ينافس الفواكه الموسمية بعنابة

"الهندي".. مورد للرزق وحلاوة الصيف

"الهندي".. مورد للرزق وحلاوة الصيف
  • 119
سميرة عوام سميرة عوام

يغزو التين الشوكي، أو كما يسميه العنابيون (الهندي)، وكثير من الجزائريين "كرموس النصارى"، أسواق وشوارع المدينة في فصل الصيف، ليفرض نفسه منافسًا قويًا للفواكه الموسمية مرتفعة الأسعار، مثل الموز والتفاح والعنب، بفضل سعره المقبول الذي لا يتجاوز 20 دينارا للحبة الواحدة، رغم مذاقه الحلو وقيمته الغذائية العالية، التي لا تقل عن أغلى الفواكه.

هذه الفاكهة، التي تنضج في ذروة الحرارة، تتميز بقشرتها الشائكة التي تخفي بداخلها لبًا طريًا مليئًا بالعصارة، منعشًا في حر الصيف. وهي غنية بالماء، والألياف، والفيتامينات، وتساعد على ترطيب الجسم، وتحسين الهضم، ودعم المناعة. لذلك لا تقتصر أهميتها على المذاق فقط، بل تجمع بين الفائدة الصحية والانتعاش الطبيعي في أيام الحر الشديد.

بالنسبة للكثير من الشباب البطالين، يشكل موسم التين الشوكي فرصة عمل حقيقية، ولو لفترة قصيرة. فمع بداية نضج الثمار، يتوجه هؤلاء إلى الحقول أو أطراف الجبال لجنيها بعناية، ثم ينقلونها إلى الأسواق أو نقاط البيع على الأرصفة والشوارع الرئيسية، حيث يعرضونها في صفوف منظمة، وألوانها الصفراء والخضراء والحمراء تزين المكان وتلفت الأنظار.

ويتميز باعة "كرموس النصارى"، بطريقتهم الخاصة في خدمة الزبائن، إذ يقومون بتقشير الثمرة في لحظتها باستخدام سكاكين حادة وحركات سريعة، ليقدموها جاهزة للأكل دون عناء إزالة الأشواك. هذه الخدمة، إلى جانب السعر الزهيد، جعلت الإقبال عليها كبيرًا، خاصة لدى العائلات ذات الدخل المحدود التي تبحث عن فاكهة لذيذة ومنعشة لا تثقل ميزانيتها.

ولا يقتصر استهلاك التين الشوكي على البيوت فقط، بل أصبح رفيق السهرات الصيفية والتجمعات العائلية، ومكملاً للرحلات إلى البحر أو النزهات في المساء. ويؤكد العديد من الباعة أن الطلب على هذه الفاكهة يتزايد عامًا بعد عام، خصوصًا مع الارتفاع الكبير في أسعار الفواكه المستوردة، أو تلك التي تحتاج إلى زراعة خاصة، مثل الموز والتفاح، ما جعل "كرموس النصارى" رمزًا صيفيًا بامتياز.

ويحمل موسم هذه الفاكهة أيضًا، بعدًا اجتماعيًا واقتصاديًا، إذ يوفر دخلاً مؤقتًا لعدد من العائلات، ويساهم في تحريك النشاط التجاري في الأحياء الشعبية. كما أنه يربط سكان المدينة بالمنتوج المحلي، الذي يحافظ على حضوره في الذاكرة الغذائية لأجيال متعاقبة، باعتباره فاكهة البساطة والبركة، التي تجمع بين الطعم الطيب والسعر في متناول الجميع. هكذا، يظل التين الشوكي أكثر من مجرد فاكهة موسمية، فهو فصل من فصول الحياة الصيفية في عنابة، ومشهد متكرر على الأرصفة والشوارع، ودليل على أن معرفة طرق العيش والاستمتاع بما هو متاح، وفي المتناول لا تحتاج إلى ثمن مرتفع.