طباعة هذه الصفحة

الأخصائية الأرطفونية زينب بلعجامي

القبول الاجتماعي يرفع معدل إدماج المتوحدين

القبول الاجتماعي يرفع معدل إدماج المتوحدين
  • القراءات: 694
❊   رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

يجد الأطفال المصابون باضطراب التوحد صعوبات كبيرة في بدء علاقات اجتماعية مع غيرهم. وتتجلى مظاهر القصور في الحياة الاجتماعية في المراحل الأولى من حياتهم، حيث يظهر عليهم عدم الاهتمام بمن هم حولهم. ومن النادر أن يبحثوا عن أيّ نوع من التواصل الاجتماعي أو حتى مشاركة تجاربهم مع غيرهم، غير أن هذا السلوك سرعان ما يتغيّر عندما يكبرون، حيث تنمو لديهم الرغبة في التواصل الاجتماعي. وانطلاقا من هذا سلطت الأخصائية الأرطفونية زينب بلعجامي، الضوء على سبل  الاندماج الاجتماعي لهذه الشريحة.

حسب الأخصائية الأرطفونية التي التقتهاالمساءعلى هامش مشاركتها مؤخرا في فعليات ملتقى حولجودة الحياة عند الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنّ المقصود من الإدماج هو الوصول إلى تمكين هذه الفئة من المشاركة في مختلف الأنشطة الاجتماعية  ومرافقتهم، مع تهيئة المجتمع لتقبّلهم كأفراد  منتجين ومتكاملين ومتفاعلين مع سائر أفراد المجتمع. وحسب دراسة للأخصائية، فإنّالافتراضات التي تقوم عليها سياسة الإدماج الاجتماعي للأطفال المصابين بالتوحد، تقوم على ثلاثة احتمالات أساسية، وهي فرضية وجوب توافر خبرات التفاعل الاجتماعي بشكل تلقائي بين ذوي الاحتياجات الخاصة وأقرانهم الأسوياء، وفرضية زيادة فرص التقبّل الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة من قبل الأفراد الأسوياء، وأخيرا فرضية إتاحة فرص كافية لذوي الاحتياجات الخاصة، لإدماجهم مع أقرانهم الأسوياء، غير أنّ الوصول إلى تفعيل هذه الفرضياتيتطلّب المعرفة المسبقة لمختلف الخصائص الاجتماعية لفئة الأطفال المصابين بالتوحد، والمتمثلة في عدم الاهتمام بالآخرين وعدم الاستجابة لهم؛ لكون الطفل الذي يعاني من قصور في العلاقات الاجتماعية يُعرف بعدم الارتباط بالآخرين وعدم النظر إلى الشخص  الآخر مع عدم إظهار الأحاسيس، ورفض كل محاولات الاحتضان أو أن يُحمل من الغير.

وأشارت في السياق إلى أنّ المصاب باضطراب طيف التوحد، يذهب إلى أبعد من هذا، حيث يكون غير قادر حتى على التمييز بين المهمين منهم في حياته من غير المهمين، وأحيانا لا يطوّر حتى علاقاته مع أهله؛ لأنه يولي اهتماما بالأشياء أكثر من الأشخاص، وبالتالي فإنّ الوصول إلى إكسابهم مهارات اجتماعية يتطلّب تدريبهم لتحسين تواصلهم”.

وعن الدور الذي ينبغي للمجتمع أن يلعبه لتمكين أطفال التوحد من بلوغ غاية الاندماج الاجتماعي، ترى الأخصائية الأرطفونية أنّ المجتمع يلعب دورا بارزا في إنجاح العملية التواصلية؛ من خلال تمكينهم من فرص المشاركة في مختلف الأنشطة وفعاليات المجتمع، مع العمل على تسهيل مهمتهم؛ من خلال تفعيل فكرة التقبل، ليصبحوا أعضاء فاعلين يتمتّعون بالاستقلالية وحرية التنقل، ولم لا تمكينهم من حق العمل في المستقبل، والتمتّع بكل ما هو متاح من خدمات مجتمعية، مشيرة إلى أن تحقيق هذه الغاية يقود إلى التخلص نهائيا من المفاهيم الخاطئة عند الناس العاديين حول هذه الشريحة.

وفي السياق، أوضحت الأخصائية الأرطفونية أن الوصول إلى تفعيل آلية الاندماج الاجتماعي للمصابين باضطراب طيف التوحد، يتطلب تكثيف البرامج التي تعرّف بهم عبر مختلف المصادر الإعلامية، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب الاستنجاد بالعمل الجمعوي الذي يفعّل العمل التحسيسي؛ من خلال الأبواب المفتوحة التي تقرّب المواطنين من هذه الفئة، فضلا عن تكليف الأولياء ليكونوا إيجابيين؛ من خلال زرع ثقافة التوحّد بمقر سكناهم، وحث المحيطين بهم على ضرورة التعامل معهم لمحاربة التهميش، الذي عادة ما يطول هذه الشريحة نتيجة الجهل بحالهم.

وعن تقييمها المجهودات المبذولة بالجزائر في كيفية التعامل والتكفل بالمصابين باضطراب طيف التوحد، ترى الأخصائية أن المساعي عموما إيجابية، حيث نلمس وجود اجتهاد في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ويظهر ذلك في الاهتمام بفكرة التأهيل، التي تقود إلى تمكينهم من أن يعيشوا حياة كريمة.