بعدما أصبح التجار يستغلون الفضاءات لعرض سلع مقلّدة

المنتجات الصينية تهدد بزوال المعارض التقليدية

المنتجات الصينية تهدد بزوال المعارض التقليدية
  • القراءات: 516
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

أبدى الحرفي جمال بن دادة مختص في صناعة النحاس، تخوّفه مما ستؤول إليه الحرفة في الجزائر كغيرها من التخصصات التقليدية، التي باتت تزول بسبب اجتياح المنتجات الصينية الأسواق الجزائرية، مشيرا إلى أن الأزمة لا تبدو ظرفية فقط، لاسيما أنها تزداد حدة بالرغم من محاولات الفاعلين في المجال القضاء عليها؛ من خلال تكثيف معارض الصناعات التقليدية المحلية.

الحرفي بن دادة كان من بين عدد من الحرفيين الذين مستهم الأزمة في مرحلة ما. وبدون إدراك ذلك، تحولت أجنحتهم من معارض خاصة بهم إلى مساحات لعرض منتجات صينية؛ بهدف تدارك تراجع الترويج والتسويق لسلعهم.

وفي هذا الصدد، أشار المتحدث الذي التقيناه على هامش معرض الصناعة التقليدية الذي نُظم مؤخرا بأودان بالعاصمة، إلى أن المواطن اليوم يشهد العديد من المعروضات التي لا علاقة لها بمنتجات جزائرية، وهذا خلال تجوله بالمعارض، والسبب وراء ذلك غزو منتجات صينية السوق، وهو المشكل الذي لايزال الحرفي يتخبط فيه رغم كل المجهودات المبذولة في هذا الإطار للقضاء على التقليد وحفظ أعمال الحرفي، وحفظ كذلك الصناعة التقليدية، وبالتالي الحفاظ على الموروث الثقافي المحلي الذي يعكس الهوية الجزائرية.

يقول المتحدث: "ولا يمكن أبدا المقارنة بين المنتجات المقلدة والمنتجات الأصلية،  فرغم محاولات الصينيين تقليد ما يقوم به الحرفي، إلا أنه غالبا ما تجد بها خللا أو مشكلا؛ نظرا للمواد التي يستعملونها في صناعة وتقليد أعمال الحرفيين، والتي تكون بخسة ولا تراعي معايير الجودة أبدا".

وأكد الحرفي أن العديد من المجالات تعاني من تلك الظاهرة؛ أي التقليد الصيني، وأكثر المتضررين هو الحرفي البسيط، الذي تجده يعكف على صناعة منتجات يدوية وبوسائل بسيطة تأخذ من وقته الكثير، وتتطلب منه مجهودا كبيرا، ويحاول بعدها مراعاة السعر حتى تتماشى والقدرة الشرائية للمواطن البسيط ولا تخرج أسعارها عن المعقول، لكن في نهاية المطاف تجد لها منافسا مصنّعا آليا، ليس فيه تفان ودقة، وكلّ قطعة تشبه القطعة الثانية وتشبه آلاف القطع المتواجدة في السوق؛ ليس فيها لمسة الحرفي، ولا روح الأصالة، ولا حب العمل وعشق الحرفي لما يقوم به. وكثيرا ما انتشرت تلك الأعمال المصنعة في أسواق الحرف التقليدية، وأخذت مكان الحرفي الحقيقي، يقول المتحدث، فاللوم يُلقى على كل الأطراف؛ بداية من مستورد السلعة المقلدة، مرورا بالحرفي الذي يعرضها إلى جانب أعماله الفنية، وصولا إلى المواطن الذي يدرك أنها مقلدة ويقتنيها لأسعارها المغرية، غير مدرك، من جهة أخرى، أنها تقضي على موروثه، كما تعمل على تراجع عمل الحرفي البسيط، الذي لا يجد بعد فترة، إقبالا على أعماله التي أتعبته وأرهقت كاهله، ظاهرة عدم تسويقها وتكدس أعماله لا يستمتع بجمالها إلا هو داخل ورشته البسيطة.

وقال بن دادة إن المنتجات المقلدة في العديد من التخصصات الحرفية؛ من صناعة النحاس والجلود والفضة إلى جانب الفخار والسيراميك. وأدهى ما في الأمر رغم أن مدة صلاحية تلك القطع لا تدوم طويلا لاسيما القطع ذات الاستعمالات اليومية على غرار الأواني، إلا أن الفرد يقتنيها في كل مرة بسبب سعرها المنخفض، ليجد نفسه يصرف مبلغا أكبر نظرا لإعادة اقتنائها بعدما تتلف بسرعة.

وفي الأخير، دعا المتحدث إلى تكوين لجنة حرفيين لهم خبرة واسعة في المجال؛ لوضع معايير خاصة بمختلف الحرف، ومساهمتهم في تفعيل قوانين خاصة، مفادها حماية الحرف من التقليد، ومراقبة نوعية المنتجات التي يعرضها بعض التجار، لاسيما أشباه الحرفيين، الذين يأخذون محل الحرفي في معارض الصناعات التقليدية، إلا أنهم في حقيقة الأمر، تجار، هدفهم الوحيد الربح، ليجد الحرفي المحافظ على الموروث الثقافي، نفسه بعيدا عن مساحات العرض.