من ظلٍ على الرأس
القبعة الصيفية.. رمز للذوق والوعي الصحي

- 168

فرضت درجات الحرارة المرتفعة هذا الصيف، إيقاعها على اختيارات النساء في اللباس والأكسسوارات، وأعادت القبعة الصيفية إلى الواجهة كخيار ضروري، لا مجرد مكمل جمالي. فمع تصاعد موجات الحر، لم تعد القبعة قطعة تُقتنى للزينة فقط، بل تحولت إلى وسيلة وقاية وراحة، خاصة في ظل التحذيرات الصحية من ضربات الشمس. وهكذا استعادت هذه القطعة الكلاسيكية مكانتها في المشهد اليومي، وفرضت حضورها فوق رؤوس النساء من مختلف الأعمار.
أدت درجات الحرارة المرتفعة، إلى تسليط الضوء على الحلول الكلاسيكية في مواجهة الشمس، وفي مقدمتها القبعة. لم تعد قطعة تُرتدى لمجرد التزين أو اتباع موضة معينة، بل عادت إلى وظيفتها الأصلية؛ الحماية. إذ يؤكد أطباء الجلدية أن ارتداء القبعات يساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بضربات الشمس، والتقليل من مضاعفات الأمراض الجلدية، خاصة بالنسبة للأطفال والمسنين ومرضى الحساسية.
وقد شدد أطباء مختصون، تحدثوا مع "المساء"، على أهمية ارتداء قبعة ذات حواف واسعة، لتغطية أكبر قدر ممكن من الوجه والعنق، خصوصا في المناطق الساحلية والمشمسة، إذ أن الأشعة فوق البنفسجية تزداد كثافة في هذه المناطق خلال فصل الصيف.
موضة في خدمة الصحة
القبعة الصيفية، وإن بدت في ظاهرها موضة أنيقة، فهي تخدم وعيا صحيا متزايدا لدى النساء. فقد كشفت جولة ميدانية وسط محلات الألبسة بعنابة، خاصة في سوق "الصولد"، أن الإقبال على القبعات هذا الصيف، تخطى الأعوام السابقة بكثير. وتنوعت الأذواق بين القبعات المصنوعة من القش الطبيعي، والقطن المهوى، وأخرى مزينة بشرائط حريرية أو ورود اصطناعية، ما يجعلها في نفس الوقت جذابة، خفيفة، وعملية.
تقول "رانية"، وهي طالبة جامعية، إنها اختارت قبعتها بعناية، لتناسب ملابسها الصيفية اليومية، وتضيف "لم أكن أرتدي قبعات من قبل، لكن مع هذه الحرارة الخانقة، شعرت أنها تحميني وتُكمل مظهري في آن واحد". أما "حنان"، وهي أم لطفلين، فترى في القبعة حلا عمليا أثناء الخروج إلى الشاطئ أو السوق، وقالت "أضعها لي ولأطفالي كلما خرجنا نهارا، إنها تقيهم من الشمس وتعطيهم مظهرا لطيفا".
إحياء لتراث أنيق.. بألوان العصر
في الماضي، كانت القبعة إحدى علامات الرقي والاحتشام، لاسيما في اللباس النسوي المغاربي. ومع انفتاح الموضة العالمية، تراجعت هذه القطعة. لكن يبدو أن الواقع المناخي أعادها إلى واجهة السلوك المجتمعي. الفتيات أصبحن أكثر وعيا بأهمية هذه القطعة التي تجمع بين الماضي والحاضر، وبين الجمال والفائدة.
يشير "مراد"، بائع في محل ألبسة نسوية بعنابة، إلى أن "الزبونات صرن يطلبن القبعة بأنواعها، حتى إن بعضهن يسألن عنها قبل اختيار الفستان أو التنورة، ما يعكس تحولها إلى قطعة أساسية، وليست مكملة فحسب.
اللافت أيضا، أن القبعة لم تعد حكرا على المحلات الراقية، بل غزت الأسواق الشعبية وأرصفة الباعة المتجولين، الذين أدركوا حجم الإقبال عليها. تراوحت أسعارها بين 600 دينار و2500 دينار، حسب الخامة والشكل، وهو ما جعلها في متناول الجميع. كما عرضت بعض المتاجر النسوية القبعات في عروض خاصة، مرافقة بمنتجات الوقاية من الشمس، مثل النظارات والمرطبات الواقية.
ما يميز موسم هذا الصيف؛ تنوع القبعات لتناسب مختلف الأذواق والأعمار. فهناك قبعات مطرزة للبنات، وأخرى برسومات كرتونية للأطفال، ناهيك عن قبعات القش البسيطة التي تناسب المصطافين. وفي حديث مع "ليلى"، مصممة أزياء شابة، قالت "القبعة لم تعد فقط للحماية، بل وسيلة للتعبير عن الذوق. أنسقها مع الثياب والأكسسوارات والحذاء، حتى في حفلات الزفاف الصيفية!".
من ضرورة موسمية إلى ثقافة لباس
في ظل هذه العودة اللافتة، يبدو أن القبعة لم تعد استثناء صيفيا، بل تتجه لتكون جزءا من ثقافة اللباس في الجزائر، خصوصا مع تزايد حملات التوعية الصحية، وارتفاع حرارة الطقس صيفا، عاما بعد عام. فبين الأناقة، الحماية والعودة إلى الوعي البيئي والصحي، تتربع القبعة على الرأس... بثقة.