والأسفار من أهم التظاهرات السياحية المنظّمة في الجزائر وفرصة سانحة لتعزيز الوجهة السياحية الجزائرية، حيث ارتأى منظموه هذه السنة، تسبيق تحضيرات السياحة الصحراوية، كنوع من الاستراتيجية الجديدة لترويج أحسن وأكثر فعالية لتلك الوجهات، وفتح مجال التعاون والتنسيق بين مختلف المتعاملين الجزائريين والأجانب من أصحاب الفنادق ووكالات السياحية والأسفار ومستثمرين ومسيّري المؤسّسات الفندقية والسياحية لعرض العمل على منتجات مشتركة، وكذا تبادل الخبرات وإقامة شراكة مع مختلف المهنيين والفاعلين في المجال السياحي.