تحول إلى بيع ترويجي لاستقطاب المستهلك

"الصولد" وهم مقنن!

"الصولد" وهم مقنن!
  • 2124
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

لم تعد عبارة "صولد" تثير اهتمام الجزائريين، وأكثر من هذا، لم يعد البعض يعيرها أي أهمية تذكر، في الوقت الذي يصنع الحدث في الدول الأوروبية، مثل فرنسا، حيث ينتظر محبو التخفيضات الموعد بشغف، ونجد في المقابل هذا النشاط، يكاد يكون مغيبا في الجزائر، لولا بعض العلامات التجارية العالمية التي تعطي صورة حقيقية عنه، من خلال الالتزام بقوانينه ومواعيده.

رغم أن موعد انطلاق "الصولد"، بدأ منذ حلول شهر جانفي، غير أن المتجول في شوارع العاصمة يكاد لا يلاحظ الفرق، بالنظر إلى انتشار اللافتات التي توحي بـ"الصولد" قبل ذلك، بل وأكثر من هذا، نجد بعض المحلات تعلق لافتات ولا تكلف نفسها عناء إزالتها بعد انقضاء المدة المقررة قانونا، والتي ينبغي أن لا تتجاوز الستة أسابيع، الأمر الذي يعطي الانطباع بأن "الصولد" في الجزائر لا يرقى إلى معناه الحقيقي لدى عدد كبير من التجار، إنما يدخل في خانة البيع الترويجي الذي عادة ما يبادر إليه بعض التجار، رغبة منهم في التخلص من بعض القطع.

على لسان بعض الباعة الذين وقفت عندهم "المساء"، فإن التجار الذين يفترض أنهم نظاميون ويحترمون القانون، يبادرون في الظاهر إلى ممارسة "الصولد"، بالخضوع لمختلف الإجراءات القانونية المطلوبة، كالحصول على الترخيص، غير أنهم في حقيقة الأمر يخفضون قيمة القطعة بنسبة بسيطة فقط، مما يجعلها بعيدة عن المعنى الحقيقي للبيع بالتخفيض، خوفا من الخسارة ـ على حد قول أحدهم ـ وعدم الاهتمام بتصريف السلعة، ما دام هناك إمكانية لتخزينها، وهو الأمر الذي تفطن له المواطنون، مما عزز لديهم القناعة بغياب هذا الحدث التجاري.

طغيان البيع الترويجي

من جملة العبارات التي ترددت على ألسنة عدد من المستجوبين عن مدى تقيد التاجر بـ"الصولد" من عدمه، أن النشاط التجاري عموما في الجزائر غير منظم، والقطع التي يمسها "الصولد" ـ إن صح التعبير ـ هي تلك السيئة التي صعب على التاجر تصريفها، بينما أشار البعض الآخر إلى أن ممارسي التجارة لا يملكون ثقافة قانونية تخص عملية البيع والشراء، بالتالي لا يمكنهم فهم المعنى الحقيقي من هذه العملية التجارية، بينما ذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك، بالقول إن الصولد أكبر أكذوبة يعيشها المستهلك، لأن النسبة التي يجري تخفيضها لا علاقة لها مطلقا بالمعنى الحقيقي لـ"الصولد"، والعملية ترويجة أكثر منها تخفيض، وأحيانا  لا يعرف المستهلك نسبة الفرق بالنظر إلى تغييب السعر الحقيقي، الذي عادة ما يتردد على ألسنة الباعة، حيث يجري تحديده على النحو الذي يناسبهم.

وصف مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، الصولد عندنا بـ "الوهم"، وقال في معرض حديثه مع "المساء"، إن العملية أصبحت اليوم، تمس فقط العلامات الأجنبية لدى بعض المتعاملين الاقتصاديين، وأن شبه "الصولد" الذي يمارس من قبل بعض التجار المحليين، عبارة عن حيل لاستقطاب المستهلك دون وجود أية امتيازات يحصلها، ويوضح "بدليل أن بعض المحلات تعلق لافتات توحي بوجود الصولد على مدار السنة، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات، وهي في الحقيقة، ممارسات تجارية غير مسموحة يعاقب عليها القانون".

"الصولد"، حسب محدثنا، له مقوماته وأهدافه، ومنها مثلا، تجديد المخزون والتخلص من القديم، غير أن هذا المنطق غائب تماما لدى التاجر الذي يتحكم إلى عقلية الربح والخسارة، ولا يعرف شروط البيع بالتخفيض، وبما أنه يربط العملية بالخسارة، فالمواطن مدعو للحذر، وأن يقارن دائما بين الأسعار المقدمة على أساس أنها "صولد"، والأسعار الأصلية حتى لا يظلله التاجر.

توسيع الدائرة لتمس الأثاث والأجهزة الكهرومنزلية

من جهته، أرجع حسان منوار رئيس جمعية حماية المستهلك "الأمان"، عدم التحلي بثقافة "الصولد" والعمل بها على النحو المطبق في الدول الغربية، إلى كونها لا زالت حديثة العهد في الجزائر، سواء بالنسبة للتاجر أو المستهلك، موضحا في تصريحه لـ"المساء"، أن البيع بالتخفيض كعملية تجارية تم تقنينها سنة 2006، حيث يفترض أن يبادر إليها التاجر الذي ينشط في الملابس مرتين في السنة؛ الأولى تنطلق في شهر جانفي، والثانية في شهر جويلية.

لعل ما يبعث على الأسف، حسب محدثنا، أن القانون نظم عملية "الصولد"، غير أن التطبيق يظل غائبا، بدليل الوقوف على بيع ترويجي وليس بيع بالتخفيض. مشيرا في السياق، إلى أن الجمعية وفي إطار عملها التحسيسي، بادرت منذ عام 2015 إلى اقتراح مرافقة التجار قبل حلول فترة "الصولد"، من أجل توعيتهم، بحكم أن أغلبهم اليوم لا يفرقون بين "الصولد" والبيع الترويجي.

من جهة أخرى، يرى محدثنا أن القول بغياب ثقافة "الصولد" لا يمس كل التجار، بحكم أننا نجدها حاضرة في بعض العلامات، خاصة تلك التي تروج للعلامات الأجنبية، ويضيف "غير أن المشكل المطروح، أن العاملين في هذه المحلات يبادرون إلى تصريف السلع الموجهة لـ«الصولد" للأصدقاء والمقربين الذين يعيدون بيعها، مما يجعل المواطن لا يستفيد. كما أن بعض العلامات التي تعرض تكون أقل جودة ولا تثير اهتمام المستهلك، وهو ما يجعلنا نؤكد في كل مرة على المرافقة والتحسيس لمزيد من التوعية، حتى لا يكون المواطن ضحية".

أشار محدثنا إلى أن الجمعية وفي إطار برنامجها، تتطلع بعد تنظيم عملية "الصولد" التي تمس اليوم الثياب فقط، إلى أن يتم توسيع دائرتها لتشمل الأجهزة الإلكترونية والأثاث، بهدف منح المستهلك القدرة خلال السنة على تجديد الأثاث، وإعطاء ديناميكية للنشاط التجاري في مختلف المجالات".