تخصصت في صناعتها العائلات التلمسانية
"النوقَة" البيضاء.. حلوى تقليدية تعود إلى 5 قرون خلت

- 1086

تنتعش بمدينة تلمسان، صناعة حلوى "النوقة" التقليدية، التي باتت تعد في المنطقة واحدة من الحرف التجارية التي تمارسها عدة عائلات، وخلقت مشاريع مصغرة لأفرادها، وخلفت منافسة كبيرة في إعدادها، مما جعل منها منتجا تتزايد جودته من سنة لأخرى، دون أن تفقد تلك العائلات الوصفة الأصلية واللذيذة لتلك الحلوى، التي يعشقها كل كبير وصغير. قامت "المساء" بجولة في بعض المحلات المنتشرة بعاصمة الزيانيين، للتقرب من بعض حرفي هذه المادة الغذائية، التي أصبحت تعد جزء من تقاليدها، وتدرجها العائلات في الكثير من أفراحها ومناسباتها، حيث أوضح عدد من منتجي حلوى "النوقَة"، أن أصلها يعود إلى عهد الدولة العثمانية، مما يعني أن تاريخها يعود لأكثر من 5 قرون، وهي خليط من مكسرات وسكر محول إلى كاراميل، حتى بلوغ مرحلة التصلب، ليعطي بذلك مزيجا مثاليا لمحبي الحلويات، وخليط بين المكسرات المالحة والسكر.
زارت "المساء" أحد الدكاكين الصغيرة لبيع هذه الحلوى، لأحد أشهر صانعيها بالمنطقة، والتي تعود إلى عائلة بسيطة، لم تحقق ثراء فاحشا من وراء مهنتها، بل كانت قناعتها الحفاظ على هذا الموروث الذي يعود إلى 52 سنة خبرة، حيث أوضح مسير المحل، الذي هو أحد أقارب صانع الحلوى، بومدين، أن تجارة "النوقَة" تنتعش خاصة خلال مواسم الأعراس، حتى وإن كانت العائلات التلمسانية تقدس، على حد تعبيره، حفلات الزفاف وتنظمها على مدار السنة، إلا أنها تشتد خلال فصل الصيف، وحينها تزيد الطلبات على حلوى "النوقَة" من أجل تقديمها للضيوف وإدراج قطع منها داخل علب الحلوى المقدمة لهم، كما يقدمها آخرون رفقة القهوة عند قدوم ضيف عزيز إلى البيت، وإكرامه بحلويات تقليدية من التراث التلمساني.
تختلف أشكال وأنواع هذه الحلوى التي تباع بالكيلوغرام، أي بما يرغبه الزبون، وألوانها تختلف بين البني والأبيض، وهذه الأخيرة أكثرها شهرة، تختلف باختلاف تركيبة الكاراميل ونوعها، كما أن نكهاتها تختلف باختلاف نوع المكسر المحضر بها، سواء اللوز أو الفستق أو الجوز أو الفول السوداني، وأكثرها شهرة تلك المصنوعة من اللوز، الذي تشتهر به المنطقة، مما يجعل صانعيها لا يجدون أي صعوبة في اقتناء المواد الأولية لتحضير هذه الحلويات. قال بومدين بأن تحضيرها لا يزال يتم على الطريقة التقليدية داخل ورشات صغيرة، تديرها عادة نساء العائلة، حيث يتقن تحضيرها بوصفة دقيقة، مما يحقق دائما الحصول على نفس المذاق دون المساس بأصالتها.