تحتضن جامعة ”محمد خيضر” ببسكرة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، مخبر الدراسات النفسية والاجتماعية، فرقة بحث علم النفس العصبي والكرونوبيولوجيا، يومي 20 و21 نوفمبر المقبل، أشغال الملتقى الوطني الأول حول: ”الكرونوبيولوجيا والمرض السيكوسوماتي المزمن، نحو إستراتيجية علاجية تكاملية إيقاعية، مناعية، نفسية، عصبية”.

ينطلق المنظمون من كون الصحة النفسية ليست مجرد خلو الأفراد من المرض، على حد تعبير منظمة الصحة العالمية، لكنها تتجاوز ذلك إلى القدرة على التوافق الشخصي، الانفعالي والاجتماعي، وكذا قدرة الأفراد على استخدام كافة إمكاناتهم لمواجهة متطلبات الحياة، ومن ثمة تحقيق الذات، ولا يتأتى ذلك إلا بالأداء الكامل المتكامل للشخصية جسميا، عقليا، انفعاليا واجتماعيا.

لأن أداء العضوية كمحدد بيولوجي للشخصية يقوم على التوافق الجسمي، بمعنى التناغم القائم بين وظائف الجسم بما يسمح لكافة أعضائه بتأدية مهامها في الوقت والقدر المناسبين، لأن وقوع هذا الأخير تحت طائلة الإجهاد أيا كان نوعه،  من شأنه الإخلال بأنظمته العصبية ـ الغدية ـ المناعية، لذلك كان لازما دراسة علم البيولوجيا الزمنية أو الكرونوبيولوجيا الذي يعد  أحد الفروع العلمية التي تهتم بالآليات الكامنة خلف الإيقاعات الحيوية، إذ تظهر كافة أشكال الحياة (أنسجة، أعضاء، نبات …الخ) إيقاعات بترددات مختلفة، فالإيقاعات البيولوجية هي تلك التغيرات الدورية في مستويات كيمياء الجسم ووظائفه، والخاضعة لنظام داخلي المنشأ تضبطه الساعة البيولوجية (كدرجة الحرارة مثلا)، وآخر خارجي خاضع لنظام دوري داخلي تزامني مع مثيرات خارجية كدورة ضوء/ ظلام والمتحكمة في معظم العمليات الحيوية بالجسم، كالتنفس و الدورة الدموية وغيرها، يتجلى التأثير واضحا في أجسامنا من خلال مستوى ضغط الدم وتخثره، وعمل المعدة ووظائف الكلى ونشاط الجهاز المناعي. بناء على ذلك، تختلف شدة الأمراض المزمنة على مدى 24 ساعة، فتحدث النوبات القلبية ـ على سبيل المثال ـ في الصباح الباكر،  تزامنا مع ارتفاع مستويات الكورتيزول في الدم، وتشتد أزمة الربو عادة في الليل تزامنا مع انخفاض الهستامين، وتؤكد المعطيات أن الأعراض ليست ثابتة على مر الزمن، فهي تأخذ طابعا دوريا نمطيا يجب مراعاته خلال تلقي العلاج الطبي،  لجعل الأدوية أقل سمية وأكثر فعالية، باختيار التوقيت المزامن لنظام الجسم الإيقاعي على امتداد الليل والنهار.

إن اختلال النظم الإيقاعية البيولوجية واضطرابات النفس الجسدية والمزاجية المرتبطة بها من أكثر الأمراض انتشارا في وسط المجتمعات، وما التزايد المضطرد للأمراض السيكوسوماتية المزمنة إلا دليلا على ذلك، من أجل هذا، جاء الملتقى حول الكرونوبيولوجيا والصحة النفسية لفهم الأساس البيولوجي لتلك التغيرات، وهو ما قد يعطي تفسيرا علميا دقيقا لآليات الجسم المعقدة، تساهم في نشر الوعي الصحي لحقيقة المرض السيكوسوماتي المزمن، ضمانا لعلاج يراعي تلك التغيرات الإيقاعية للعضوية.

يهدف الملتقى إلى الوصول إلى شرح الآلية العصبية البيولوجية للمرض السيكوسوماتي المزمن، وتوجيه أنظار المختصين في علاج الأمراض المزمنة ذات المنشأ السيكوسوماتي، واقتراح أرضية علاجية تكاملية للمرض المزمن من أصل سيكوسوماتي.

يأتي الملتقى ليعالج المحاور التالية؛ المحور الأول، تحديد المفاهيم حول المرض السيكوسوماتي المزمن ومدى تأثيره الكرونوبيولوجيا على الصحة النفسية، أما المحور الثاني، فيتناول المرض المزمن ذي المنشأ السيكوسوماتي. ويخصص المحور الثالث، للحديث عن التطبيقات العلاجية الإيقاعية. بينما يخصص المحور الرابع للحديث عن علاقة العلاجات الإيقاعية بعلم المناعة النفسية العصبية.

رشيدة بلال