العنف الأسري تهديد للصحة العمومية

العنف الأسري تهديد للصحة العمومية
  • القراءات: 594
حنان. س حنان. س
   من الآثار النفسية المنجرة عن العنف الأسري؛ فقدان الثقة لدى الأطفال وإصابتهم بأمراض نفسية كثيرة، أهمها الانطواء والكآبة والإحباط وغيرها من الأمراض النفسية التي يضعها علم النفس بالقنابل الموقوتة المهددة بكل أنواع الانحراف. والأصح هنا معالجة المشكلة من جذورها، وهي التوعية المتواصلة بأهمية التماسك الأسري، ومن ذلك تثقيف المقبلين على الزواج بأهمية الحوار في حل المشاكل.
قالت المختصة النفسانية سميشة بايو بأن العنف الذي يقع داخل الأسرة يكون في الغالب من طرف صاحب السلطة الذي إما أن يكون الأب أو الزوج، يعني الذكر ضد الأنثى غالبا. ومرد إلى ذلك أساليب التربية التي ترجح دائما السلطة للذكر على الأنثى مهما كانت منزلتها في الأسرة. واعتبرت المختصة أن أكثر أشكال العنف الممارس داخل الأسرة اليوم هو العنف اللفظي، ومن ذلك السب والشتم والسخرية "وهي أشد أنواع العنف لأنها تخلف اضطرابات كثيرة على مستوى نفسية الفرد، خاصة عند الأطفال والفتيات، وقد تكون نتيجتها الهروب".
كما تنتج عن العنف الأسري آثار خطيرة لا تظهر فقط على المستوى النفسي، وإنما الجسمي كذلك، لأن الآثار النفسية التي توّلد الإحباط والكآبة تتولد عنها أثار جسمانية، منها زيادة إفرازات الغدة الكظرية لمادة الأدرينالين، مما يؤدي إلى اضطرابات في الدورة الدموية واضطرابات معدية قد تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، مما قد يؤدي إلى زيادة الجنوح نحو إدمان السجائر والمخدرات، ومنه الجنوح نحو كل أشكال العنف سواء داخل الأسرة أو خارجها.
وتحدثت المختصة إلى "المساء"، على هامش الندوة، عن بعض الحالات لأطفال كانوا ضحايا عنف أسري استقبلتهم المختصة في مصلحة الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح التابعة لمديرية الشؤون الاجتماعية، ومنها حالة بنت مسعفة تبلغ من العمر 7 سنوات، كانت ضحية عنف معنوي يتمثل في حرمانها من حقوقها المدنية، إضافة إلى عيشها في ظروف صعبة جدا، وبأمر من قاضي الأحداث ألحقت بالمصلحة لمتابعتها والاهتمام بها كون ظروف الوالدة صعبة ولا تسمح بتربية البنت، وأكدت المختصة أن الطفلة أعيدت لوالدتها بعد أن تحسنت الظروف الحياتية لهذه الأخيرة.
أما العينة الثانية فهي لمراهق في الـ15 سنة، اعتدى جنسيا على أخيه الأصغر (10 سنوات)، وأمر قاضي الأحداث بتحويله إلى المصلحة التي ألحقته من جهتها بمركز علاج المدمنين للبليدة، كون المراهق مدمن مخدرات تأثر بوالده المدمن الذي مارس من جهته أشكالا من العنف ضد أفراد أسرته.
هناك حالات أخرى لأطفال كانوا ضحايا العنف المعنوي، مما جعلهم يفرون من المنزل ويتعرضون لأنواع الاعتداءات ومنها الجنسية، تم تحويلهم إلى المصلحة المتخصصة لوضعهم تحت الملاحظة التربوية، ومنها متابعتهم نفسانيا بهدف إبعادهم عن خطر الجنوح والانحراف لاحقا.
ومن أجل هذا، طالبت المختصة النفسانية من السلطات المعنية التفكير في حل مؤسسات لاحتواء المُعنفّين وإعادة إدماجهم اجتماعيا، «فأغلب المنحرفين هم في الحقيقة ضحايا العنف، يتحولون إلى منتجين له لتحقيق الانتقام ممن مارس عليهم ذلك العنف في مرحلة من مراحل حياتهم».