في أجواء ممتعة

العاصميون يحوّلون ”الصابلات” إلى فضاء للشواء

العاصميون يحوّلون ”الصابلات” إلى فضاء للشواء
منتزه الصابلات بالجزائر العاصمة
  • القراءات: 2854
❊ نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

تحوّل منتزه الصابلات هذه الأيام إلى منطقة للشواء في الهواء الطلق، حيث تقبل العديد من العائلات  والشباب على المكان خلال الفترة المسائية لهذه الأيام التي تلي عيد الأضحى المبارك، للقيام بعزائم الباربوكيو وتقاسم فترات ممتعة مع أفراد العائلة.

يُعدّ تقليد شواء اللحم على الجمر روتين لا يتخلى عنه شباب العائلات خلال أيام عيد الأضحى المبارك، إذ إن فترة إعدادها من أحلى الأوقات التي ينتظرها الكبير والصغير للاستمتاع بلذة اللحم في أجواء عائلية أو رفقة الأصدقاء. ويتخلّل هذه الأوقات لعب وضحك في فترات تحمل كل معاني الراحة والاستمتاع، خاصة أن الطابع العمراني الذي يميّز سكنات العاصميين يُعد الدافع الرئيس لخروجها في غياب المساحات للقيام بعملية الشواء في الهواء الطلق بدل القيام بذلك في الشرفات، لاسيما أن الدخان المنبعث من الشواية يحوّل المأدبة إلى مشكل حقيقي داخل البيت؛ إذ إن الدخان الذي يبقى محصورا بين الجدران.

في جولة قادت المساء إلى هذا المنتزه بقلب العاصمة، اقتربنا من بعض العائلات التي توافدت على هذه الساحة في الفترة المسائية، كثير منها كانت حاملة قففا ومبردات محمولة على غير عادتها. وتبقى الأيام الأخرى العادية مساحة تتوافد عليها نفس العائلات فقط للمشي وتفسيح الأطفال بالركض واللعب في أحضان الحديقة المطلة على البحر.

تحدثنا مع بعض العائلات التي نصّبت الشوايات وبدأت في إضرام النار في الفحم، وأخذ كل واحد من أفراد العائلة على عاتقه مهمة محددة للقيام بها، فالبعض اهتم بإعداد الشواية، في حين عمدت النسوة إلى تقطيع واختيار قطع اللحم وتمليحها ووضعها في أسياخ، في حين غالبا ما يكون الشيف أو المسؤول عن الشواء رب العائلة أو أكبر شاب فيها، الذي يهتم بعملية الطهي، ليتم الأكل بالتدريج بين كل عملية وأخرى حتى لا تبرد كل قطعة يتم سحبها من فوق الشواية، إذ إنّ لذة اللحم المشوي تكون في أكله قبل أن يبرد وتتجمّد الشحوم عليه.

أوضح فيصل المسؤول عن عملية الشواء من عائلة مكونة من 7 أفراد نصبت شوايتها منذ الساعة الرابعة مساء، لم تكن بالتحديد وجبة غداء ولا عشاء، قال مبتسما: ستكون وجبة بين الاثنتين مع التخلى عن وجبة العشاء المتأخرة، مشيرا إلى أن هذه العادة تبناها شباب العائلة، إذ سابقا لم يكن الآباء يقومون بالعملية في أماكن عمومية إلا ثاني يوم عيد، ويتم ذلك في شرفة المنزل؛ باعتبارهم يقطنون في عمارة، إلا أن هذا التقليد كان راسخا عند الأجداد، الذين كان لأغلبهم منازل كبيرة بحدائق خاصة، وكانت تلك العملية تتم في الباحة الخلفية أو في سطح المنزل، وفي وسط البيت رفقة كل أفراد العائلة.

من جهتها، قالت فتيحة التي رافقت عائلتها إن هذه العزائم من أحلى الأوقات التي يتم مشاطرتها مع العائلة، حيث إن التنزه أو ما يعرف بـ بيك نيك كان تقليدا راسخا عند العائلات الجزائرية منذ زمن طويل، وليس فقط خلال أيام العيد أو في مناسبات خاصة، وإنما يكتفي أفراد العائلة بالالتقاء في عطل نهاية الأسبوع لتحضير القهوة والشاي وبعض الحلويات، ووضعها في سلال والذهاب خارجا؛ سواء في حدائق أو غابات أو على الشواطئ لتناولها، فالمهم ليس الأكل في حد ذاته وإنما تلك الأجواء التي نعيشها رفقة أفراد العائلة والصغار والأصدقاء، كما أن الشواء خلال أيام العيد، وسيلة أخرى لكسر روتين القهوة خارجا أو الذهاب إلى مطعم للعشاء، أو فقط أخذ العشاء من البيت، لأن اللحوم من الأفضل أن تؤكل وهي ساخنة، فلا يمكن، مثلا، طهيها في البيت، ثم وضعها في سلال لأخذها خارجا وتناولها، وهذا ما يجعلها مستمتعة في القيام بذلك في المكان الذي تريده العائلة، وما عليها سوى إحضار شوايتها، خصوصا أنها تباع في الأسواق أنواع لا تُعد ولا تحصى بأحجام يمكن وضعها داخل صندوق السيارة.