لا يحبذها المختصون ويراها البعض عامل جفاء

الوسائط التكنولوجية تعيد صلة الرحم التي قطعها الوباء

الوسائط التكنولوجية تعيد صلة الرحم التي قطعها الوباء
  • القراءات: 1055
رشيدة بلال  رشيدة بلال

أثرت جائحة "كورونا" في موجتها الثالثة، على العلاقات الاجتماعية التي اتسمت بالبرودة والجفاء، فشراسة الوباء في صورته المتحورة "دالتا" وسرعة انتشاره، جعلت البعض يقطع علاقاته مع أقرب الناس إليه، خوفا من العدوى، بل وأكثر من هذا، لم يعد هناك حديث عن صلة الأرحام التي دعت إليها الشريعة الإسلامية، لما فيها من أثر كبير في تحقيق الترابط الاجتماعي. والسؤال المطروح: هل يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي، أن تعيد هذه القيمة الاجتماعية الدينية التي قطعها الوباء.

تحولت العلاقة الاجتماعية بين الناس، إلى علاقات افتراضية يتم تصريفها عبر مختلف الوسائط الإلكترونية المتاحة، سواء بتقصي الأخبار عبر صفحات "الفايسبوك"، أو بالسؤال عن الأقارب بـ"الفايبر"، أو "ماسنجر" أو غيرها من الوسائط الالكترونية، وعلى الرغم من أن هذه الوسائط إلى وقت قريب، كانت غير محببة من طرف المختصين في الشريعة والاجتماعيين،  كونها، حسبهم، تتصف بالجفاء وتغيب فيها العواطف، غير أن وباء "كورونا" غير كل الموازيين، حيث تحولت في ظل الظروف التي نعيشها إلى مطلب ملح وحل بديل، للإبقاء على العلاقات الاجتماعية، وهو ما تؤكده المختصة في علم الاجتماع الأستاذة راضية صايفي، التي تقول في معرض حديثها لـ"المساء"، بأن "الوباء الذي نعيش موجته الثالثة أثر كثيرا على العلاقات الاجتماعية والنفسية للإنسان، وخلف ثلاثة أنواع من الفئات؛ فئة أصبحت لا تبالي بمن حولها، وفئة دخلت في دوامة من الاكتئاب، وفئة أخرى اختارت العزلة بدافع الخوف".

 كل هذه التأثيرات حسبها "أثرت بشكل مباشر على علاقة الفرد حتى بأقرب الناس إليه، ومن ثمة فإن تأثير الوباء يقاس حسب طبيعة الشخص، فإن كان من الذين لا يبالون منذ البداية بالعلاقات الاجتماعية، فإن جائحة "كورونا" تعزز لديه هذا المعتقد، من خلال التخلي التام على السؤال عنهم، وإن كان العكس، فإن الأكيد أنه سيبحث عن البدائل المتاحة التي تجعله يطمئن عنهم، ولو كان ذلك بمجرد مكالمة هاتفية". من جهة أخرى، تشير المختصة الاجتماعية بأن التكنولوجيا اليوم، تلعب دورا هاما في تعزيز التدابير الوقائية، لأنها تمكن الفرد من السؤال عن أهله وأقاربه دون التنقل إليهم، حفاظا على سلامته وسلامتهم، مؤكدة أن ذلك قتل الشعور بالانتماء العائلي، كالاجتماع في المناسبات وتبادل الزيارات، الأمر الذي جعل العلاقات الاجتماعية يغيب فيها الشعور بالمودة والمحبة والدفء، ويحل محلها الشعور بالجفاء والبرودة، حتى مع أقرب الناس، بالتالي يمكن التأكيد بأن الوباء حقيقية عزز من أزمة صلة الرحم، والتكنولوجيا رفعت معدل الشعور بالاهتمام، رغم الجفاء، تقول المختصة.

التكنولوجيا.. العزلة الإجبارية التي فرضها الوباء

من جهته، يرى الأمام أكرم شاقور، بأن الشريعة الإسلامية دعت إلى صلة الرحم، لما فيها من أثر كبير في تحقيق الترابط الاجتماعي، وتنمية المحبة بين المسلمين، ولأهميتها اعتبرت من أسباب دخول الجنة، لذا حذر المولى عز وجل من قطع صلة الأرحام، يقول الإمام في هذا الصدد: "وأمام هذا أصبحت تصادفنا الكثير من التساؤلات حول كيفية تحقيق هذه القيمة الدينية والاجتماعية، أمام شراسة الوباء الذي يفرض العزلة والتباعد، حيث أصبح من الضروري الاستنجاد بما يوفره العلم من بدائل، ممثلة في مختلف الوسائط التكنولوجية التي أسهمت إلى حد ما، في التخفيف من وطأة الجفوة الإجبارية التي فرضها الوباء".

في السياق، أشار الإمام أكرم شاقور، إلى أن "المواطن اليوم، تبعا للظروف وحتى لا يلقي بنفسه إلى التهلكة، مدعو إلى التكيف مع الظروف، وتفقد الأهل والأقارب بما توفر لديه من وسائل، فيتكلم معهم، ويسأل عن أحوالهم ويطيب خواطرهم، ولا ينبغي أن يتحجج بعدم السؤال بسبب الفيروس، لأن صلة الأرحام من الواجبات وقطها يغضب المولى عز وجل".