بسبب عزوف الحرفيين عن المشاركة في التظاهرة

القصبة تحيي التراث بدون تراث

القصبة تحيي التراث بدون  تراث
  • القراءات: 646
رشيدة بلال رشيدة بلال
بعد نجاح الطبعة الأولى لإحياء شهر التراث التي احتضنتها أزقة القصبة العريقة، ارتأت الفيدرالية الوطنية للحرف والصناعات التقليدية أن تنظم الطبعة الثانية بغية إعادة الاعتبار للصناعات التقليدية، غير أن هذه الأخيرة لم تلق النجاح المنتظر، حيث عزف الحرفيون الذين يزيد تعدادهم عن 20 حرفيا عن المشاركة في التظاهرة بالنظر إلى قلة الإقبال على معروضاتهم، مما جعل الطبعة تحيي التراث بلا تراث.

عند تواجد «المساء»  بأعالي القصبة، توقعنا أن نحتك بعدد كبير من الحرفيين من مختلف الولايات الذين كان يفترض أن يزينوا الأزقة بما جادت به أناملهم من إبداعات، كنوع من إحياء التراث من خلال إعادة الاعتبار للحرف التقليدية على اختلاف أنواعها، على اعتبار أن القصبة مرجع الباحث على أي نوع من الصناعات التقليدية، سواء كانت من النحاس، الجلود ، الحلي أو الزرابي التقليدية، غير أننا أصبنا بخيبة أمل بعد أن صادفنا وجود حرفيين كانا يجلسان إلى جانب بعضهما يتبادلان أطراف الحديث، إلى جانب طاولتيهما اللتين كانتا تحويان بعض الأواني الفخارية والزرابي التقليدية، وبعض «الجبات القبائلية» على قلتها. وبمجرد أن طرحنا السؤال حول سبب غياب باقي الحرفيين، قال الحرفي حميد صايش: «أعتقد أن عدم الإقبال على معروضاتنا من الحرف التقليدية هو ما  دفع الحرفيين إلى ترك المكان والبحث عن مواقع أخرى للعرض، فالطبعة الأولى كانت ناجحة، حيث شارك كل الحرفيين طيلة مدة العرض وتفاعل معنا سكان القصبة، ولو أنني لم ألتزم بالمشاركة لبحثت بدوري عن مكان آخر للعرض، غير أن  تواجدي في القصبة شرف لي، لذا حتى ولو لم  تُشتر مني أية قطة، فمجرد الاحتكاك بالقصبة يجعلني أشعر بالامتنان، يكفي أنني أعرض صناعتي التقليدية في هذا المكان العريق.

ومن بين الأمور التي أثارت حفيظة الحرفي حميد، إلى جانب عدم تفاعل سكان القصبة مع المعرض بالنظر إلى قلة العارضين؛ المرشدون السياحيون الذين يرافقون السياح يوميا إلى أزقة القصبة، غير أنهم يعزفون عن إعطائهم الفرصة للتقرب من الحرفيين والاطلاع على حرفهم، لذا يقول: «حبذا لو يكون هنالك تعاون بيننا كحرفيين، وبين المرشدين السياحيين لنتمكن على الأقل من تعريف السياح بحرفتنا ونكون قد ساهمنا ولو بالقليل في إحياء تراثنا».

من جهتها، أعربت الحرفية إحدادن، مختصة في صناعة الزرابي التقليدية، عن أسفها لعدم تفاعل باقي الحرفيين مع التظاهرة قائلة: «كان لنا كحرفيين شرف  المشاركة في الطبعة الثانية المتعلقة بإحياء التراث في القصبة، بعد نجاح الطبعة الأولى، لكن للأسف الشديد، تحويل الحرف التقليدية إلى تجارة يسعى من ورائها البعض إلى تحقيق الكسب السريع، مما انعكس سلبا على هذه الطبعة التي جعلتني إلى جانب الحرفي حميد، من المتمسكين بالمعرض للتعريف بحرفتنا لقاطني وزوار القصبة.

تقول إحدادن؛ كحرفية كان لي شرف التواجد بالقصبة والتجول فيها، والاحتكاك بسكانها واطلاعهم على ما تتميز به الزربية القبائلية التقليدية، وعلى الرغم من قلة الطلب على ما نعرضه، غير أن مجرد التعريف بحرفتي يجعلني أشعر بالاقتناع وأقرر عدم مغادرة المكان إلى غاية انقضاء المدة المخصصة للعرض.