صيام الأطفال لأول مرة في تلمسان

الطفل يجلب عطف ذويه والبنات يلبسن القفطان

الطفل يجلب عطف ذويه والبنات يلبسن القفطان
  • القراءات: 1036
 ل. عــبـد الـحلـيـم ل. عــبـد الـحلـيـم

جـرت العادة خلال شهر رمضان المعظم منذ القدم بتلمسان، على تكريم الصغار بمناسبة الصيام لأول مرة، فيكون هذا اليوم السعيد حدثا مميزا وبهيجا في حياة الطفل والأسرة، فما أن يبلغ الطفل سن القدرة على تحمل الجوع والعطش، أي من سن السادسة إلى العاشرة تقريبا، حسب الفصل الذي يحل فيه شهر الصيام، تنصب حوله اهتمامات الأبوين فيستدرج شيئا فشيئا إلى الإمساك عن الطعام لتحضيره لهذا اليوم الموعود، ففي البداية يبدأ في الإمساك عن الطعام إلى غاية منتصف النهار خلال يومين متتاليين ليصبح يوما كاملا، وإذا لاحظ الأبوان أن الطفل تحمل فعلا هذا "الصيام الجزئي" بدون مشقة كبيرة يدفعانه في نهاية المطاف إلى صوم يوم كامل، بعد تشجيعه ليلا على تناول وجبة السحور كي يشعر بجدية الأمر، حسب شهادات بعض الجدات.

غالبا ما يصادف أول يوم للصيام ما يعرف في تلمسان باسم "النفقتيـن" أي الرابع عشر أو السابع والعشرين من رمضان، حيث يحظى الطفل بعناية كبيرة من طرف محيطه، ناهيك عن الهدايا التي يمكن أن تجلب إليه بهذه المناسبة السعيدة، وتجد بعض العائلات التلمسانية في صيام الطفل لأول مرة فرصة لإلباس صغيرها نفس الملابس التي جهزت لختانه، كما أن نصيب الولد من الاحتفال بهذا اليوم أقل بكثير من حظ البنت، إذ أن الذكر وإن كانت تجربته الأولى في الصيام تجلب له رضا أفراد الأسرة وعطفهم، فإن هذه المناسبة تشكل عـيدا حقيقيا بالنسبة للأنثى، فصيام الفتاة لأول مرة يجعلها "عروس رمضان"، وتكون محل عـناية خاصة من قبل أهلها، فيلبسونها في الغالب "شدة" العروس أي "القفطان" التقليدي الذي تشتهر به منطقة تلمسان، مزين بمختلف حليه وجواهره، كأنها عروس في ليلة زفافها، تطوف بعد ذلك رفقة أحد أفراد العائلة في مختلف منازل الأحباب والأقارب في زيارات ودية تنال خلالها ودهم وكرمهم، الشيء الذي يجعل الشوارع الرئيسية لمدينة تلمسان تزدان بمرور صبايا في حلل وحلي تقليدية على شكل عرائس صغيرة لزيارة الأقارب أو التوجه نحو محلات التصوير من أجل التقاط صور تذكارية رفقة فرد من أهلها، وفي المساء وبعد وجبة الإفطار التي تكون مزدانة بمختلف الأطعمة والحلويات،  تنظم الأسرة ليلة سمر على شرف الصائم الصغير بحضور المدعوين من الأقارب والجيران.