بعدما اختفت نسبيا

الملابس الصينية تعود لاحتلال السوق

الملابس الصينية تعود لاحتلال السوق
  • 2551
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

عادت الملابس الصينية في السنتين الماضيتين إلى السوق الجزائرية بقوة، بعدما اختفت نسبيا عندما أزاحتها مصادر أخرى من دول أوروبية، بسبب غياب الجودة عن الملابس الصينية التي كانت موجهة إلى سوق الدول النامية، إلا أن عودة تلك المنتجات وإقبال الناس عليها بشدة رجع لسبب معين حاولت "المساء" من خلال استطلاعها الكشف عن سرها.

نزلنا إلى شوارع العاصمة، على بعد بضعة أمتار من البريد المركزي، وصادفنا العدد الكبير لمحلات اختصت في بيع ملابس نسوية وأخرى مخصصة للأطفال، اتسمت كلها بديكور واحد، وكأن مالكها شخص واحد، إلا أن تحقيقنا كشف لنا عن عكس ذلك، حيث أن لكل تلك المحلات مسير مختلف، إلا أن ممولها مصدر واحد.

محلات منذ أن تطأ قدماك المدخل، يخطف أنظارك العدد الهائل من الألوان التي تثير الزبونات، وتجعلهن يقتربن من كل قطعة لحملها وتجربتها، ثم اقتناء عدد منها. اعتمد أصحاب المحلات وضع بضاعتهم بطريقة تكاد تكون عشوائية، حيث لا يتركون ركنا صغيرا أو مساحة بسيطة إلا وعلقوا فيها بضاعتهم التي تبدو لك أنها لا تنتهي، كل قطعة تختلف عن الأخرى، فقد تحمل واحدة لا تجد المقاس الذي يناسبك وهي ليست السياسة التي اعتدنا ملاحظتها في المحلات العادية الأخرى.. تتميز كل تلك المحلات بطابع واحد، وتقريبا بضاعة واحدة تختلف فقط في بعض التفاصيل.

من جهة أخرى، انتقلنا إلى شارع آخر اتسم كذلك بظهور هذا النوع من التجارة، وهو شارع "ميسوني" الذي ظهرت فيه هذه المحلات واختصت في بيع ملابس "البيت" والمنامات وكذا ملابس الأطفال، برزت في ظرف زمني قصير كبروز الفطريات، محلات اصطفت واحدة بعد الأخرى وخلقت منافسة شديدة وجدت الزبونات راحتها فيها، بفضل أسعارها المغرية والمثيرة للاهتمام. 

لمعرفة السر وراء تلك التجارة الجديدة، اقتربنا من كمال صاحب محل في نفس الشارع، الذي كان التّجار بداخله يبدو عليهم نوع من الارتباك والقلق بسبب العدد الهائل للزبونات اللواتي يتزاحمن على تلك البضاعة، أكد كمال قائلا: "كل البضاعة المعروضة في هذا المحل هي 100 بالمائة صينية، وهو محل من بين عدد من المحالات التي مارست هذه التجارة في الأشهر القليلة الأخيرة، لأنها تذر ربحا كبيرا على التجار، مشيرا إلى أن تلك البضاعة هي ما يسمى بـ«الفائض من البضاعة" بمحلات أوروبية، ولتبسيط شرحه قال: "تتجه اليوم مختلف الدول الأوروبية نحو الصين لتصنيع وخياطة مختلف بضاعتها، نظرا لانخفاض تكلفة اليد العاملة بتلك الدولة العظيمة في المجال الاقتصادي، إلى جانب إمكانية تلك المصانع الصينية في إنتاج كميات هائلة من منتج معين في ظرف زمني جد قصير، الأمر الذي يجعل أصحاب مختلف الماركات العالمية البسيطة تتجه نحو هذه السوق، وتقدم لها النماذج التي تريدها، بنوعية المادة التي تختارها وتعقد معها صفقات بتكلفة إنتاج منخفضة وتعيدها إلى دولتها الأم بهدف تسويقها، الأمر الذي يجعلها ذات سعر جد مغري، وما يحدث اليوم في الجزائر أن بعض رجال الأعمال يتجهون نحو تلك الأسواق الأوروبية التي تعتمد سياسة "الصولد" وغيرها من تقنيات التسويق التي يدفعها عامل اتباع الموضة ومواكبتها، وحتى لا تتكدس تلك البضاعة، تجمعها مع نهاية كل موسم على شكل أكوام ملفوفة داخل أكياس بلاستيكية ضخمة يعاد بيعها لأسواق أخرى، والجزائر واحدة من تلك الأسواق.

وعن مصادرها، يقول المتحدث؛ هم مجموعة من رجال الأعمال الذين يقبلون على تلك البشاعة، سواء من الصين أو من دول أوروبية، على غرار إسبانيا، وما يجعل المواطنين يقبلون عليها بشدة؛ نوعيتها الجيدة وسعرها المغري، فعن نوعيتها يقول كمال، هي منتجات موجهة للسوق الأوروبية، مما يجعلها توافي كل المعايير العالمية من نوعية القماش مثلا، وكذا الألوان المدروسة، الشيء الذي يجعلك عادة تجد في تلك البضاعة ماركات لعلامات جد مشهورة، تجعل النسوة يتخاطفن على قطع تكون محدودة، حيث لا يمكن معرفة ما تحتويه تلك الأكياس التي تباع بالميزان، إلا أنها ذات نوعية جيدة، على عكس السلع الصينية الموجهة للعالم الثالث.