20 بالمائة فقط من منتوجهم يتم تسويقه
المواطن يشتكي والحرفي يبرر

- 892

يتجدد حنين المواطنين إلى الحرف التقليدية التي يتم تنظيمها في المعارض على مدار السنة، غير أنه سرعان ما يتلاشى بمجرد السؤال عن ثمن القطع المعروضة، ما يجعل الأغلبية تتجه إلى اقتناء ما هو مستورد، على الرغم من أن كل ما هو تقليدي يمثل التراث والأصالة ويساعد على تنمية السياحة، إلا أن ما يباع لا يتعدى سقف 20 بالمائة، حسب رضا يايسي رئيس الفيدرالية الوطنية للحرفيين.
تجولت "المساء" بمعرض الصناعات التقليدية الذي نظم مؤخرا في بلدية الأبيار، وعند احتكاكنا ببعض المواطنين من زوار المعرض، عبروا عن إعجابهم بكل ما تجري صناعته محليا سواء في صورة سلال تقليدية، أوان فخارية أو نحاسية من تلك التي تعود إلى الزمن الجميل، أو المشغولات الجلدية في صورة حقائب وأحذية، فهذه السيدة ربيعة من سكان المنطقة، كانت بصدد تفحص آنية مصنوعة من الفخار، قالت بأن كل ما هو تقليدي يعود بذكرياتها إلى الماضي، حيث كانت والدتها تطبخ لهم الطعام في مثل هذه الأواني ولا يزال ذوق الأكل التقليدي وطعمه يدغدغ حلقها كلما نظرت إلى مثل هذه الأواني، غير أنها تأبى شراءها بسبب غلاء الثمن، وتعنت الحرفي الذي يشتكي في كل مرة من صعوبة الحرفة وقلة العائد. وغير بعيد عنها، كان عمي حسان قد دخل هو الآخر في نقاش مع سيدة أعجبت بالقفة المصنوعة بالحلفة وأشارت في حديثها إلينا، إلى سبب تمسكها بها قائلة: "هذه القفة تشبه تلك التي كان والدي ـ رحمه الله ـ يشتري فيها مستلزمات المنزل، وكان لا يستغني عنها"، إلا أن ثمنها الذي بلغ سقف 2000 دج حال دون ذلك، وتعلق قائلة: "وطننا زاخر بالحرف التقليدية دقيقة الصنع، غير أن ثمنها المرتفع جعلنا نميل إلى كل ما هو مستورد أو بخس".
من جهته، كان مواطن آخر بصدد تفحص حقيبة جلدية، وبعد أخذ ورد مع الحرفي، قرر أن يشتريها، لأنها ببساطة تقليدية، وفي دردشتنا معه، قال بأن عيد مولد والده المسن على الأبواب، وبحكم أنه يحب كل ما هو تقليدي، اختار أن يشتري له هذه الحقيبة الجلدية ليحفظ فيها وثائقه ويعلق: "على الرغم من أن سعرها باهظ، إلا أن المناسبة تستحق اقناءها"، مشيرا إلى "أنه في غير هذه المناسبة يكتفي بالتفرج على ما يجري عرضه بأجنحة المعارض لأخذ فكرة حول مختلف الصناعات التقليدية التي تزخر بها الجزائر، ويتحاشى الشراء بسبب ارتفاع الأثمان".
يبدو أن أغلب زوار المعرض تفاعلوا بما تم عرضه من مشغولات تقليدية، غير أن الأثمان كانت في كل مرة هي المسؤول الرئيسي عن إبعادهم عن كل ما هو تقليدي، وحسب رضا يايسي رئيس الفيدرالية الوطنية للحرفيين والمشرف على فعاليات المعرض، فإنه يوجد نوعان من المواطنين؛ نوع يحب الصناعة التقليدية لأنها بشكل أو بآخر تذكره بالماضي الجميل وترمز إلى كل ما هو تراث، فيقرر اقتناء ما يعجبه حتى وإن كان باهضا، ونوع آخر لا يعرف قيمة الصناعة التقليدية، فتجده يبادر إلى السؤال عن الثمن مباشرة، ويضيف قائلا: "بحكم الخبرة التي تكونت عندي من مختلف المعارض التي يجري تنظيمها بمناسبة وبغير مناسبة، لاحظت أن الاهتمام بالصناعة التقليدية موجود، غير أن الشراء لا يتعدى سقف الـ20 بالمائة، أما 80 بالمائة المتبقية فتختار شراء كل ما هو مستورد بسبب فرق الثمن.
من أجل هذا، حبذا لو يجري معالجة هذا الإشكال بفرض ضرائب على السلع الأجنبية التي يتم استيرادها، لأن هذا العمل من شأنه أن يساوي بين ما هو معد محليا، وأخص بالذكر كل ما هو تقليدي، وبين ما يجري جلبه في هذا الإطار، ولعل المثال الذي يحضرني السلع الصينية التي تعد المنافس الشرس للصناعات التقليدية بسبب الثمن فقط". مشيرا إلى أن الحرفي لا يزال يتخبط في العديد من المشاكل التي تحول دون إمكانية مراجعته الثمن في ضل غياب فضاءات دائمة للعرض، وكذا قلة المادة الأولية في غياب مخزن وطني، فضلا عن عزوف بعض البلديات التعاون مع العارضين وتمكينهم من مساحات دائمة للعرض، الأمر الذي صعب عملية تسويق كل ما هو تقليدي.