اشتهرت بعدة أسماء وهي رمز لعراقة المدينة

"القندورة".."جبة قسنطينة".. أو "الفرقاني" زيٌّ جزائري يخطو نحو العالمية

"القندورة".."جبة قسنطينة".. أو "الفرقاني"  زيٌّ جزائري يخطو نحو العالمية
  • القراءات: 835
زبير. ز زبير. ز

❊ ملف كامل لدى "اليونيسكو" لإدراج "قندورة قسنطينة" ضمن التراث الجزائري

❊ كنز اعتنى به "البايات" وطوّره أهل قسنطينة

سعر "جبة الفرقاني" يتراوح بين 8 ملايين و20 مليون سنتيم

تُعد "الجبة القسنطينية" أو "القندورة" من التراث المادي الثقافي، الذي حافظت عليه النسوة بعاصمة الشرق الجزائري؛ شأنه شأن فستان "قفطان القاضي" و"الشامسة" طيلة عقود. وبات فخرا للمدينة وسكانها، حتى إن حدود "القندورة القسنطينية" تعدت الإقليم الجغرافي للولاية إلى ولايات مجاورة؛ على غرار عنابة وقالمة وسكيكدة، بل سافرت إلى خارج حدود الوطن. وبات الجزائريون يفتخرون بهذا اللباس في المناسبات والاحتفالات العائلية، وحتى الرسمية، في انتظار ترسيمه كلباس خاص بالتراث المادي الجزائري من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو ".

لتسليط الضوء على هذا الإرث الثقافي لمدينة الجسور المعلقة، حاولت "المساء" الغوص في عالم هذا اللباس، الذي له بصمة خاصة لا توجد إلا بقسنطينة، والذي أخذ تسميته وجماله من عادات وأصالة هذه المنطقة العريقة من أرض الجزائر.

لباس الزينة في الأعراس ومفخرة العروس القسنطينية

غالبا ما كانت الأعراس بولاية قسنطينة مميزة من خلال عادات وتقاليد أهل المنطقة. ومن أهم عادات النسوة بمدينة الجسور المعلقة، الحفاظ على ارتداء "القندورة القسنطينية" خلال حفلات الزواج. وباتت كل عروس تُزف إلى بيت زوجها، مطالَبة بجلب معها "قندورة القطيفة"، كما يحلو لأهل المنطقة تسميتها رغم أنه في الآونة الأخيرة، أصبح عدد من الجزائريين يفضلون إطلاق عليها اسم "قندورة الفرقاني" رغم أن عائلة الفرقاني اشتهرت في مجال الموسيقى والمالوف أكثر من شيء آخر، في حين أن العروس التي لا يمكنها اقتناء هذا اللباس بسبب سعره الباهظ الذي ترتديه خلال جلسة الحناء في ليلة العرس أو ما يُعرف عند القسنطينيين بتصديرة العروس، تلجأ إلى كراء هذا الفستان بمبلغ يتراوح، حسب تأكيد بعض التجار والحرفيين، بين 5 آلاف دج و20 ألف دج، حسب نوعية الفستان، وحسب ثقله.

قماش القطيفة و"الفتلة" الذهبية أهم مكونات القندورة

أكدت السيدة نجاة بوحردق، خياطة من قسنطينة، أن المختصين يستعملون في صناعة " الجبة القسنطينية "، نوعا خاصا من القماش، يكون ناعم الملمس. ويتكون من شعريات رقيقة، يسمى بالقطيفة أو "الجلوة"، حيث يتم استيراده من خارج حدود الوطن؛ على غرار ألمانيا، وفرنسا وإيطاليا، أو من الإنتاج المحلي.

لكن أغلب النساء، حسبها، يفضلن استعمال القماش المستورد، خاصة الجلوة الألمانية؛ نظرا لنوعيتها الجيدة رغم غلاء سعرها، والتي قد تصل إلى 2 مليون سنتيم للمتر، مضيفة في دردشة مع "المساء"، أن طريقة تصميم القندورة القسنطينية تعتمد على طريقتين؛ إذ يتم وضع الشكل الهندسي المراد طرزه، والمكون من الجلد الحر، على قماش الجلوة. كما يتم تعويض الجلد أحيانا، بورق من الكارتون أو ما يُعرف بـ"الصالبا"، هذا في مرحلة الرشم، ثم يُلصق بواسطة غراء، على القماش، مع اختيار الأماكن المناسبة.

هذه العملية تسمى "الفريضة"، حيث يتم طرز الشكل الهندسي بواسطة خيط "التارزي" أو "المجبود"، وهو خيط رفيع من الذهب أو معدن "الإينوكس"، باهظ الثمن؛ حتى يحافظ على بريقه لمدة طويلة، مع استعمال طاولة تسمى "الطابلة" و"اللشفة" (إبرة بقاعدة خشبية)، ووضع نوع من القماش يسمى بـ"الطوال" تحت قماش القطيفة.

كما أكدت محدثتنا أن هناك طريقة ثانية من خلال استعمال خيط "الفتلة"، الذي يكون أسمك من خيط "التارزي" ويكون بلون ذهبي، حيث يتم وضعه بدون استعمال "الفريضة" باستعمال ورق نسخ فقط أو ما يُعرف بـ«الكالك" من الأعلى، وورق سميك من الأسفل، والرسم على "غلاف بلاستكي شفاف" أو ما يُعرف بـ«المشمع" مع استعمال إبر وطاولة تُعرف باسم "الغراغيف" من أجل وضع خيط الفتلة على الرسم المراد طرزه.

"قطيفة عزي" من أشهر الألبسة بعاصمة الشرق

يرى فؤاد عزي، أحد أشهر المصممين الخياطين المختصين في صنع القطيفة بولاية قسنطينة بعدما ورث هذه الحرفة أبا عن جد، أنه لا يكاد يخلو جهاز للعروس من قندورة القطيفة؛ فرغم غلاء أسعارها إلا أن عددا كبيرا من الفتيات يتمسكن بعادات الأمهات والجدات؛ من خلال اقتناء قندورة القطيفة، والتباهي بها في ليلة العمر، مضيفا أن عائلته شرعت في صناعة القندورة القسنطينية في 1965، ضمن مجموعة من الألبسة التقليدية القسنطينية، قبل أن تتخصص في القندورة، وموضحا أن "دار عزي" لها شقان في صناعة القندورة؛ الأول يهتم بالحفاظ على التراث، والثاني يهتم بكل ما هو إبداع في تصميم هذا اللباس.

وأوضح فؤاد عزي صاحب "دار عزي" للخياطة والطرز، أن هناك اختلافا طفيفا بين "القندورة التقليدية" و"القندورة الحديثة"، وأن العديد من المصممين باتوا يدمجون بين التراث والعصرنة؛ من أجل إعطاء وجه جديد للقندروة القسنطينية، خاصة في المعارض الدولية.

وأوضح أن القندورة القسنطينية التراثية تحافظ على التصميم القديم، ونوعية التطريز التقليدي الذي يعتمد على بعض الرسومات النباتية؛ على غرار نبتة "القناوية"، أو حتى الحيوانية في شكل الطاووس والدودة، وأن التطريز العصري يكون في الغالب، أقل كثافة، وأن الفرق بين القندورة القديمة والقندورة الحديثة هو القوام؛ إذ كان في الماضي الاعتماد على شكل المرأة الدائري، في حين بات اليوم، التصميم يراعي جسم المرأة النحيف، والقوام الرشيق. كما تميزت القندورة القديمة بقصرها مقارنة بالحديثة، مع وضع شريط من الطرز في الأسفل، ومرشين في الأعلى.