أرجعها الحرفيون إلى صعوبة الحصول على المادة الأولية

المشغولات التزيينية تبعد الحرف التقليدية عن المعارض

المشغولات التزيينية تبعد الحرف التقليدية عن المعارض
  • القراءات: 1408
رشيدة بلال رشيدة بلال

دفعت صعوبة الحصول على المادة الأولية في بعض الحرف، بالحرفيين إلى هجرها واستبدالها بأخرى، وتحديدا إلى تلك التي يعتمد فيها الصناع على ما تجود به الطبيعة من ثروات أو مخلفات، الأمر الذي جعل الحرف التزينية تطغى على تلك التي تعكس تراث الأجداد من فخار ونحاس وجلود، تسير اليوم في طريق الاندثار.

يعتقد عدد من الحرفيين الذين تحدثت إليهم «المساء»، بمناسبة مشاركتهم في معرض الصناعات التقليدية الذي تجري فعالياته بساحة البريد المركزي في العاصمة، ويمتد إلى غاية نهاية الشهر الجاري، أن الاقتراح الكفيل بالحفاظ على الصناعة التقليدية وترقيتها وجعلها تساهم بشكل إيجابي في إنعاش السياحة، هو ما جعل المادة الأولية متوفرة متى طلبها الحرفي. وحسب عبد القادر بوجمعة، مختص في  تشكيل الألواح، اختار اللجوء إلى ما تنتجه الطبيعة من أغصان وأعشاب من نبات الخرطال، ليحولها إلى لوحات فنية يصعب اكتشاف أن مادتها من مستخلصات طبيعية، حيث يكتب ويرسم على نبات الخرطال وأوراق القصب، رسومات وآيات قرآنية تتباين فيها الألوان،  لكن ما يصعب عليه العمل هو عدم وفرة المادة الأولية. كما أنه لم يتفرغ لجمعها بنفسه في موسم الصيف، وتحديدا خلال شهر أوت. فالأكيد أنه سيظل عاطلا عن العمل، لذا يؤكد «أن الإشكال بالنسبة للمادة الأولية لا يقتصر فقط على من ينشط في مجال النحاس أو الجلود فحسب، وإنما حتى من يعتمد على خيرات الطبيعة، ويقترح بالمناسبة إنشاء مخازن تحوي على كميات كبيرة مما يحتاج إليه الحرفيون من مادة أولية، وهذا ـ حسبه ـ يحتاج إلى وجود أشخاص مختصين  يعرفون الحرفة ويتفرغون فقط لتجميع المادة الأولية، لأن الحرفي لا يمكن له أن يجمع مادته ويبدع في آن واحد.

من جهتها الحرفية في صناعة السلالة، الآنسة عائشة العايب، التي  تعاني هي الأخرى من صعوبات جمة فيما يخص جمع المادة الأولية ممثلة في نبات الديس، الدوم والحلفاء، تقول بأن الحرفي في حقيقة الأمر مطالب بالحفاظ على الموروث التقليدي أيا كان، غير أن تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل بالنظر إلى العراقيل التي تواجهه، ممثلة في قلة المادة الأولية الصالحة للعمل أو صعوبة الحصول عليها، لأنها تتوفر في الجبال وبعض المواسم فقط، كفصل الصيف، لهذا تتمنى لو أن فيدرالية الحرفيين تسارع إلى تنفيذ المشروع الخاص بإنشاء مخزون خاص بالمواد الأولية، هذا الأخير الذي سبق للفيدرالية أن طرحته ولقي ترحيبا كبيرا من قبل الحرفيين.

حرفيون يختارون التحف التزيينية بسبب قلة المادة الأولية

اتضح لنا من خلال التجول بالمعرض، أن أغلب الحرفيين ينشطون في التحف التزينية التي تعتمد على ما يجري رسكلته، أو على ما يسهل الحصول عليه، مما تخلفه الطبيعة على مدار السنة من أوراق وأعشاب وأغصان وأصداف، في حين أن الصناعات التقليدية التي تعكس التراث ممثلة في الصناعات الجلدية والنحاسية والفخارية وحتى الفضية قليلة، بل تكاد تكون غائبة، حيث أرجع بعض الحرفيين الهروب إلى صناعة التحف لعدم وفرة المادة الأولية وغلائها وصعوبة تحصيها. وحسب الحرفي عبد القادر من ولاية تيزي وزو، الذي اختار أن ينشط في مجال التحف التزيينية، فإنه يرجع اختياره لهذا النوع من النشاط إلى سهولة الحصول على المادة الأولية، فالأصداف مثلا، موجودة على مدار السنة وبكل الشواطئ، وكذلك الحال بالنسبة للأغصان أو الصخور أو القش... وهو نفس الانطباع الذي لمسناه عند حرفي آخر أكد أنه كان ينشط في مجال الصناعات النحاسية التي ورثها عن جده، غير أن العراقيل الكثيرة التي كانت في كل مرة تواجهه في تحصيل مادة النحاس وغلائه، أبعدته شيئا فشيئا عن الحرفة وجعلته يقرر التخلي عنها واستبدالها بالنقش على الخشب وإعداد تحف تزيينية،  لاسيما أن الطلب على مثل هذه المشغولات يزداد في المواسم، ويعلق «الحاجة هي التي دفعتني إلى ترك حرفة صناعة النحاس ولو أن فيدرالية الحرفيين تتمكن من حل مشكلة المادة الأولية، سأعود إلى مزاولتها لأنها مهنة أجدادي».