المختص في علم النفس التربوي الأستاذ أمين شعبان يحذّر الأولياء:
العلامات لا تعكس مستوى التلميذ وليست الغاية من العملية التعليمية

- 718

حذّر المختص في علم النفس التربوي الأستاذ أمين شعبان، الأولياء من معاتبة الأبناء الذين لم يحصلوا على نتائج مقبولة في الفصل الأول، مؤكدا أن العلامات ما هي إلا تحصيل حاصل الطريقة والمنهجية المعتمدة لتعليمهم، والتي لم تأت بالنتائج المرجوة. وحسبه، "بعيدا عن هذا وذاك، فإن العلامات لا تعكس، مطلقا، مستوى التلميذ"، داعيا إياهم إلى مرافقة أبنائهم، واحتوائهم، ومعالجة النقائص عوض نقدهم والقسوة والصراخ عليهم؛ مما قد يقود إلى نتائج لا تُحمد عقباها؛ كالهروب من المنزل نتيجة الخوف.
إذا كانت مرحلة التحضير للاختبارات من المراحل الصعبة التي يمر عليها التلميذ بسبب الضغوط الكثيرة التي يواجهها لفهم المنهاج الدراسي المكثف من جهة، ورغبة منه في إرضاء وليه بتحصيل نتائج جيدة، فإن مرحلة الحصول على العلامات وتصحيح أوراق الاختبارات هي الأخرى، أصبحت من أصعب المراحل التي تجعل الكثير من التلاميذ في مختلف الأطوار التعليمية، يعيشون ضغوطات وصراعات نفسية كبيرة، فبعضهم يلجأ إلى إخفاء علاماته عن ذويه، وبعضهم الآخر يحاول تغيير بعض العلامات لإرضاء الأولياء، بينما يختار آخرون اللجوء إلى الكذب؛ هروبا من العقاب؛ الأمر الذي يثبت ما شاع، مؤخرا، حول تحول العملية التعليمية من اكتساب للمعارف إلى رغبة في تحصيل علامة جيدة؛ يقول المختص أمين شعبان: " وهو الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة وإعادة النظر، خاصة أنه أخذ في السنوات الأخيرة، منعرجات خطيرة، دفعت ببعض الأبناء بسبب الخوف من الأولياء، إلى مغادرة منازلهم، والاختفاء عند بعض الأصدقاء أو الأقارب ". وحسبه، "فإن المسؤولية يتحملها الأولياء وحدهم؛ لكونهم يحمّلون أبناءهم فوق طاقاتهم، ويضغطون عليهم " .
ويشرح المختص: "ولعل خير دليل على ذلك حادثة حدثت معي مؤخرا، تتعلق بتلميذ لم يحصل على نقاط جيدة، جاء والده يشكو أنه وفر لابنه كل ما يلزم من أجل أن يدرس؛ جهاز كمبيوتر وغيره من اللوازم الضرورية لتسهيل تمدرسه، والنتيجة أنه لم يحصل على النتائج المطلوبة التي تعكس حجم ما أنفقه من أجله "؛ يقول: " الأمر الذي جعلني أتيقن أن الأولياء في حقيقة الأمر، بحاجة لأن يفهموا أوّلا، الفرق بين رعاية الأبناء بتوفير ما يجب لهم من أمور مادية والذي يُعد واجبا عليهم، وبين التربية والتعليم التي تعني المرافقة، والحوار، وفهم العراقيل التي يعانون منها، ومحاولة شرح العملية التعليمية، والتفريق بين ما يتطلب الحفظ وما يحتاج لمجرد الفهم مع مراعاة الفروق الشخصية". ويردف المختص: " وبالتالي نحن بحاجة إلى تصحيح وتصويب ذهنيات الأولياء في طريقة التعامل مع أبنائهم أولا، قبل الحديث عن تصويب ذهنيات الأبناء".
التحفيز اللفظي للأبناء ضرورة
وحيال القدرة على التحصيل يقول المختص: " لكل تلميذ طاقات. وقدرات استيعاب وفهم المهارات المعرفية تختلف من تلميذ إلى آخر؛ الأمر الذي يتطلب أن يتم مرافقة الأبناء مرافقة تربوية تعليمية، للوصول إلى نتائج جيدة "، لافتا إلى أن معاتبة الأبناء والضغط عليهم من شأنها أن تخلق اضطرابا نفسيا لديهم، وتهز ثقتهم في أنفسهم؛ الأمر الذي يجعلهم ينفرون من العملية التعليمية، خاصة بعدما تيقنوا أنها محصورة في مجرد علامة، من شأنها أن تقيّمهم ". من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن المطلوب بالنسبة للأولياء خلال هذه المرحلة بالذات التي يتم من خلالها استقبال النتائج، تواصل الأولياء مع المعلمين، وفهم الخلل ونقاط الضعف، من أجل تصويبها وتجنب اللوم والعتاب.
وعلى الأولياء أيضا الاقتناع بأن العلامة هي وسيلة لتقييم الطريقة التي تم اعتمادها للمراجعة، والتي ربما تحتاج، هي الاخرى، إلى تغيير وإعادة نظر، ومراجعة؛ لتصويب الأخطاء التي وقع فيها التلميذ، لافتا إلى أن الأولياء من واجبهم بعد الانتهاء من الامتحانات، الوقوف إلى جانب أبنائهم، ودعمهم نفسيا بتشجيعهم على النتائج الايجابية المحققة، وتحفيزهم لاستدراك الضعف، خاصة أن التحفيز اللفظي مهم جدا لبناء التلميذ من الجانب النفسي البيداغوجي.
ويختم المختص أمين شعبان بدعوة الأولياء إلى تجنب مقارنة الأبناء بغيرهم؛ لأنه تصرف يشكل ضغطا كبيرا عليهم، وينقلهم من البحث عن بناء أنفسهم واكتساب معارف، إلى محاولة إرضاء الأولياء؛ سعيا وراء تحصيل نتائج جيدة. ويقول المختص: " لذا أعتقد أن الهدف من العملية التعليمية هو إفادة التلميذ وليس إرضاء الأولياء؛ من أجل هذا نعتقد أن تجنب القسوة على الأبناء ومحاولة احتوائهم ومعالجة النقائص، غاية في الأهمية"، لافتا بالمناسبة، إلى أن المعلمين مدعوون أيضا، إلى المساهمة في احتواء التلاميذ الذين لم يحصلوا على نتائج جيدة؛ من خلال تحفيزهم، ومنحهم جرعة من الأمل التي ترفع من معنوياتهم، وتساهم في امتصاص الضغوط التي يتحملون جزءا منها ".