عبد المطلب روينة أول مشرف على التنشيط العلمي الجواري

المراكز الجوارية تجربة فتية بحاجة إلى تثمين

المراكز الجوارية تجربة فتية بحاجة إلى تثمين
  • القراءات: 832
 رشيدة بلال رشيدة بلال

يحدثنا عبد المطلب روينة، المشرف العام على مركز التنشيط العلمي الجواري بعين البنيان في هذا اللقاء، عن التجربة النموذجية الناجحة في الأحياء السكنية الجديدة والممثلة في فتح مراكز التنشيط الجواري التي انطلقت تحت إشراف مديرية الشباب والرياضة والترفيه لولاية الجزائر في حي 100 مسكن اجتماعي ببلدية عين البنيان لتتسع بعدها إلى عدد من الأحياء السكنية الأخرى، حيث أسهمت في خلق حركية ثقافية تربوية علمية امتصت حالة  الانسجام التي تطرح في الأحياء السكنية الجديدة بين السكان وحول الدور الذي تلعبه هذه المراكز الجوارية ومدى تجاوب السكان مع ما تم تنظيمه من برامج ونشاطات.. عدنا لكم بهذه الدردشة مع عبد المطلب، المشرف العام على أول مركز جواري نموذجي.

المساء: بداية، حدثنا عن فكرة خلق فضاءات ثقافية جوارية بالأحياء السكنية الجديدة؟

عبد المطلب روينة: في الحقيقية، الفكرة ليست بالجديدة لأننا كنا نملك فيما مضى، على مستوى الأحياء المكتبات الجوارية، ولكن تطوريها إلى مراكز وتوسيع نشاطها هو الذي لم يجر العمل عليه الأمر الذي أدى إلى تراجع دورها مع التخلي عن القراءة. من أجل هذا، ظل دورها تقليدي ولا يستقطب اهتمام السكان ولكن الحراك الذي نعيشه اليوم في المجتمع جعل مثل هذه المراكز تفرض وجودها، فنحن مثلا على مستوى الرابطة العلمية، كنا ننشط بدور الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة، وفكرة إخراج الرابطة من دار الشباب إلى الأحياء جاءت  لتجسيد فكرة الجوارية التي مفادها أنه حيثما يوجد الإنسان لابد أن توجد الثقافة، انطلاقا من هذه القناعة ولتسهيل ممارسة الفعل الثقافي، ارتأينا من وراء إنشاء مراكز التنشيط الجواري بالأحياء جعل الثقافة  مفروضة على السكان وأبنائهم المقيمين بالحي.

- كيف كان تجاوب سكان الحي مع هذا المركز الجواري ذي الطابع العلمي؟

* لا أخفيكم، التجاوب كان كبيرا جدا وتحديدا من الأولياء ربما لأن تجربة التنشيط الجواري قربت بين النشاط الثقافي والمواطن، وعلى الرغم من أن تجربتنا في الحي لا تزال فتية، إذ لا يتجاوز عمرها الزمني ثمانية أشهر إلا أننا تمكنا من التأكيد على أهمية مثل هذه المراكز في خلق حرية ثقافية لفائدة سكان الأحياء، فعوض التنقل إلى دور الشباب التي قد تكون بعيدة عن الحي السكني، يمكن لكل السكان الاتصال بالفعل الثقافي الذي يرغبون فيه على مستوى حيهم، ما يعني تحفيزهم على الاهتمام بمواهبهم ومواهب أبنائهم في مختلف المجالات، فضلا عن أن مركزنا استقطب اهتمام بعض الفئات من البلديات المجاورة لبلدية عين البنيان، الأمر الذي جعل فكرة إنشاء مثل هذه المراكز بمختلف الأحياء الجديدة ضرورة ملحة لتكريس مبدأ الجوارية الثقافية.

- ما نوع الأنشطة التي يتكفل مركزكم بتأمينها لسكان الحي؟

* الرابطة العلمية التي تنشط اليوم بالمركز الجواري بعين البنيان تهتم فقط بالنشاطات ذات الطابع العلمي الموجهة لفئة الأطفال من تسع سنوات إلى 14 سنة، حيث نستهدف تبسيط كل المعلومات العلمية في مجال الفلك والفيزياء، إلى جانب ورشة للإعلام و ورشة البيئة في مساحة تمتد على 70 مترا مربعا، وهو غير كاف للإشراف على برامج أخرى، الأمر الذي يطرح فكرة التأسيس لأكثر من مركز جواري واحد  بالحي وذلك لأن الحديث عن النشاط الثقافي لا يقتصر على ما هو علمي تربوي، بل يتعداه إلى ما هو مسرح وسينما ورسم.. من أجل هذا، وبعد نجاح تجربة المركز الجواري، يجري الانتهاء من وضع آخر الرتوشات الخاصة بفتح مراكز جوارية جديدة بعين البنيان، يتكفل أحدها بالجانب الترفيهي والآخر خاص بالفنون التشكيلية.

- بالعودة إلى المقر بالبنايات الجديدة، كيف تتم عملية تأمينها ؟

* كما هو معروف بالأحياء السكنية الجديدة، يتم تخصيص الجزء السفلي منها لبناء محلات، ولأنه من غير المنطقي أن تتحول كل هذه الأخيرة إلى مرافق تجارية لبيع مثلا مواد استهلاكية، جرى التعاقد بين ديوان الترقية والتسيير العقاري أو وكالة عدل طبعا ـ حسب الصيغة السكنية ـ مع مديرية الشباب والرياضة وبتوفر المقر تتكفل مديرية الشباب والرياضة بتوجيهها حسب نوعية النشاط الذي تشرف هي على تحديده بإعطاء المقر إلى الرابطة أوالجمعية التابعة لها لتتكفل بالفعل الثقافي بالحي.

- كم يبلغ عدد المنخرطين بمركزكم العلمي الجواري؟

* قدر عدد المنخرطين بـ70 طفلا منذ ثمانية أشهر عن انطلاق نشاطنا بالحي، وأصبح للمركز أصدقاءه ومحبيه وسمح نجاح هذه التجربة بخلق حركية علمية لفائدة أبناء الحي.. هذا النجاح دفع إلى تعميم التجربة في كل من بلدية ابن طلحة والكاليتوس وسيدي امحمد وبئر توتة  وأولاد الشبل وشعايبية وتسالة المرجة، حيث تم فتح العديد من المراكز الجوارية بهذه الأحياء السكنية الجديدة. 

- ألا تعتقد أن خلق مثل هذه المراكز الجوارية يقلص من دور المراكز الثقافية؟

* شخصيا أعتقد أن مثل هذه المراكز الجوارية لا يمكنها مطلقا أن تؤثر على نشاط دور الشباب لأننا اليوم، وفيما يخص الاهتمام بالنشاط الثقافي، نحتاج إلى دفعة قوية لتحريك المجتمع وصناعة الفارق وتحسين الأداء لأن الثقافة شيء رئيس، وبالتالي فكرة المراكز ودور الشباب الموجودة حاليا غير كافية للتكفل بالحركية الثقافية والدليل على ذلك أنه خلال مواسم العطل، يظهر عجز هذه الفضاءات عن تلبية رغبات الشباب والأطفال وشغفهم الكبير للاهتمام بمواهبهم، لذا نحن في حاجة إلى المزيد من المراكز الجوارية مع العمل على تحسين نوعية التأطير كما نعاني أيضا من نقص فادح بالنظر إلى ضعف التكوين.

- برأيك،كم ينبغي أن يتوفر من مركز جواري بالأحياء لخلق حركية ثقافية؟

* بحكم تجربتي الطويلة على مستوى الرابطة العلمية بدور الشباب، وخبرتي بالتنشيط الجواري، أعتقد أن الأحياء الجديدة في حاجة ماسة إلى عشرة مراكز، بمعدل مركز واحد لكل 100 عائلة، ولكن كتجربة أولى يكفي وجود ثلاثة مراكز تنشيط جوارية بالأحياء لضمان التنوع في الأنشطة فمثلا نوفر مركز رياضي ومركز مسرحي سينمائي ومركز علمي تربوي لتحقيق مبدأ الجوارية الثقافية المتنوعة بالأحياء.

- ما المطلوب من سكان الأحياء للمساهمة في إنجاح عمل المراكز الجوارية؟

* لابد على سكان الأحياء أن يتفاعلوا بصورة إيجابية مع نشاطات المراكز الجوارية بالأحياء، وأعني بالتفاعل الايجابي المشاركة في تسيير هذه المراكز في الفترات التي نغيب فيها نحن عن المركز، أي بعد الرابعة مساء، إذ عليهم أن يشرفوا على تسيير هذه المراكز إلى وقت متأخر من الليل من خلال تسطير برامج أخرى للراغبين في الاستفادة من أنشطة المركز وتحديدا في العطل الصيفية. 

لإعطاء دفع قوي للمشهد العلمي  إنشاء 20 ناديا علميا جديدا على مستوى دور الشباب بالعاصمة

إعطاء دفعة جديدة للنوادي العلمية بالنظر إلى أهميتها في صناعة الإنسان ـ يقول عبد المطلب روينة، المشرف العام على مركز التنشيط الجواري ـ دفعنا إلى الاتصال بمديرية الشباب والرياضة من أجل الإشراف على فتح نواد علمية جديدة على مستوى العاصمة، حيث حصلنا على الموافقة واليوم نحن نتطلع في مشروعنا وإلى غاية نهاية السنة الجارية إلى إنشاء 20 ناديا علميا توزع على مستوى دور الشباب في مجالات مختلفة، منها الفلك والبيئة والإليكترونيك، حيث يتم الانطلاق في تكوين الشباب بمعدل خمسة مؤطرين بمختلف التخصصات".

ما نحتاج إليه اليوم للمساهمة الفعلية في خلق حركية تعنى بالمشهد الثقافي العلمي والتربوي بمختلف الأحياء، هو توفر الإرادة والرغبة في التغير ـ يقول محدثنا ـ ويضيف "لأن الإمكانيات المادية موجودة ومتوفرة ولعل هذا ما يطرح الإشكال، ففي الماضي كان المشهد الثقافي يحوز على كفاءات غير أن الإمكانيات المادية كانت قليلة ومع هذا كانت الرغبة في التغيير موجودة، ولكن اليوم الإمكانيات موجودة والرغبة  غائبة، لذا لا نستطيع أن نصنع الفارق.

وحول البرنامج الصيفي للرابطة العلمية في مجال التنشيط الجواري، جاء على لسان محدثنا "أنه تم برمجة العديد من الأنشطة العلمية لفائدة أبناء الأحياء، يغلب عليها طابع الألعاب التربوية، إلى جانب خرجات سياحية إلى البحر بمعدل خرجة كل يوم، ضف إلى ذلك مشاركتنا في برنامج "دار الدزاير" بحضور 48 ولاية بتقاليدها، حيث نتكفل بعملية تنشيط المشهد الثقافي بالمركب الأولمبي، محمد بوضياف المزمع انطلاقه هذه الأيام لإحياء أمسيات الصيف.