الفنتازيا تصنع الفرجة في وعدة بني شعيب

الفنتازيا تصنع الفرجة في وعدة بني شعيب
  • القراءات: 1582
❊محمد شبلي  ❊محمد شبلي 

تشهد ولاية تيسمسيلت في هذا الفصل العديد من الوعدات، فبعد وعدة المخالدية بلرجام ووعدة سيدي عبد الرحمان بأولاد بسام، ها هو عرش بني شعيب، في نفس البلدية، يحيي هذه التظاهرة الثقافية في جو حميمي صنعه الفرسان على أنغام البدوي والفانتازيا، وعاشته المنطقة على مدار يومين، تم خلالهما القضاء على الخلافات وتوطيد العلاقات. 

شهدت المناسبة العديد من الأنشطة الدينية، منها تقديم المدائح الدينية التي شارك في أدائها عدد من أئمة مساجد المنطقة، إلى جانب مشاركة شيوخ وأعيان عرش بني شعيب’’ في إصلاح ذات البين وحل النزاعات والمشاكل القائمة بين العائلات والجيران، واستمتع سكان المنطقة خلال فعاليات الوعدة إلى القصص التراثية الجميلة التي سردها عدد من شعراء الملحون، الذين استحضروا عادات وتقاليد الجهة، وكذا الشخصيات التي عاشت بها، وساهمت في ترسيخ هذه التظاهرة الأصيلة.

استقطبت هذه الوعدة جموعا غفيرة من المواطنين الذين قدموا من مناطق مجاورة وبعيدة من الغرب، على غرار تيارت، الجزائر العاصمة، الشلف وعين تموشنت، وأعجبوا بالأنشطة المقامة.

من تقاليد هذه الوعدة، إقامة مأدبة غذاء جماعية، شاركت فيها جميع العائلات المنتمية إلى بلدية بني شعيب، إلى جانب أخرى حضرت رغم بعد المسافة بتغيير مقرات سكناهم بسبب العشرية السوداء، حيث واصل عددهم إلى أزيد من سبعة آلاف شخص تناولوا الغداء في جفنات الكسكسي بالمرق واللحم.لعل ما ميز هذه التظاهرة؛ الحضور الجماهيري الكبير لمشاهدة الفانتازيا، رغم وجود لعب تقليدية أخرى، حيث يتم تحضير الخيول بالسروج والفارس بلباسه التقليدي، وتختلف طرق الفرسان في مسك البندقية ولجام (عقال) الحصان، ونوعية وجودة السروج، وغيرها من التمايزات الدقيقة، حيث تنافس الخيالة (الفرسان) في سربات (فرق خيالة) منمناطقمختلفةمنالوطنفيإظهارفنونالاستعراضبالخيول.

شارك في هذا الاستعراض خمس سربات، كل واحدة منها مكونة من 11 خيالا، ويقود كل سربة قائد يسمى العلام، يتوسط بخيله أفراد السربة ويتميز عنهم  بلباس مختلف، كما يتميز خيله بسرج مختلف عن سروج خيول باقي الأعضاء، وتنسب السربة إلى العلام،أوإلىالمنطقةالتيتنتميإليها.

فور إعطاء العلام إشارة البداية، تنطلق الخيول المدربة في الركض دفعة واحدة، وينفرد الخيالة المنحدرون من مناطق مختلفة، بترديد أهازيج تعبر عن أمجاد فرقتهم وبطولات منطقتهم. كما يقوم الخيالة بحركات استعراضية ببنادقهم، وعند الاقتراب من خط الوصول، يستعد الخيالة لإطلاق البارود بشكل جماعي، فمعيار نجاح حركة سرب الخيالة هو سماع الجمهور لطلقات بارود الفرسان، كأنها طلقة واحدة، بينما تختار بعض السربات إطلاق البارود في الهواء إلى الأعلى، تختار أخرى أن تطلقه صوب الأرض، ومتى نجحت الفرقة في توقيع عرضها باستعراض يتناغم فيه أداء كل أعضاء الفرقة، تتعالى هتافات تشجيع الجمهور الذي تابع أطوار الاستعراض.

لعبة العصا التقليدية لها نصيب في الوعدة، وهي عبارة عن مبارزة بين شخصين أو شخص وشخصين بواسطة العصا، تتم بشكل فردي أو جماعي، وفي هذا الصدد، اقتربت المساء من رئيس جمعية العصا والألعاب التقليدية، السيد حجار جيلالي، وسألته عن الهدف من هذه اللعبة، فأشار إلى أنها تبرز ما تتميز به مناطق الهضاب العليا وولاية تيسمسيلت بالذات من ألعاب تقليدية، ومنها رياضة المبارزة بالعصا المعروفة بـ’’المطرق’’، في قالب استعراضي يمكن من خلاله اكتشاف المواهب الشابة والحفاظ على هذا الموروث القديم من أنواع الألعاب التي تراجعت ممارستها، مع تعريف الأجيال الناشئة بمرحلة مهمة من تاريخ الآباء والأجداد، كما تستعمل العصا في الدفاع عن النفس.

كما تحدثت المساء مع السيد زافر سي قدور، أحد أعيان المنطقة والمشرف على هذه التظاهرة، فأوضح أن الهدف من هذه التظاهرة هو إحياء هذه العادات والتقاليد التي يجب أن نحافظ عليها، لأنها تعبر عن الشخصية الوطنية وغرس قيم المجتمع من تعاون وتآزور بين أفراد الجيل الحالي، إلى جانب نشر المحبة والأخوة بينهم.من جهته، أشار رئيس المجلس الشعبي البلدي، السيد شريط محمد، إلى أن هذه الوعدة تشكل فرصة سنوية لبعث وترقية السياحة الثقافية في المنطقة، لأنها تسمح بتعريف الجمهور بعادات وتقاليد سكانها، مع مساهمتها في انتشار بعض الأنشطة التجارية المناسباتية، على غرار بيع منتوجات الصناعة التقليدية التي تشتهر بها هذه الجهة، كصناعة الحلفاء والدوم والأواني الخشبية.