على إيقاع الحياة السريعة

المطاعم تستميل الشباب وتقضي على اللمة الأسرية

المطاعم تستميل الشباب وتقضي على اللمة الأسرية
  • 972
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يفضل بعض الشباب أكلات المطاعم السريعة المنتشرة في كل مكان بدل أكل البيت، هذا ما وصلت إليه "المساء" خلال بحثها عن أسباب تعلق الشباب بالوجبات السريعة، وتفضيلهم السندوتشات بدل طبخ المنزل. ما إن يكبر الطفل، ويصل إلى عمر يسمح له بالخروج من المنزل بمفرده أو بصحبة رفاقه، حتى تلاحظ والدته عزوفه عن تناول الطعام المعد في المنزل بذريعة أنه  شبعان! حتى أن تفضيل الأكل السريع على ذلك المحضر في المنازل أصبح ظاهرة منتشرة بين شباب اليوم، مبررين ذلك بسرعة الحصول على الوجبة تارة وبغرض تجربة أصناف جديدة تارة أخرى. الظاهرة المتزايدة يوما بعد آخر، قسمت الآراء إلى قسمين؛ هناك من يفضلون  الأكل المنزلي، مشيرين إلى أن الأكل المحضر في المنزل سليم ونافع، وأن اجتماع العائلة حول المائدة شيء مقدس وله متعة خاصة، كما أن الإفراط وإدمان الوجبات السريعة يسبب العديد من الأمراض، مثل السمنة، ارتفاع الضغط، السكري وغيرها. في المقابل، هناك من يعشق الأكلات السريعة، وحجتهم أن الأكل خارج المنزل له لذة خاصة، والتسلية رفقة الأصدقاء في تلك الأماكن لا مثيل لها.

وفي الموضوع، حدثنا عبد الصمد، طباخ في أحد مطاعم الأكلات السريعة بالعاصمة، متخصص في الأطباق السورية، مؤكدا أن هذا الانتشار الكبير للمطاعم وإقبال الشباب الواسع عليها يعكس وجود ثقافة جديدة في المجتمع لتناول الطعام، تتفق مع ذهنية الشبان الذين أصبحت السرعة لديهم سمة العصر، فذلك الهوس لا يعني بالضرورة المساس بالروابط الأسرية وتفضيل الأكل بعيدا عن لمات العائلة، وإنما حب الاستكشاف وتجربة مذاق جديد هو ما يحفز الشباب على الخروج من المنزل باتجاه تلك المطاعم وطلب ما تشتهيه أنفسهم من طعام هندي أمريكي، مغربي، تركي، سوري أو غيرها، حيث أن تناولها دون السفر إلى تلك البلدان بات مغريا، لاسيما أن الأطعمة في البيت أصبحت لا تواتي تلك الأذواق الجديدة التي يتوق إليها الشاب. ولأن المطاعم أصبحت من بين الأماكن التي تخلق متعة خاصة للجلوس فيها في أجواء ممتعة، أصبحت من الأماكن المثالية لكسر الروتين، حيث يعتبر البعض من مسهم استطلاعنا، أن الملل من الأطباق المحضرة في البيت يقتضي التنويع فيها من حين إلى آخر بهدف كسر الرتابة، موضحين أن إتقان المطاعم للأطباق الأجنبية من ربوع العالم، ساهم في استمالة الشباب إليها وزيادة الإقبال عليها. في حين يجد البعض الآخر في الأمر وسيلة سريعة تحقق له طعاما شهيا بشكل سريع يتماشى وإيقاع الحياة.

ولا يقتصر إقبال هؤلاء الذين يتعذر عليهم الأكل داخل البيت، مثل الموظفين أو الشباب الذين يعيشون بمفردهم، وإنما هناك من تحول لديهم هوس الأكل خارج المنزل إلى درجة البحث عن مطاعم بعيدة عن الأحياء التي يقطنون أو يعملون فيها للخروج في رحلة استكشاف مطاعم مشهورة. من جهة أخرى، أوضح البعض أن الوجبات السريعة ساهمت بشكل كبير في إضعاف الروابط الاجتماعية، بقضائها على لمة الأسر حول موائد الإفطار، لدرجة تناول فطور الصباح في المقاهي عوض البيت. فبعد أن كان الفطور أو العشاء مناسبة تستغل في تبادل الأحاديث التي تفوت على أفراد الأسر خلال أوقات العمل، ها هي المطاعم اليوم تقضي على ما تبقى منها..