الإمام الأستاذ محمد عبد الرحمان بسكر لـ"المساء":

المودة والرحمة بين الأزواج سر نجاح الميثاق الغليظ

المودة والرحمة بين الأزواج سر نجاح الميثاق الغليظ
محمد عبد الرحمان بسكر، إمام أستاذ مكلف بالتفتيش والتوجيه الديني والتعليم القرآني بجامع الجزائر
  • 925
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

أكد محمد عبد الرحمان بسكر، إمام أستاذ مكلف بالتفتيش والتوجيه الديني والتعليم القرآني بجامع الجزائر ومقاطعة زرالدة، ورئيس اللجنة القاعدية لصندوق الزكاة بزرالدة، في تصريح لـ«المساء"، أن حسن اختيار الزوجة، أولى الخطوات لبناء بيت زوجي متماسك قوي، مع تقوى الله تعالي في المعاملة من الطرفين، والاقتداء بسنة المصطفى عليه السلام في بناء بيوت، يطبعها التراحم والود من أجل مجتمع قوي لا تهزه الأزمات.

يقول الإمام الأستاذ محمد عبد الرحمن بسكر، رئيس شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بلدية الرحمانية، إن عملية بناء أسرة سليمة على ضوء الكتاب والسنة، يكون بالإكثار من الاستغفار ودعاء الله تعالى وحسن اختيار الزوجة، أو حسن اختيار الزوج.. والتماس دعاء الوالدين، لأنه يلتمس منهم الخير والبركة من كبار السن وأهل العلم والذكر والصالحين المصلحين من أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثم الحرص الشديد على تربية الأبناء والبنات ومتابعتهم ومرافقتهم وحسن صحبتهم ومراقبة رفقتهم..

وفيما يخص كيفية الاستفادة من مزايا الميثاق الغليظ في بناء المجتمع، قال الأستاذ وعضو لجنة اعتناق الإسلام بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر، وعضو لجان التحكيم في المسابقات القرآنية المحلية، هو أخذ الأزواج زوجاتهن بأمانة الله واستحلال فروجهن بكلمة الله، وورد أنه ما أخذ للمرأة على زوجها عند عقدة النكاح من عهد على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان، فأقر به الرجل، لأن الله جل ثناؤه، بذلك أوصى الرجال في نسائهم. فلو أن كل رجل عظم هذا الميثاق ولم يستهن به، وفعل ما أمره الله تعالى به تجاه زوجته وترك ما نهى عنه، لعاش المجتمع أسعد عيشة، حسب تأكيد المتحدث.

وحيال الواجبات الملقاة على عاتق المرأة لنجاح العلاقة، قال الأستاذ: "أول واجب هو طاعة زوجها في غير معصية الله تعالى، وصيانة عرضه ورعاية ماله وأولاده وشؤون البيت ولزوم بيت الزوجية، فلا يجوز لها مغادرة البيت إلا إذا رضي زوجها بذلك، بعد استئذانه"، ومن الأمور التي تساهم في نجاح العلاقة أيضا "أن تعامل أقارب زوجها معاملة حسنة، وأن تخفض صوتها وتكف يدها عن السوء ولسانها عن الكلام الفاحش.. وأن تحافظ على شرفها وشرفه، فلا تفتح المجال لأي شيء قد يخدش في الشرف أو يثير الشك والريبة ".. هذه أهم الأمور التي جاءت في الكتاب والسنة وتكلم عنها أهل العلم، وفق تأكيد الإمام.

حفظ الأسرار بين الأزواج ضرورة

فيما يخص الواجبات الملقاة على عاتق الرجل، للرقي بالعلاقة الزوجية، قال صاحب الإجازات والتزكيات من أصحاب الفضيلة والمشايخ، أنه من واجب الزوج، إن كان له أكثر من زوجة، أن يعدل بين زوجاته في الطعام والشراب والكسوة والمبيت والسكن، وأن يعاشر كل واحدة منهن بالمعروف، فإذا خاف نشوزهن وترفعهن عن طاعته في المعروف، أدبهن بما جاءت به الشريعة الإسلامية.. وأيضا أن يعلم زوجته الأمور الضرورية من علوم دينها وبما يساعدها في عبادة ربها من أحكام الطهارة والصلاة، وغير ذلك من أحكام الفقه الإسلامي والعقيدة الإسلامية، كأركان الإيمان وغيرها.. أيضا عليه أن يمنعها من معصية الله تعالى، كالتبرج والاختلاط بالرجال الأجانب وغير ذلك..."، من أهم الأمور التي تذكر في هذا الباب، وفق المتحدث: "قضية إفشاء الأسرار، عند بقاء العلاقة الزوجية أو حتى بعد انتهائها بالطلاق أو الخلع، فواجب على الزوج أن يحفظ سر زوجته أو طليقته، فلا ينشر عيوبها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: "إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها".

وفيما يخص مواصفات الزواج الناجح، قال الشيخ بسكر: "لابد من توفر صفات في الزوجين، حتى ينجح زواجهما، ويستمر، ولعل من أهم تلك الصفات، المودة والرحمة المتبادلة بينهما، وقد قال الله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".

أضاف قائلا: "ينبغي توفر الأمانة والثقة بين الزوجين، فلا يغش أحدهما الآخر ولا يخدعه.. كما ينبغي توفر الاحترام والتقدير والرفق في المعاملة والتضحية والتنازل على بعض الأمور والتغافل... إلى غيرهما من الصفات الحميدة التي ينبغي على كل من الزوجين أن تتوفر فيهما، لاستمرار الحياة الزوجية ونجاحها".

وأشار الشيخ بسكر، إلى أنه يمكن تفادي الصدام بين الأزواج، والذي يدفع ثمنه الأولاد، قائلا: "يمكن تفادي الصدام، بأن يعمل الزوجان بالنصائح التي ذكرناها، فإن وقع الطلاق أو الخلع -لا قدر الله- وقع على الأم واجب الحضانة والرعاية والتربية والتعليم، إن كان الأولاد صغارا، وعلى الأب النفقة وتوفير السكن وغيرهما مما لابد منه".

وأوضخ الشيخ بسكر، في الختام، بقوله: "إن وصية النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، تلخيصا لحسن التعامل بين الزوجين والمحافظة على المرأة التي تعتبر أسيرة في بيت زوجها، فالكريم يكرمها واللئيم يهينها، ولا يخاف الله تعالى فيها ... ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حب زوجاته، وحسن التعامل معهن، ولو تصفحنا صفحات سيرته العطرة، عليه الصلاة والسلام، لوجدنا صورا لا كان مثلها ولا سيكون، فعلينا إدامة النظر فيها وترجمتها، إلى واقع محسوس، لنقترب منها ونحتسب بها الأجر من المولى عز وجل، ونحافظ على أسرنا ومجتمعنا، والله يبلغ أسمى المقاصد لكل قاصد".