صمم سفينة الشباك للبحرية الجزائرية تخليدا لذكرى اندلاع الثورة

الفنان سعيدي سيدي محمد الأمين: "فن التصغير" بحاجة لمن يرعاه

الفنان سعيدي سيدي محمد الأمين: "فن التصغير" بحاجة لمن يرعاه
  • القراءات: 517
رشيدة بلال رشيدة بلال

استقطبت النماذج الصغيرة للسيارات والمعدات الحربية والأسلحة والبواخر القديمة للفنان سعيدي سيدي محمد الأمين، عبر صفحته  على مواقع التواصل الاجتماعي، اهتمام شريحة كبيرة من المتابعين، الذين وجدوا صعوبة في التفريق بينها وبين النسخ الأصلية؛  لشدة إتقانها، خاصة تلك التي صممها تخليدا لذكرى اندلاع الثورة التحريرية. ومع هذا لاتزال أعماله حبيسة المنزل؛ كون هذا النوع من الفنون أو ما يسمى بـ"فن التصغير "، لا يحظى بالاهتمام المطلوب، ويكاد يكون غير موجود عندنا.

اهتمام الفنان محمد الأمين بالنماذج الصغيرة كان منذ الطفولة؛ إذ كان يميل كثيرا إلى تصميم  السيارات بالكرتون أو الورق، غير أن هذا الاهتمام مع مرور الوقت، شغل حيزا هاما من حياته وتفكيره؛ إذ أصبح لديه ميول كبير في وقت الفراغ، إلى تصميم بعض السيارات التي تثير اهتمامه.

وبعدما كان الأمر مقتصرا على الورق والكرتون، تعداه إلى إدخال معدات أخرى من الخشب والمعدن؛ لجعل النموذج المصمم قريبا من الحقيقي، ليجد نفسه يمارس فنا يُعرف بـ"فن التصغير"، المنتشر في عدد من الدول الأجنبية. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الفنون غير موجود في الجزائر، إلا أنه تمكن بفضل ما تتيحه التكنولوجيا من مجالات، من توسيع المعارف، والتعلم من تطوير مهاراته وصقلها.

والنتيجة الوصول إلى بناء فنان قادر على تصميم أي نموذج يقع عليه بصره ويحظى باهتمامه؛ سواء في مجال السيارات أو الطائرات، أو البواخر أو حتى الأسلحة الحربية المختلفة، التي قدّم مؤخرا، عينة منها تزامنا والاحتفالات المخلدة لذكرى اندلاع الثورة التحريرية؛ حيث عرض بعض النماذج الخاصة، والمدرعات الحربية التي استخدمها الاحتلال الفرنسي، وبعض أسلحة الثوار.

دخل عالم الشهرة بـ"فن التصغير"

سمح "فن التصغير" الذي برع فيه الفنان محمد الأمين، بالاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي بدخول عالم الشهرة؛ إذ أصبح معروفا بفنه، الذي لقي إعجابا كبيرا من كل متابعيه من داخل الوطن وخارجه؛ مثل تونس ومصر. وأكثر من هذا، تلقّى الكثير من العروض للمشاركة في بعض المعارض، وكان أهمها، حسبه، العرض الذي قدم له للمشاركة كمصمم في ملحمة الجزائر الكبرى؛ إحياء لذكرى عيد الاستقلال السنة الماضية. وهي المناسبة التي سمحت له بعرض قدراته في تصميم عتاد حربي استخدمته فرنسا؛ حيث تم تصوير مشهد من مجسماته التي لقيت إعجابا كبيرا لشدة إتقانها.

وبعيدا عن هذا العرض، فإن باقي العروض التي قدمت له لم تجذب اهتمامه؛ لأنها لا تعكس فنه، ولا ترقى لأن يعرض فيها ما يقدمه من نماذج. وقناعته في ذلك أن فن النماذج المصغرة بحاجة لأن يخصَّص له معرض خاص به، يشارك فيه كل المهتمين بهذا النوع من التصاميم الصغيرة، ليكون هناك تبادل للمعارف والخبرات وتطوير المهارات.

..الموهبة وحدها غير كافية

لا يؤمن الفنان محمد الأمين بالموهبة وحدها للنجاح في حرفة أو فن معيّن، وإنما يعتقد أن الموهبة بحاجة دائما لأن تُصقل، ويتم مرافقتها وتكوينها لتقديم عمل راق، وهو العمل الذي قام به. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الفنون غير موجود في الجزائر، غير أنه سعى إلى تطوير معارفه من خلال ما تقدمه التكنولوجيا؛ إذ سمحت له المواقع بالاطلاع على أعمال أكبر المصممين في عالم السيارات، وفي إنجاز مختلف المجسمات. وحسبه، فإن التصميم فن، والنماذج التي أنجزها تحولت إلى ديكور مميز في منزله، لا يقدَّر بثمن بالنظر إلى قيمته.

كل ما هو تاريخي حُوّل إلى نموذج مصغر

يميل الفنان محمد الأمين إلى تصميم كل ما هو تاريخي عريق. ولعل هذا ما جعله يبحث عن تصميم بعض النماذج التي تؤرخ لحقبة تاريخية من تاريخ الجزائر، الحافل بالأحداث؛ حيث استقطب اهتمامه في رحلة بحثه في التاريخ الجزائري، سفينة الشباك للبحرية الجزائرية التي تعود إلى سنة 1770، والتي بحث في تاريخها، وتمكن من الحصول على تصميم لها، وتحويلها إلى نموذج مصغر. 

وعلى الرغم من أن إنجاز السفينة أخذ منه وقتا طويلا من العمل لكثرة التفاصيل الموجودة فيها، غير أنه تمكن من عرض نموذج لسفينة الشباك بكل التفاصيل، والتي حوّلها إلى قطعة هامة في منزله لا تقدر بثمن. وحسبه، فإن الأمر لم يقتصر على السفينة وإنما تعداه إلى تصميم مدفع باب مرزوق، وأسلحة كانت تُستخدم إبان الثورة، وأن التحدي القادم الذي يعوّل عليه هو تصميم المعالم التي رغم أنها لا تثير اهتمامه كثيرا مثل السيارات، إلا أن ارتباطها بتاريخ الجزائر يؤهلها لأن تدخل ضمن مشاريعه المستقبلية.

تعليم "فن التصغير" حلم يطمح إليه

يطمح الفنان محمد الأمين لتعليم فن التصغير للراغبين في تعلم هذا النوع من الفنون الراقية. وعلى الرغم من الطلبات الكثيرة التي تلقّاها من عدد من المتابعين عبر مختلف ولايات الوطن، إلا أن التحدي الذي يواجهه هو بعد المسافة؛ لكونه متواجدا في ولاية تلمسان، لا يملك الإمكانيات التي تسمح له بالتنقل عبر الولايات والإشراف على دورات تكوينية؛ لذا يناشد الجهات المعنية ممثلة في وزارة الثقافة، أن تتبنى هذا النوع من الفنون، وتشرف على تنظيم دورات تكوينية عبر عدد من ولايات الوطن يشرف على تأطيرها.

وحسبه، فإن لديه رغبة كبيرة في التعريف بهذا الفن، ونشره في الجزائر، ولِم لا الوصول إلى تنظيم معارض متخصصة بهذا النوع من الفنون محلية وحتى دولية، لا سيما أن هذا النوع من الفنون معروف خارج الوطن، ويجمع بين ما هو فن وصناعة.