شائعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة لـ ’’المساء":

العنف تطور وأخذ شكل الجريمة

العنف تطور وأخذ شكل الجريمة
  • 851
رشيدة بلال رشيدة بلال

تحدثنا السيدة شائعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة وعضو المجموعة الإقليمية للأمم المتحدة في هذا اللقاء، عن نتائج الحملة الوطنية التي كانت قد أطلقتها خلال السنة الماضية لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث جالت العديد من الولايات تحت شعار "هو لحماية هي"، بعد أن اقتنعت أن الحامي الأول للمرأة هو الرجل تبعا لوصية نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالنساء خيرا.

❊ بداية، حدثينا عن أهم النتائج الميدانية لحملة "هو لحماية هي"؟

— في الواقع فكرة الحملة استلهمتها من الأمم المتحدة التي خرجت بتوصيات، أهمها حملة "هو لهي"، انطلاقا من هذه الحملة التي كان الغرض منها محاربة العنف المسلط على النساء بالنظر إلى تفاقم الأرقام في المجتمعات الأوروبية، أطلقت حملة خاصة بنا كمرصد مع إدراج بعض التغيرات، الفكرة مفادها أن الرجل يعتبر المسؤول عن حالات العنف التي تلحق بالمرأة. لم لا يتم تغيير هذا المنطلق؟ وعوض التعنيف يساق نحو الحماية، وأكثر من هذا؛ نشطاء الحملة كانوا رجالا وهي بالنسبة لي النتيجة الأولى بأن حملنا الرجال مسؤولية رفض العنف المسلط على النساء، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى تمكنا أيضا من توعية عدد كبير من الرجال وعلى نطاق واسع بضرورة حفظ الأمانة التي ألقاها الرسول الكريم على عاتقهم، ولعل أهم إنجاز أعتبره شخصيا انتصارا، محو الأمية القانونية للنساء من خلال التعريف بأهم حقوقهن، ليتسنى لهن رفض ما يسلط عليهن من عنف بشكل قانوني.

❊ كيف كان تجاوب الرجال مع الحملة؟ 

— من خلال الجلسات التي قمنا بها مع الرجال خلال الحملة،  اعترف لنا عدد كبير منهم بأنهم  يضربون زوجاتهم، ولكن لا يرضون بأن تضرب أمهاتهم أو بناتهم، واتضح لنا بأن الجزائري يعنف زوجته، لكنه يرفض أن تعنف أخته، ابنته، أمه، جدته أو خالته حتى وإن كان التعنيف من زوجها، بالتالي اقتنعت أن العمل المطلوب منا في الحملة بسيط للغاية، لأن الجزائري بحاجة إلى القليل من التوجيه والتوعية بلفت انتباهه أو بتذكيره أن المرأة التي يعنفها هي نفسها المرأة التي يرفض أن تعنف، لذا أعتقد أنها بمثابة الأرضية الصالحة لزرع مبادئ حسن التصرف مع المرأة. 

❊ ما الذي شجع الرجل على ممارسة العنف ضد المرأة؟

— انطلاقا من نتائج الحملة الميدانية، تبين لنا أن أكثر العوامل التي شجعت الرجال على التسلط هو جهل النساء لحقوقهن، من أجل هذا سعينا إلى توعيتهن بحقهن المتمثل بالدرجة الأولى في التبليغ وإيداع شكوى ضد أي اعتداء يقع عليهن حتى وإن كان من أقرب الناس، وأكثر من هذا، فكرنا أيضا كمرصد في إنشاء شبكة شركاء مكونة من عدد من الفاعلين، ومنهم الأئمة الذين يوصفون بالأطباء الروحيين للمجتمع.

❊ هل يكفي التنديد بالعنف كظاهرة مرة واحدة في السنة؟

— طبعا لا يكفي، وهو الخطأ الكبير الذي نقع فيه كل سنة، فمن المفترض أن التنديد بالعنف عمل دوري ومن خلال شبكة الشركاء التي أعول عليها كممثلة مرصد، أن يكون رفض العنف في كل خطبة جمعة. 

❊ هل يمكن المقارنة بين العنف المسلط على الجزائرية والمرأة في باقي دول العالم؟ 

— لا مجال مطلقا للمقارنة بين الجزائرية وباقي نساء العالم، سواء في العالم الأوروبي أو العربي، وهو ما تشير إليه الأرقام، فحوالي 130 مليون امرأة تعنف في العالم جنسيا ولا توجد منهن جزائرية، وكذا ختان الإناث الذي يعتبر هو الآخر نوع من أنواع العنف الذي تقاسي منه النساء في بعض الدول العربية مثل مصر، وكذا زواج القاصرات الذي يعد شكلا من أشكال العنف غير الموجود في الجزائر، بالتالي المرأة الجزائرية محمية منه بنص قانوني واضح، وهي أوفر حظا لعدم خضوعها مقارنة مع عدد من الدول الغربية والعربية لبعض أشكال العنف القاسية.

❊ هل غياب بعض أشكال العنف يعني بأن العنف الممارس هنا بسيط؟

— غياب بعض أشكال العنف في الجزائر مقارنة ببعض الدول لا يعني أن المرأة  لا تعنف، بل على العكس، هناك بعض أشكال العنف التي تقود إلى الجريمة، كالضرب المفضي إلى الوفاة، وهو ما تشير إليه الأرقام، فبالرجوع إلى سنة 2012 نجد أن 12 ألف حالة عنف في الجزائر كانت قد أحصتها مصالح الأمن الوطني، وفي سنة 2013 سجلنا 9 آلاف حالة وفي عام 2014 سجلنا 6935، وعلى الرغم من أننا نلاحظ وجود انخفاض هذا الأخير الذي لم يأت بصورة عفوية، وإنما كان نتيجة تفعيل الإستراتيجية التي كانت قد أطلقتها وزارة التضامن لمناهضة العنف، بفضل الحملات التي تبناها المجتمع المدني والإرادة السياسية الواضحة من السلطات، حيث أصبحت هناك قوانين تجرم العنف والتحرش الجنسي لفائدة النساء، والذي أسال الكثير من الحبر نتيجة رفضه من طرف بعض الرجال، غير أن هذا لا يعني بأن حالات العنف التي تتعرض لها بسيطة، فرغم انخفاضها نجد أن بعض أشكالها قاد إلى الجريمة ومن هنا لابد من دق ناقوس الخطر.

❊ ألا تعتقدين أن الجزائرية أصبحت أكثر وعيا بحقوقها؟

— المرأة اليوم أصبحت أكثر وعيا، لأنها أدركت أهمية أن تحمي نفسها وترفض مختلف أشكال العنف، ومن جهة أخرى، المستوى الثقافي أيضا لعب دورا بارزا، فمعظم النساء اليوم لديهن مستوى تعلمي يؤهلهن لفهم ما يدور حولهن، ناهيك عن أن العادات والتقاليد تغيرت، ففي السابق قوة المرأة كانت تظهر في مدى قدرتها على تحمل عنف الرجل، هذه المفاهيم تغيرت وساهمت في توعية المرأة.

❊ يقال بأن النساء غير المثقفات وغير العاملات أكثر عرضة للعنف، ما تعليقك؟ 

— بعيدا عن الأرقام، وبحكم احتكاكنا بالنساء المعنفات، أؤكد أن العنف لا يفرق بين المثقفة وغير المثقفة، وبين الموظفة والماكثة في البيت، فكلهن يتعرضن للعنف وبدرجات متفاوتة وأكثر من هذا، نجد طبيبات ومحاميات وحتى قاضيات يعنفن من طرف أزواجهن ويسكتن خوفا من نظرة المجتمع إليهن لأنهن يعتقدن أن فيها انتقاصا من قيمتهن.

❊ كمرصد، ما هو علاج العنف الذي أخذ شكل الجريمة؟

— بعيدا عن الحملات والقوانين الوضعية، والنشاطات التحسيسية، أعتقد وعن قناعة، أن الحل الوحيد للقضاء على ظاهرة العنف المتفشي في مجتمعنا في الرجوع إلى الشريعة الإسلامية التي كفلت للمرأة كامل حقوقها، وإذا كان للإسلام فضل كبير على البشرية، ففضله أكبر على المرأة، لذا في اعتقادي نحن بحاجة إلى فهم تعاليم ديننا التي إن طبقت كما يجب لوجدنا أن الرجل مدين لها بالكثير.

❊ هل من كلمة أخيرة؟

— تحتاج المرأة إلى كلمة طيبة، لذا أرى أنه لزام على الرجل المبادرة بها وأن يزرعها في بيته وفي قلب أهله.