إحصاء وطني لمعرفة تأثير "كورونا"

الفيروس القاتل يهدد الصحة العقلية

الفيروس القاتل يهدد الصحة العقلية
  • القراءات: 733
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

دعا الدكتور أحمد بوسنة، مختص نفساني، إلى أهمية إطلاق إحصاء وطني لمعرفة مدى تأثير فيروس "كورونا" على الصحة النفسية والعقلية للمواطن الجزائري، مشيرا إلى أنه منذ بداية الأزمة النفسية، وبعد تخفيف إجراءات الحجر الصحي، تم تسجيل ارتفاع محسوس في عدد الاستشارات الطبية الخاصة بالحالة النفسية للجزائري، مشددا على أهمية أخذ هذه الوضعية بعين الاعتبار، للتكفل بها قبل تحولها إلى أزمة أشد خطورة.

أوضح الدكتور أن الجزائريين، وفق دراسات سابقة، يعاني منهم عدد كبير من حالات نفسية متمثلة في القلق، إذ يعيش ضغوطات نفسية يجد البعض صعوبة في التعايش معها، نظرا لتدني مستواه المعيشي، أو تراجع قدرته الشرائية، فضلا عن متغيرات خارجية كثيرة تختلف من فرد لآخر، على غرار مشكل السكن، الضيق المالي، البطالة أو حتى العنوسة، كلها مشاكل موجودة في المجتمع تؤثر وبشكل كبير على نفسية الفرد.

أضاف أنه اليوم، من الضروري إطلاق برنامج وطني ودراسات ميدانية لمعرفة مدى تأثر الصحة النفسية للمواطن، بعدما عاشه من أزمات، مشيرا إلى أن سنتين طويلتين مرتا على الجزائري دون الحديث عن المشاكل التي وصفها بالجانبية، حيث قال: "بعد الأزمة السياسية التي عاشها المواطن قبل رئاسيات 12 ديسمبر 2019، جاءت بعدها مباشرة أزمة انتشار فيروس قاتل مجهول الهوية، أدى بالفرد إلى إجبارية مكوثه في البيت طيلة المرحلة الأولى، التي دامت أكثر من ستة أشهر، تبعت ذلك أزمات أخرى، على غرار وفاة أقارب وأصدقاء زادت من حدة الأزمة...كلها مشاكل جعلت أقوى الأشخاص يدخلون في دوامة من الإحباط والتوتر المستمرين، حيث خلقت لديهم مشاكل نفسية، رغما عن شجاعة البعض في التعامل مع المشاكل".

قال الدكتور، إن الجزائر تحصي أكثر من 30 بالمائة من عدد المصابين بمشاكل عقلية، وأكثر من 50 بالمائة مشاكل نفسية وضغوطات، وهذه النسبة، يقول المختص، مرشحة لأن تتضاعف، إذا لم يتم وضع برنامج وطني للتكفل بتلك الفئة، إذ يمكن أن يتحول من مشكل نفسي بسيط إلى أزمة عقلية حادة لا يحمد عقباها. كما حذر أحمد بوسنة، من أن الأطفال هم الأخرون عرضة لتلك المشاكل النفسية، ويجدر أخذ ذلك بعين الاعتبار، لحسن التكفل بهم، لاسيما أن الكثير منهم عاشوا ضغوطات حادة يصعب لعقلهم وتفكيرهم البسيط تقبلها، هذا ما يجعل تأثير ما نعيشه أكبر على الأطفال، خصوصا أن بعض الأولياء فشلوا في احتواء المشكل، فما بالك بالأطفال، على حد تعبيره.

قال المختص، إن الانهيارات العصبية أكثر ما تم تسجيله خلال هذه الأزمة، مشيرا إلى أنها حالة متقدمة من الضغط النفسي والتوتر، تصيب الفرد عندما تتوالى لديه الأحداث المأساوية، التي تدخله دوامة من الضغوطات النفسية والمشاكل والتوترات، التي تؤدي به إلى بلوغ مرحلة يصعب للعقل تقبلها والتعامل معها لحلها، لاسيما عند غياب الحلول، وأضاف في الأخير، أن هذه الأمراض يبدو أنها لم تعد من طابوهات المجتمع، لاسيما أنه قبل سنوات كان يجد الفرد حرجا في الحديث عنها أو تقبلها إلا نادرا، مشيرا إلى أن مستوى الوعي ارتفع اليوم في هذا المجال، والدليل على ذلك، التوافد على المصالح الطبية المختصة للمعاينة واستشارة خبراء في الصحة العقلية للتكفل بالازمة وحلها بأقل الأضرار.