الدكتورة سوسن بالحاج من تونس:

المسن في تونس يحظى بالأولوية في برامج الرعاية

المسن في تونس يحظى بالأولوية في برامج الرعاية�
  • القراءات: 574
رشيدة بلال � رشيدة بلال

يسير المجتمع الدولي اليوم نحو التهرم السكاني، وهو ما أكدته منظمة الأمم المتحدة التي أقرت أن نسبة المسنين على المستوى العالمي بلغت 10 بالمائة، وبحكم أن تونس جزء من المنظومة العالمية، تعاني هي الأخرى من الشيخوخة التي بلغت 10.4 بالمائة، الأمر الذي يدعونا، تقول سوسن بالحاج قاسم دكتورة في علم اجتماع الشيخوخة بجامعة قرطاج في تونس، إلى تدعيم المنظومة الاجتماعية التونسية التي تعيش على وقع تغيّر الأدوار في الأسرة لحماية المسنين. 

يرجع تغيّر الأدوار في الأسرة التونسية، حسب المختصة الاجتماعية، إلى عدة أسباب أهمها امتداد الأسرة النووية المكونة من الأب والام والابن وتقلص الأسرة الممتدة، علاوة على خروج المرأة إلى العمل، مما انعكس سلبا على توزيع الفضاء الاجتماعي، وأثر بشكل مباشر على دور المسن في الأسرة، ومن هنا، تطرح إشكالية إعادة النظر في دور الأسرة تجاه المسن وفي المجهودات التي ينبغي للدولة أن تبذلها في سبيل تحسين التكفل بهذه الفئة من جهة أخرى.

وحول واقع التكفل بالمسن في المجتمع التونسي، جاء على لسان محدثتنا أن مختلف البرامج والمخططات والاستراتيجيات التي تمت صياغتها، في أغلبها مستمدة من الغرب، على اعتبار أنهم يملكون تجارب ناجحة، مع مراعاة خصوصية المجتمعات العربية الإسلامية، من خلال التركيز بشكل كبير على الوازع الديني والأخلاقي والتنشئة الاجتماعية، بالتالي في المجتمع التونسي نتحدث عن بوادر الإهمال للفئة المسنة، لكننا لا نتحدث عن تفكك أسري، أو تحلل النمط العائلي القرابي، وإنما نعاني مؤخرا من أشكال جديدة في العلاقات الأسرية دخيلة على مجتمعنا، الأمر الذي يتطلب تدخل الدولة لتنظيم هذه الرعاية، وفي هذا الإطار نجد هناك مجهودات تبذل في سبيل تحسين التكفل بالمسنين من خلال الهيئات التشريعية، حيث نملك سياسة اجتماعية تتبع سياسة البلاد يزيد عمرها عن 20 سنة في مجال رعاية المسنين، وتتكون من قوانين وجدت لخدمتهم، كما نجد أيضا مؤسسات الدولة ممثلة في مراكز الإيواء والمستشفيات.

وعندما نتحدث عن مؤسسات الرعاية، حسب المختصة الاجتماعية، لا نقصد بها مباشرة أن الأسر مطالبة بوضع مسنيها في المركز، وإنما المقصود أن تتكفل الدولة بجزء من الرعاية كالنوادي النهارية، بحكم أن الرجل والمرأة اليوم يعملان سويا، بينما يتم استرجاع المسن مساء،لأن مشاكله  الصحية تتطلب أن تكون هناك رعاية صحية مكثفة ومستمرة، بالتالي من الأولى أن يتم التكفل به في إطاره الملائم والممثل في مراكز رعاية المسنين. وتضيف: "فيما يخص مسألة مؤسسات الرعاية، نجد أن المقاربة الحديثة تساير المقاربة التقليدية، فنحن كمختصين لا نشجع بقاء المسن بمراكز الرعاية لأن الأسرة التونسية لا تزال متمسكة بمسنيها، غير أنها بحاجة إلى تدعيم ومساندة لتتمكن من القيام بواجبها على أكمل وجه، فالأسرة تغذي الجانب النفسي والاجتماعي للمسن، أما فيما يتعلق بالمشاكل الصحية الحادة فلابد من تدخل مؤسسات أخرى لتقيدم الخدمات".

وفي نظرة تقيمية تقول سوسن: "أعتقد أن تقييم واقع المسن ينطلق من تعداده في أي مجتمع، فإن كانت النسب غير مرتفعة بشكل تتحصل من خلاله على الأولوية في الرعاية، نجد أنه يتم إدراجها في مرتبة ثانية أو ثالثة من مجال التكفل. وفيما يتعلق بتونس، يحظى المسن بالأولوية في برامج الرعاية، بالنظر إلى أن هذه الفئة في تزايد مستمر، ناهيك عن تقلص حجم الأسرة التونسية على ضوء العزوف عن الزواج واختيار العزوبة النهائية، إذ أصبح من الصعب على الأسرة أن تتكفل بمسنيها بمفردها، غير أن الأكيد أن وضع المسن في تونس أحسن بكثير من باقي الدول الشقيقة.