ارتفاع أسعار مواد تُستهلك بكثرة في رمضان

المقاطعة... سلاح للقضاء على المضاربة

المقاطعة... سلاح  للقضاء على المضاربة
  • القراءات: 931
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

دعا أسامة عرباوي، خبير ومحلل اقتصادي وأستاذ بجامعة العلوم الاقتصادية بالعاصمة، إلى تبني سياسة المقاطعة لمجابهة ارتفاع أسعار بعض السلع الاستهلاكية، لا سيما مع اقتراب الشهر الفضيل، هذه المناسبة التي تشهد ارتفاعا في أسعار بعض المواد لتلهب جيوب المستهلكين. وأشار إلى أن مقاطعة المنتج قد تقلب الموازين بين العرض والطلب، وتدفع بالتاجر إلى خفض سعر سلعته؛ حتى يتمكن من تسويقها.

أوضح الخبير الاقتصادي أن سياسة المقاطعة تعطي ثمارها لكن على المستهلكين التوافق فيما بينهم، واعتماد سياسة واحدة، وليس أن يتبناها البعض ويتركها البعض الآخر؛ لأن ذلك سيجعل التاجر يتعامل ولو مع الأقلية، للترويج لسلعته بنفس السعر، وإنما مقاطعتها من طرف الجميع، وهو ما سيجعل سلعته تتكدس، ويبحث، بالتالي، عن منفذ لتسويقها ولو بخفض سعرها إلى أضعاف المرات.

وقال المتحدث إن ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية ظاهر، يعود مع اقتراب كل مناسبة، وهو ما يتنافى تماما مع أحكام الشريعة وكذا الأحكام المهنية، خصوصا في المجتمع المسلم، موضحا أن بعض الدول التي لا علاقة لها بالإسلام تتبنى العديد من التخفيضات الترويجية مع كل مناسبة، حتى احتفاليات المسلمين؛ كرمضان والعيد، ويتم تسجيل انخفاض في تلك المنتجات، وهذه سياسة ذكية، تجعل كل المجتمع يستهلك أكثر بفضل تلك الأسعار التنافسية التي تدفعه إلى التسوق أكثر وأكثر.

وشدد الخبير على أهمية توحيد الجهود لبلوغ هدف واحد؛ لأن بعض التجار يغلب عليهم تفكير الربح السريع على حساب المستهلك. كما يدخل البعض في خانة التبذير والإسراف خلال الشهر الفضيل؛ "وكأنه إذا تخلى عن بعض الأطباق ولم تشهدها مائدته فصيامه باطل!! وهذا تفكير سلبي، يجعل التاجر على قناعة تامة بأن سلعته ستسوَّق بأي ثمن كان".

وعلى صعيد آخر قال كمال يويو، رئيس مكتب العاصمة للمنظمة الوطنية لحماية المستهلك، إن سياسة المقاطعة هي حل فعال في مجابهة ارتفاع أسعار السوق، والدليل على ذلك فعاليتها بعد انتهاجها في العديد من المناسبات، على غرار ما وقع ما ارتفاع سعر الموز قبل سنوات قليلة. وقال إن المنظمة دعت إلى مقاطعة العديد من المواد الاستهلاكية على فترات مختلفة؛ كمقاطعة البيض، والدجاج، والسردين. كما تم الدعوة إلى مقاطعة أحد متعاملي الهاتف النقال لمشاكل تم تسجيلها آنذاك، وهذا ما يسمح للمستهلك باستعمال سلاح مقاطعة السلع وحتى الخدمات، لتغيير مجرى ما يحدث في السوق من تجاوزات.

وشدد يويو على أن المشكل الذي يجعل مجتمعنا تغيب عنه تلك الثقافة على عكس بعض الدول المنتهجة لهذا النوع من السياسات الاستهلاكية، يتمثل في أن المستهلك ميسور الحال لا يتكافل مع المستخدم ذي الدخل المحدود، ففي البلدان الواعية الغني هو من يقاطع أولا؛ تضامنا مع الفقير. وما نشهده عندنا هو العكس تماما! يعني عندما يصبح سعر المادة أغلى ويفوق المعقول يتهافت عليها ميسورو الحال باقتناء كميات أضعاف ما يقتنونه في العادة، وهذا يجعل الحس المدني لدينا غير متطور تماما!

ويضيف كمال يويو: "لكن المشكل اليوم يكمن في ارتفاع شامل، تقريبا، للمواد الاستهلاكية الغذائية وحتى الخدماتية، هذا ما جعلنا نتوجه بنداء استغاثة نحو الوزير الأول، للنظر في الوضعية الراهنة، لا سيما أنها قد تزيد الأمر حدة مع حلول الشهر الكريم؛ لأنه، عمليا، لا يمكن مقاطعة كل السلع، خصوصا أن الارتفاع مس أيضا بعض السلع الأساسية التي لا يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها".

وفي الأخير نوه يويو بأن الحل الوحيد الذي يبقى أمام المستهلك هو المقاطعة وعدم التهافت على السلع؛ فهي السياسة الوحيدة التي ستقضي على ذهنية المضاربة في الأسعار؛ فلايزال المواطن يعتقد أن الدولة لا تراقب الأسعار، وهو لا يعلم أن القانون الجزائري يقر حرية السوق منذ الإمضاء على اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي والمنظمة العالمية للتجارة في حدود سنة 2004. ويعني ذلك أن أعوان قمع الغش لا يمكنهم التدخل دائما في كل السلع إلا في أسعار المواد المقننة؛ مثل السميد، والفرينة، وزيت الذرى و السكر، إضافة إلى حليب الأكياس.