عيسى بن لخضر رئيس جمعية "جزائر الخير":

العمل التضامني موجود لكنه غير دائم

العمل التضامني موجود لكنه غير دائم
  • القراءات: 1138
حاورته: حنان. س حاورته: حنان. س
يدعو السيد عيسى بن لخضر رئيس جمعية «جزائر الخير»، إلى فتح مزيد من الجمعيات الخيرية في المجتمع، وقال في حديث لـ«المساء»، أن العمل التضامني موجود في الثقافة الجزائرية «لكنه غير دائم». كما يتحدث عن مشاريع الجمعية الخيرية التي استطاعت خلال سنتين فقط فتح مكاتب بـ35 ولاية لتقديم الإعانات للمحتاجين، كما فتحت 10 مراكز للطفولة وتسعى إلى إقامة أسابيع تحسيسية حول العمل الخيري لنشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع.

«المساء»: بداية، هلا عرفتمونا بـ’جزائر الخير’
-عيسى بن لخضر: هي جمعية اجتماعية تربوية لها عدة أهداف، باشرت عملها منذ الاعتماد في جوان 2012، من أهدافها القيام بالأعمال الخيرية والإنسانية ذات الطابع الاجتماعي، ومن ذلك المساهمة في محاربة الآفات الاجتماعية وإنشاء المؤسسات الخيرية وتنظيم القوافل الخيرية. انطلقت الجمعية في العديد من المبادرات، كالاهتمام بفئة المعاقين، مساعدات وتوفير بعض المساعدات، كما هناك اهتمام بفئة اليتامى، حيث ساهمنا في العديد من المحطات، مثل شهر رمضان والعيدين وغيرها من المناسبات، نقدم مساعدات لهذه الفئة وغيرها من الفئات المحرومة، فمثلا في شهر رمضان 2014 قدمت الجمعية إعانات تمثلت في ألبسة، وختان ما يقارب 5 آلاف يتيم عبر الوطن، فيه أيضا مراكز لاستيعاب الفتيان والفتيات فيما يتعلق بالتكوين والتمهين والتدريب على بعض الحرف الاجتماعية والأعمال، و10 مراكز خاصة بالطفولة، كما نهتم بتنظيم الأسابيع التحسيسية حول بعض الآفات الاجتماعية، وأسابيع تطوعية لترسيخ العمل التضامني في المجتمع.

وكيف ترون العمل التطوعي في مجتمعنا؟
-رؤيتنا في هذه الجمعية أن يكون العمل الخيري متميزا، وقد رفعنا شعارا منذ تأسيس الجمعية وهو «نحو رؤية جديدة حول العمل الخيري والإنساني»، لأن الرؤية عموما نحو هذا العمل ما تزال قاصرة في الجزائر لدى الكثير من الشرائح، حيث ينظر إلى العمل الخيري على أنه مناسباتي أو عمل عاطفي، لكن العمل يتناقض تماما مع هذا، لأن له جذور في ثقافتنا الإسلامية والجزائرية عبر العطاء المستمر، خاصة في الفترة الاستعمارية، لكن كاد يندثر هذا المفهوم بمعنى الديمومة وبمعنى التنموي، لذلك نحاول أن تسعى جمعيتنا إلى تحقيق ديمومة العمل الخيري وتنميته واستمرايته، لذلك جعلنا في خطتنا أنه بقدر ما نطرح في الساحة من مشاريع للدعم، نساهم بالموازاة في نشر ثقافة العمل الخيري.

وكيف تقيمون ثمار هذه السياسة إلى حد الآن؟
-لا يمكننا الجزم بأن ثمة نتيجة وصلنا إليها، لكن نقول بأنه رغم عمر الجمعية الفتي إلا أننا سجلنا مساهمات كثيرة عبر الوطن، لكننا نستطيع القول بأننا استطعنا توفير الآليات المساهمة في توسيع قاعدة العمل الخيري في المجتمع. لكن أشير في هذا المجال إلى أن هناك شريك رئيسي لا يتكلم عن العمل الخيري من جهته، وهو الإعلام الذي يتحدث عن العمل الخيري مناسباتيا فقط، بالتالي تحوز الجمعية على خطة عمل للشراكة مع الإعلام وجعله مهتما أكثر بالعمل التضامني ونشر ثقافته على نطاق واسع، وقد بادرنا مؤخرا بتنظيم ملتقى حول الإعلام والعمل الخيري لنطور هذا الموضوع، ومن أهدافه؛ عقد لقاء بين رجال الإعلام ورجال العمل الخيري وبعض الأكاديميين حتى نبلور الصورة فيما بيننا ونعرف أن هذه المهمة بالدرجة الأولى معني لها هذه القطاعات الثلاثة التي إذا تحركت، يصبح من السهل جدا المضي في أي عمل إنساني يراد منه خير. لذلك ركزنا خلال هذا اللقاء على التشجيع بدروع وأوسمة لتكريم العمل الإعلامي الداعم للعمل الخيري، وتمكنا من لفت الانتباه بصورة أوضح حول العمل الخيري وكيف يمكن أن يكون.

تتواجد جمعيات خيرية كثيرة، والسؤال هنا؛ لماذا لا تعمل بالتنسيق على الأقل لنشر ثقافة العمل الخيري في المجتمع؟
-التنسيق نسعى إليه، لكننا ـ كجمعية ـ لا نريد أن نكون في بوتقة واحدة مع جمعيات أخرى، فلكل واحدة أهدافها ومجالات تدخلها، والجمعيات من طبعها التعدد لأن المبادرات حرة وليست رسمية، وكثرة الجمعيات لا يضر أبدا، بل ندعو إلى إنشاء المزيد منها، فإذا كان المجتمع مثلا يحصي 4 ملايين أسرة، نطمح إلى أن تكون فيه 4 ملايين جمعية خيرية، وهذا شيء رائع أن تكون في كل حي جمعية معينة تعمل على مكافحة الآفات الاجتماعية ومساعدة المحتاجين وغيرها، إذن العبرة هنا في الخدمات الإنسانية والخيرية التي تقدمها هذه الجمعيات للأفراد وللمجتمع، ربما يكون عدد 4 ملايين كبيرا، نقول بأن لدينا 1541 بلدية، فلتكن إذن في كل بلدية جمعية أو أكثر، تعمل لخير سكانها، ليس هذا بالشيء الكبير لأنه في المجتمعات العالمية نجد منظمات غير حكومية، أي أن الجمعيات تعمل لتقديم خدمات إنسانية هي في الأصل خدمات للمجتمع.

وأين الخلل هنا، هل في إعراض الناس عن إنشاء جمعية أو لأسباب أخرى؟
-العمل الخيري في مجتمعنا ـ للأسف ـ ما يزال بدائيا، فيه نقص في التكوين المؤسسي، لذلك من بين الأهداف التي رفعناها في جمعيتنا؛ تكوين المتطوعين وجعل العمل الخيري مبنيا على رؤية وليس هواية، يكون متواصلا وغير مناسباتي، مبنيا على تكوين وتدريب وليس على النوايا الحسنة. لذلك بادرنا بفتح دورات تكوينية للمتطوعين في جمعيتنا لأداء عمل إنساني كما ينبغي. كما أن الجمعية تنتظر من الدولة تنظيم هذا الحقل بالأطر القانونية المصاحبة للعمل الخيري، ولا تنتظر الدعم المادي منها لأن الجمعية ليست فرعا إداريا،كما أنها ليست منافسا للإدارة، بل جاءت لتقديم عمل إنساني قد لا تتمكن الإدارة من تحقيقه، لذلك نسعى إلى الدعم وعدم عرقلة مساعينا، فمثلا إذا عقدنا اجتماعا خيريا، نستأجر قاعات مثلنا مثل غيرنا، رغم أن هدفنا يختلف، نحن هنا لأداء عمل إنساني، وإذا تحصلنا على تجهيزات معنية موجهة لمعاق أو مساعدة نهبها لمن يستحقها، فنحن ندفع ضريبة وهذه عراقيل تحد من العمل الخيري ولا تنمّيه، وفي هذا المقام، ندعو إلى أن تكون خاصية ‘النفع العام’ لكل جمعية تتوفر فيها شروط النشاط وتكون واضحة وشفافة.

قد تكون مشكلة التمويل من بين أصعب التحديات لكل جمعية حتى تحقق مردودا إيجابيا، فكيف هو الحال بالنسبة لـ ‘جزائر الخير’؟
-صحيح أن التمويل أساسي لكل جمعية، لكننا لا نعتبره إشكالية، هناك صعوبة في تحقيق ذلك، إلا أن القدرة على التسويق جعلت ‘جزائر الخير’ تتوفر على مساعدات تصب في جيوب المحتاجين عبر الوطن، فمنذ نشأتها رفعت أهدافا معينة وهي ظاهرة للجميع، ومن ذلك المتطوعين والعاملين معنا والحمد لله استطعنا لفت انتباه عدد منهم. إلى جانب المصداقية من خلال أخلاقيات رجالها وشفافية العمل، ومع فتح المكاتب عبر الوطن فإننا نستقطب أعدادا متزايدة. أضف إلى ذلك أن الجزائر من بين الدول التي لا تشترط العمل التطوعي في جامعاتها وغيرها، أي ليس هناك اختصاص يدرس في الجامعات والمعاهد خاص بالعمل الإنساني، مثلا، في تخصصات العلوم الاجتماعية، وبدورنا ندعو إلى الاهتمام أكثر بهذا الأمر وفتح دورات تدريبية للراغبين في الالتحاق بالعمل التضامني التطوعي حتى يكون ذا نتائج طيبة.