تقليد تجذر لدى بعض العائلات الوهرانية

الصورة الفتوغرافية تقاوم الوسائط التكنولوجية

الصورة الفتوغرافية تقاوم الوسائط التكنولوجية
  • القراءات: 1103
 ق. م ق. م

على الرغم من توفر الوسائط التكنولوجية المتعددة، من هواتف ذكية وأجهزة تصويرية متنوعة، غير أن العديد من العائلات الوهرانية لا تزال تصر على تخليد الاحتفال بعيد الفطر المبارك، عبر أخذ صور لأولادها في استوديوهات التصوير الفوتوغرافي، التي تعرف حركية خاصة في هذه المناسبة.

خلال جولة عبر بعض محلات التصوير في وهران، صادفنا عددا من الزبائن ينتظرون دورهم عند مصور فتوغرافي، لأخذ صور لأطفالهم وأحفادهم وهم في كامل أناقتهم، وتوثيق أفراحهم وذكرياتهم خلال هذه المناسبة الدينية. ذكر محمد، جد آية وأيمن، كان أمام مدخل محل تصوير فوتوغرافي بحي العثمانية، أنه حريص على توثيق مجمل اللحظات السعيدة في المناسبات الدينية مع أبنائه في صغرهم، ويسعى حاليا إلى تخليدها مع أحفاده. وقال في هذا الصدد: "أحرص خلال كل مناسبة دينية، خاصة عيدي الفطر والأضحى، والمولد النبوي الشريف، على إحضارهم عند المصور، حتى تبقى هذه الذكرى طوال حياتهم، وهو ما فعله جدي معي ومع إخوتي في صغرنا".

أما السيدة حسينة، التي كانت تهم بتصوير ولديها في استديو تصوير بحي العقيد لطفي، فأكدت أن التكنولوجيا الحديثة لا تهمها بقدر ما يهمها الاحتفاظ بأحسن وأجمل طريقة للذكريات الحلوة التي يتركها العيد. أفادت: "أنا أحتفظ إلى الآن بألبوماتي منذ الأشهر الأولى من حياتي، وقد تركتها لي والدتي، إذ كانت تحرص على تصوير كل واحدة منا عند المصور في كل مناسبة دينية، مثل عيدي الفطر والأضحى، أو المولد النبوي الشريف، أو مناسبة اجتماعية، مثل الدخول المدرسي وغيرها، فقد كان تقليدا رائجا آنذاك، وهي صور ذات قيمة معنوية كبيرة"، مشيرة إلى أن "النظر إلى هذه الصور القديمة الآن، يولد مشاعر جميلة لا نراها عند رؤية الصور المأخوذة بالهاتف النقال".

أما أصحاب محلات التصوير الفوتوغرافي، فذكر بعضهم أن العمل يتضاعف عدة مرات خلال هذه الأيام المباركة، مقارنة بالأيام العادية، إذ يكون فيها العمل قليلا، إن لم يكن منعدما. وذكر محمد، وهو مصور في الخمسين من عمره، بوسط المدينة، أن المهنة تغيرت كثيرا عن السابق، في ظل اقتحام صور "السيلفي" ليوميات الشباب، إذ أصبح الذهاب للمصور في المناسبات الدينية يقتصر في أغلب الأحيان على كبار السن، الذين يصطحبون أحفادهم أو قلة قليلة من الأولياء، أما الشباب فأصبح حضورهم تقريبا منعدما.

كانت فترة ما بعد الظهر في العيد مخصصة -حسبه- للشباب، إذ يحضرون لأخذ صور تذكارية بينهم كأصدقاء أو جيران أو إخوة غير أنهم أصبحوا يحبذون صور الهاتف النقال. اعتبر أن هذا الجيل الحالي "جيل بلا ذكرى، فقد كانت للصور قيمة ثمينة، إذ كانت تحفظ مع المجوهرات ونفائس العائلة، غير أن صور اليوم بلا روح ولا هوية، نخزنها لبعض الوقت في هواتف ذكية، حتى يحين موعد إتلافها، فتتلف بدون أي تردد ويصبح الشخص بدون ذكرى". قبل دخول ثقافة "السيلفي" و"الستوري" إلى يوميات الجزائريين، "كانت عائلات بأكملها تأتي إليّ منذ الصباح، لأخذ صور فوتوغرفية جماعية وفردية وثنائية، خاصة خلال العيد، أما اليوم فقد طغى استعمال الهاتف النقال واللوحات الإلكترونية، ولم يعد للصور الفوتوغرافية وجود إلا عند البعض"، يضيف محمد.

أكد في هذا الصدد، المصور حميد، صاحب محل تصوير بحي ايسطو، أن "صور السلفي والصور الآنية لا تروي عن أصحابها شيئا، ولا تعدو أن تكون سوى للاستهلاك الجاهز على صفحات التواصل الاجتماعي، غير أنها أصبحت للأسف الشديد، تنافس وبقوة مهنة، أو في بعص المناسبات الاجتماعية، مثل أعياد الميلاد والأعراس". وفقا لنفس المتحدث، أصبح لزاما على المصور الفوتوغرافي التنويع من خدماته لكسب لقمة عيشه، حيث أدخل تقنيات، مثل التصوير عن طريق الفيديو. المصور الفوتوغرافي أصبح يستعان به فقط في أخذ صور هوية للملفات الإدارية الفوتوغرافية، وخدمات جانبية أخرى، كبيع الذاكرة الحافظة والألبومات وإطارات الصورة، وطبع صور تذكارية شخصية على كؤوس أو صحون أو ملابس وغيرها.