مريم سلام مدربة في التنمية البشرية لـ «المساء»:

الكذب صفة ذميمة قد تتحول إلى حالة مرضية

الكذب صفة ذميمة قد تتحول إلى حالة مرضية
  • القراءات: 2278
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

أكدت السيدة مريم سلام، مدربة في التنمية البشرية واستشارية أسرية، أن الكذب من الصفات الذميمة التي من الممكن أن تتحول إلى حالة مرضية، صنفها علماء النفس كمرض نفسي جدي، مشيرة إلى أن الممارسة المستمرة لفعل الكذب تجعل الفرد يفقد حس الشعور بالذنب إلى درجة أنه يصبح قادرا على ممارسة أي فعل كريه بدون حرج، نظرا لأن الكذب قد يجر إلى العديد من الصفات المستهجنة الأخرى.

خلال مداخلتها على هامش دورة تدريبية في التنمية البشرية تحت عنوان «جريمة نملة»، قالت مريم سلام: «إن ديننا الإسلامي الحنيف لم يحثنا على أداء العبادات وممارسة التشريعات فقط، إنما حثنا على مكارم الأخلاق وتهذيبها بين الناس. ومن الصفات المكروهة التي حذّر منها ديننا في مناسبات كثيرة من خلال آيات وأحاديث، الكذب الذي يُعرَّف بأنه كل ما يخالف الحقيقة من أجل تحقيق مصلحة لمن يمارسه أو للتهرب من عاقبة. وقد ورد في القرآن الكريم النهي عنه بقول الله تعالى: «إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون».

غموض عنوان المحاضرة نزعت عنه الإبهام المختصة  بأعجوبة النملة قاصة حكاية عن أحد العارفين قَالَ:  «رأيت نملة جَاءَت إلى شقّ جَرَادَة فزاولته فَلم تطق حمله من الأرض، فَذَهَبت غير بعيد، ثمَّ جَاءَت مَعهَا بِجَمَاعَة من النَّمْل، قَالَ فَرفعت ذَلِك الشق من الأرض، فَلَمَّا وصلت النملة برفقتها إلى مَكَانَه دارت حوله ودرن مَعهَا فَلم يجدن شَيْئا فرجعن، فَوَضَعته، ثمَّ جَاءَت فصادفته، فزاولته، فَلم تطق رَفعه، فَذَهَبت غير بعيد، ثمَّ جَاءَت بهن، فَرَفَعته فدرن حول مَكَانَه، فَلم يجدن شَيْئا، فَذَهَبت فَوَضَعته، فَعَادَت فَجَاءَت بِهن، فَرَفَعته، فدرن حول الْمَكَان، فَلَمَّا لم يجدن شَيْئا تحلّقن حَلقَة وجعلن تِلْكَ النملة فِي وَسطهَا، ثمَّ تحاملن عَلَيْهَا، فقطعنها عضوا عضوا وَأَنا أنْظُر».

خلاصة القول: «تقول المتحدثة: سبحان الله انظروا... حتى الحشرات تستقبح الكذب وتترفع عنه وتنكر على الكذاب فعله؛ لأنها على الفطرة، وفطرتها تهديها إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، والتخلي عن الرذيلة والصفات القبيحة».

وأوضحت المدربة أن الكذب من صفات المنافق؛ فإذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر»، وهو محرم عند الله في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ»، فالكذب قد يجر مختلف الصفات غير الحميدة، فالكذب جماع كل شر، وأصل كل ذم؛ لسوء عاقبته.

من جهة أخرى، أكدت المتحدثة أن الجهة المسؤولة عن الكذب في الدماغ هي الجهة الأمامية، وما يُعرف في الدين بالناصية، وهي جانب الجبهة، حيث قالت: «لقد توصل العلماء بعد أبحاث طويلة، إلى أن هذا الجزء من الجسم هو المسؤول عن الكذب. وإذا حدث خلل في ذلك الجزء من الدماغ يصبح الفرد يمارس الكذب بكل احترافية بدون شعور بالذنب أو بحرج، إلى درجة أنه قادر على الكذب وتصديق كذبه ومحاولة إقناع الناس بذلك الكذب.

ونصحت المتدخلة بضرورة العمل قدر الإمكان على الابتعاد عن الكذب، الذي له صفات مختلفة ويحدث في مواقف متعددة. ويتم الابتعاد عن ذلك بالتفكير في عواقب الكذب، ومحاولة التحلي بالصراحة وعدم الخوف من الانتقاد أو مواجهة الفشل، وغيرها من الطرق التي تساعد في ذلك. كما دعت إلى ضرورة غرس صفة الصدق في الطفل منذ أولى سنوات عمره، حتى يكبر على مبدأ قول الصدق مهما كلّفه الأمر، لأن المجتمعات اليوم أصبح يمارَس فيها الكذب بطريقة بسيطة جدا، أصبحت تُعد عادية إلا أنها تخفي وراءها العديد من العواقب الوخيمة. ومن العواقب الدنيوية قالت المتحدثة: «إن الكذب يشوّه سمعة الكاذب بين الناس. كما تنعدم الثقة في الكاذب، علاوة على عدم قبول شهادته أو تصديقه في المواعيد والعهود. فضلا عن ذلك، فإن الكذب لا يصل تأثيره على الشخص الكاذب فحسب، وإنما ينتقل إلى المحيطين به والمجتمع ككل».