الأخصائية النفسانية في علم النفس الاجتماعي الإكلينيكي رشيدة كيشو:

العنف سلوك متوارث بين الأجيال

العنف سلوك متوارث بين الأجيال
  • القراءات: 1210
 رشيدة بلال رشيدة بلال

تعتقد الأخصائية النفسانية في علم النفس الاجتماعي الإكلينيكي رشيدة كيشو، أن العنف بمختلف أشكاله في المجتمع ما هو إلا سلوك متوارث، وهو ما خلصت إليه الدراسة الميدانية التي قامت بها، والتي أثبتت من خلالها أن العنف عبارة عن سلوك ينتقل من فرد إلى آخر، غير أن السؤال الذي يطرح ـ تقول في حديث خاص لـ«المساء"ـ على هامش مشاركتها مؤخرا في ملتقى بالعاصمة؛ رغم أن أجدادنا اعتمدوا على العنف في تربية أبنائهم، غير أن أبناءهم افتخروا به ولم يتناقلوا هذا السلوك بمفهومه السلبي، أي أنهم لم يرثوا سلوك العنف ولم يعتدوا على ذويهم.

تجيب الأخصائية النفسية بالقول بأن الاعتماد على سلوك عنيف في التربية من طرف الأجداد كان له معنى، أي أن الضرب لم يكن من دون سبب، وكان يحمل في طياته تعابير عن المحبة وله دائما ما يبرره، بمعنى ـ تشرح المختصة ـ "أن الشخص الذي كان يضرب كان على علم مسبق بأن سلوك العنف الممارس ضده عبارة عن وسيلة لتقويم السلوك، وأنه جاء نتيجة فعل ارتكبه، وكان لابد من أن يعاقب، بالتالي الفعل التربوي كان موجودا في عملية التربية، بدليل تضيف "أن الكل كان يربي في الأسرة الكبيرة سابقا، مما يجعلنا نؤكد أنه سابقا كان العنف حقيقة يورث، لكن بمفهومه الإيجابي الذي يستهدف الوصول إلى التربية الصحيحة، مشيرة إلى أن البحث الميداني الذي تم إجراؤه أثبت أن عددا كبيرا من كبار السن كانوا فخورين بتربية أوليائهم لهم، لأنها كانت تحمل دائما معان، وهو ما عبر عنه الأغلبية بالقول؛ "ضربونا بصح رباونا"، أو عبارة "ضربونا حتى نكونو رجال"، وهو ما لا نجده اليوم، إذ تم نقل الفعل السلبي الذي يتمثل في الضرب لمجرد الضرب، نتيجة غياب الفعل التربوي واهتزاز منظومة التنشئة الاجتماعية.

وحول الحالات التي تم البحث فيها، تبين حسب المختصة النفسانية،  أن البحث الميداني شمل الأبناء الذين اعتدوا بالضرب على أوليائهم  كرد فعل عنيف على الطريقة الخاطئة التي اعتمدت في تربيتهم، والملاحظ أن سلوك العنف ـ حسب المختصة ـ لم يقتصر على فئة الأطفال غير المثقفة، وإنما شمل أيضا الفئة الجامعية، حيث اعتدوا بالضرب على أوليائهم وكانت الوسيلة المعتمدة هي نفسها، فإن عوقب مثلا الأبناء بالعصا، فإن الاعتداء على ذويهم كان بنفس الوسيلة، مما جعلنا ـ تقول ـ "نستنتج أن التوارث لا يقتصر على السلوك العنيف فحسب، وإنما حتى الوسيلة التي هي الأخرى يجري توارثها"، مشيرة إلى أن من بين أسباب الظاهرة التي تجر بالأبناء إلى الاعتداء على ذويهم؛ النزاعات التي تقوم حول الميراث أو نتيجة الضغوط الاجتماعية أو بعض الحالات المدمنة على المخدرات، وهي حالات لا يقاس عليها لأنها تتصرف من دون وعي وتحت تأثير المخدر، غير أنه لا يمنعنا ـ تقول ـ "من التأكيد على أن سلوكها العنيف متوارث هو الآخر".

تعتقد المختصة النفسانية أن العودة إلى أساليب التربية التقليدية  التي كان فيها العقاب وسيلة لتقويم السلوك، يتطلب منا الاهتمام  بشؤون الأسرة لأن الضرب حقيقة غير مرغوب فيه كوسيلة، غير أن  الضرب الذي يكون مبررا من خلال تقديم تفسير للابن حول سبب اللجوء إلى هذه الوسيلة، يبعد الأبناء عن إعطاء تبريرات خاطئة، ومن ثمة نقل هذا السلوك العدواني في جانبه السلبي، مشيرة إلى أنه بالرجوع إلى الإحصائيات التي تم استقاؤها من مصالح الدرك الوطني إلى غاية سنة 2007، تبين تسجيل 3800 حالة اعتداء على الأولياء، وهي أرقام كبيرة ومخيفة.