كثيرا ما تكون اللهفة سببا في ارتفاع الأسعار

المستهلك مدعو إلى التحلي بثقافة استهلاكية رشيدة

المستهلك مدعو إلى التحلي بثقافة استهلاكية رشيدة
  • القراءات: 845
 حنان. س حنان. س

دعا الدكتور مصطفى زبدي، رئيس جمعية «حماية المستهلك» لولاية الجزائر، عموم المستهلكين إلى ضرورة التحلي بثقافة استهلاكية واعية تجعلهم الحلقة الأقوى في عملية الاستهلاك، عن طريق اطلاعهم على حقوقهم الكاملة، وعدم التخاذل بالتنديد وفضح كل المعاملات المضرة بمصالحهم ماديا ومعنويا. وأكد أن المجتمع أضحى اليوم بحاجة ماسة إلى ثقافة استهلاكية واعية أكثر من ذي قبل، بالنظر إلى كلفة المعيشة التي تزداد غلاء سنة تلو الأخرى.
وقال الدكتور زبدي في حديث خاص مع «المساء»، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمستهلك المصادف لـ15 مارس من كل سنة، بأنه في ظل ارتفاع أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية سواء الغذائية أو الصناعية، وفي ظل غياب سياسة ترشيد النفقات بسبب انعدام الأولويات لبعض الأسر، فإن المجتمع اليوم أصبح بحاجة ماسة إلى امتلاك ثقافة استهلاكية واعية، نظرا للارتفاعات الكبيرة والمتتالية التي طرأت على المعيشة، وبسبب معاناة نسبة كبيرة من المستهلكين من مشكلة عدم تنظيم المدخول بما يتماشى مع تلك الارتفاعات، أو حتى عدم المقدرة على تحديد الأولويات في العملية الاستهلاكية. «ومن أجل ذلك، تعمل جمعيتنا على تحسيس المستهلك المستمر ليكون مطلعا على حقوقه الكاملة في العملية الاستهلاكية من جهة، ولا يتخاذل في التنديد وفضح جميع المعاملات المضرة بمصالحه المعنوية والمادية من ناحية أخرى، لهذا عليه الالتفاف بالجمعيات العاملة في المجال لأنها تسعى إلى حماية مصالحه عموما».
وحول الحقوق الاستهلاكية، تحدثت «المساء» إلى بعض المواطنين، فقالت السيدة أم محمد بأنها المسؤولة الأولى عن صحة أسرتها، بالتالي فإنها المسؤولة الوحيدة عن عملية شراء المستلزمات، «بما أن كل أولادي يدرسون وزوجي عامل، فأنا أهتم باقتناء الحاجيات وأخذ كل وقتي في عملية التسوق وأبتعد كلية عن الأسواق الفوضوية التي عادة ما تروج لبعض المنتوجات منتهية الصلاحية».
من جهتها، تؤكد أم أمين أنها الأخرى المسؤولة عن شراء مستلزمات البيت، موضحة أن كل المخاوف من الأضرار المتعلقة بصحة الأسرة تنحصر في المعلبات والمصبرات، مثل العصائر والمخللات وغيرها، لأن السوق المحلية تروج خضرا وفواكه موسمية ذات جودة، إضافة إلى أن اقتناء اللحوم البيضاء أو الحمراء لا تكون إلا من عند القصابات، أما شراء المعلبات فيتطلب حذرا كبيرا، «لذلك أنتبه كثيرا عند شراء العصائر والمصبرات وكل منتوج معلب كيفما كان، حتى المطهرات ومنتوجات التنظيف، حيث أقرأ تاريخ التصنيع وانتهاء الصلاحية بتمعن كبير، كما أتفادى كلية شراء التوابل من الأسواق المفتوحة، فعادة ما تعرض للبيع معرضة للغبار، وطبعا كل هذا من أجل الحفاظ على صحة أسرتي».
ومن أجل نفس الهدف، تعمل أم فاتح على تفادي شراء المنتوجات الغذائية من الأسواق الفوضوية أو حتى الشعبية، لأنه عادة ما لا يتم احترام عامل الحفاظ على المنتوجات من الغبار أو من أشعة الشمس، وإن كانت المتحدثة لا تقرأ وسم المنتوج ولا مكوناته إلا نادرا، إلا أنها في المقابل تقرأ تاريخ الصنع، وتاريخ انتهاء الصلاحية «لأنه سبق لي ولكامل أفراد أسرتي أن كنا ضحايا تسمم غذائي مرتين، الأولى بسبب حلويات عصرية، والأكيد في الأمر أنها صنعت بمواد قديمة مثل الزبدة وغيرها، والمرة الثانية بسبب استهلاك جبن منتهي الصلاحية ولم ينتبه أحد لذلك، فأصبنا جميعا (10 أفراد) بالتجشؤ والإسهال والحمى، وهي أعراض التسمم الغذائي، من وقتها وأنا أعمل على تحذير أبنائي عن الأكل خارج المنزل، أو أخذ الحيطة والحذر الشديد أثناء شراء هذا المنتوج أو ذاك».
وفي نفس السياق، تعمل جمعيات «حماية المستهلك» على رفع وعي المستهلك وتعليمه العادات الاستهلاكية الإيجابية، بهدف خلق ثقافة استهلاكية رشيدة «لذلك نحن نحتاج إلى توعية متواصلة للمجتمع بأهمية أن نكون مُهيئين عندما تحدث تحولات اقتصادية معينة، ونقصد بها  ارتفاعا في الأسعار بشكل عام، لأن الواقع اليوم يشير إلى أن المستهلك يشتري أكثر إذا ارتفع سعر منتوج ما، رغم أن المعادلة الاقتصادية تشير إلى أن العكس صحيح، وليس لنا أي تفسير لهذا السلوك إلا وصفه باللهفة»، تقول السيدة صارة محسوس رئيسة جمعية «حماية المستهلك» لولاية بومرداس، مضيفة أن الخرجات الميدانية لجمعيتها تشير إلى وجود وعي استهلاكي مقبول لدى المواطن، لكنه يبقى غير مفعل، أي أن المستهلك اليوم لا يلعب دوره في التنديد بوجود سلع مقلدة أو منتهية الصلاحية في رفوف المتاجر، «بل يلجأ فقط إلى اقتناء منتوجات أخرى ولا يعمل على فضح تلك السلوكات، وهو ما يجعلنا اليوم نعمل على تكثيف حملات التوعية والتحسيس، ليس فقط على مستوى المساحات التجارية أو الساحات العمومية، بل نعمل على إيصال أهدافنا إلى النشء من خلال تنظيم أبواب مفتوحة في المؤسسات التربوية من أجل خلق جيل متشبع بثقافة استهلاكية واعية، رشيدة ومسؤولة»، تقول المتحدثة.
من جهتها، تسعى جمعية «حماية المستهلك» لولاية الجزائر إلى خلق ثقافة استهلاكية رشيدة، وهي لذلك تعمل على تحميل المستهلك مسؤولية ما يشتري وما يستهلك من خلال تعريفه بحقوقه الاستهلاكية وواجباته أيضا، «فالمستهلك اليوم لم يبق ذلك الشخص الذي يفرض على السوق سلعا ومنتوجات ذات جودة فقط، إنما عليه أن يكون طرفا فعالا في استقرار الأسعار، من خلال مقاطعته لبعض المنتوجات مرتفعة السعر على الأقل لمدة معينة حتى يهبط سعرها أو يستقر، صحيح نحن نعترف أن سلاح المقاطعة سلاح أبيض، يعني أنه يخدش فقط، لكنه يرهب في المقابل، وهذا الذي نسعى إليه من خلال نداءاتنا كجمعية حماية المستهلك لمقاطعة بعض المنتوجات. وسؤالنا المستمر؛ إلى أين يتجه بارومتر الأسعار المرتفع هذا؟» يتساءل الدكتور مصطفى زبدي، موضحا أن جمعيته تنادي في الأسبوع القادم إلى مقاطعة سمك «السردين» الذي وصل سعر الكيلوغرام الواحد منه حدود الـ500 دينار في بعض المناطق، وهو السعر الذي أعتبره غير منطقي تماما بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي تملكها الجزائر في إنتاج هذا النوع من السمك أمام شريط ساحلي يفوق الـ1000 كلم.