في غياب اللمّات

العائلات العنابية بين تلاوة القرآن وصناعة الفرحة

العائلات العنابية بين تلاوة القرآن وصناعة الفرحة
  • القراءات: 602
سميرة عوام سميرة عوام

وجدت العائلات العنابية نفسها مجبرة على البقاء في المنزل خلال سهرات رمضان بدل الذهاب إلى الشواطئ وساحة الثورة أو لقاء الأصدقاء والجيران بسبب الحجر الصحي الجزئي، وعليه وضعت ربات البيوت برنامجا خاصا لكسر رتابة المنزل والروتين اليومي؛ من خلال إعداد صينية خاصة بالقهوة والشاي والمكسرات، وتحتوي مختلف أنواع الحلويات، على غرار الخشخاش والقريوش وزلابية المنزل وحتى قلب اللوز، وهي الصينية التي تجمع العائلة عند السهرة وتمتد حتى السحور في أغلب الأحيان.

يتذكر الأهل قعدات زمان ولمة رمضان، مؤكدين أن رمضان هذه السنة ليس له "بنة" السنوات الفارطة، حيث يبقى الرجال في البيوت مع نسائهم وأطفالهم بعد الفطور مباشرة.

وفي سياق متصل، هناك من العائلات من لقيت استحسانا كبيرا في قعدة السهرة لتجمع الأم أبناءها وزوجها لتبادل الأفكار، فيما يكون الحوار سيد المائدة بدل تشتت أفراد العائلة الواحدة، وهو ما ذكرته السيدة فريال التي قالت إن "الحجر الصحي الجزئي أعطاني فرصة لمّ شمل عائلتي والاستماع لكل طلباتهم، مع تقديم وجبات متنوعة وغنية بالفيتامينات"، مضيفة أن رمضان هذه السنة لم تجد فيه تعبا كبيرا في المطبخ بعد إعطائهم عطلة بسبب انتشار وباء كورورنا مقارنة بالسنوات الماضية، وعليه فإن بقاءها في المنزل هذه الأيام، أعطاها فرصة للإبداع ومرافقة أولادها وتقديم كل أعمالها في وقتها.

وبالنسبة لأطفال الأحياء العتيقة بمدينة عنابة، فيلتقون ساعة قبل أذان الإفطار للعب والمرح، ويضفون بعض المرح على حيهم، حيث تتعالى الأصوات فرحة بهذا الشهر الفضيل. ويشعر المارة أن هناك حركة داخل الأزقة الضيقة، يصنعها الصغار والخروج من دائرة الصمت والسكون الذي يغلب على بعض شوارع المدينة منذ فرض الحجر الجزئي، خاصة بعد صلاة العشاء.

البوقالة والأحجيات تطبع بعض الفرح على سهرات مدينة عنابة، حيث تلتقي النساء لسرد حكايات الجدات، فيما تعقد الفتيات وينوين البوقالة التي تقدمها مسنة كل ليلة، ويغلب الضحك والأمنيات لترفع معنويات الحاضرات، متمنيات زوال الوباء والعودة إلى الحياة العادية، والبحث عن عروس بعد سماع البوقالة التي تُعد نقطة أساسية للمة العنابية خلال شهر رمضان الفضيل.

وفضّل بعض الآباء تخصيص زاوية بالبيت للقاء أولادهم بعد صلاة العشاء مباشرة، لقراءة القرآن وتحفيظه للصغار، وهو ما وقفنا عليه في بعض الأحياء، حيث يسمع الجيران أصوات الصغار يرتلون القرآن، وهو ما يليق بشهر الرحمة.. هذه ليالي عنابة التي تمر متثاقلة جدا هذه السنة بعد غياب بعض الفرحة والابتهاج الذي كان يملأ سماء بونة، خاصة في مثل هذه المناسبات الدينية.