خلال استراحة الغذاء
الصحي أم السريع بأقل سعر.. حيرة يومية للعامل

- 1029

يحتار العامل البعيد عن البيت خلال كل وقت غذاء، فيما سيتناوله، وهو مشكل لا يشعر بأهميته إلا من مرت عليه تجربة سنوات من العمل، حيث يعاني بشأن انتقاء أكل يشعره بالشبع لمواصلة جهد يوم كامل.. لكن هل ما يتناوله الفرد في ذلك الوقت من اليوم مفيد للصحة، أم يجد نفسه أمام واقع محيّر في الاختيار بين أكل صحي مرتفع الثمن أو أكل غير صحي بثمن أقل..
هذا الموضوع دفعتنا أهميته إلى النزول إلى شوارع العاصمة، والتقرّب أكثر من المواطن أو العامل البعيد عن بيته، الذي تفرض عليه الظروف تناول الغذاء خارج البيت، ليبقى له خيار وحيد هو الاقتراب من محلات بيع الأكل السريع «فاست فود» المنتشرة في كل مكان، والتي أصبحت تشهد انتعاشا كبيرا، لاسيما في البلديات التي توجد بها العديد من المؤسسات والشركات، وهو ما يجعلها أماكن توافد الكثيرين في اليوم الواحد.. مشكل لا يعرفه من يخوضون غمار العمل منذ سنوات قليلة، أو الشباب في سنواتهم الأولى من العمل، بل بالعكس، هذا أول ما تبيّن لنا من الاستطلاع، حيث يقبل شباب لم تتعد مدة عملهم سنتين أو ثلاث سنوات على محلات الأكل السريع بكل شغف، ولا يختارون من الأكل إلا «السندويتشات» و»البيتزا»، وكلما كثرت المواد الدسمة فيها كانت لذيذة في نظرهم، حيث اعتبر الكثيرون أنها مرحلة «الاستقلال المادي»، ويمكنهم اقتناء ما طاب لهم من مأكولات بعيدة عن الرقابة الأهلية من جهة، لاسيما أن تلك المأكولات السريعة لها سحر غريب في إثارة شهية الفرد بشكل كبير..
في هذا الخصوص، أوضح لنا العديدون، لاسيما الشباب، أن فترة الغذاء هي الفترة الممتعة من اليوم خارج البيت، إذ يمكن اقتناء مأكولات خفيفة لذيذة دائما، فاحتواؤها على المواد الدسمة والنشويات والسكريات هو ما يجعلها لذيذة، لاسيما إذا تمت مشاركة تلك الفترة مع الرفاق والأصدقاء.
لكن هذه الأصداء لم تكن نفسها لدى فئة أخرى، يمكن وصفها بنفس الفئة السابقة بعد عمل يفوق بضع سنوات من العمل، فهي متعة قد تتحوّل إلى مشكل حقيقي، لعمال اكتسبوا وعيا أكبر بعد بعض المشاكل الصحية المرتبطة بالجهاز الهضمي، إذ كشف الكثير ممن تحدثنا مهم أنهم عانوا العديد من المشاكل الهضمية، منها عسر الهضم، التسمم الغذائي، وغيرهما، وهو ما جعل الوعي الصحي ينمو أكثر، ومنه يحاولون يوميا الحصول على أكل أقل خطورة على الصحة وأكثر نفعا لها، يشبع ولا يسبب مشاكل هضمية..
تبقى الفاكهة الطبيعية أو بعض الأجبان ومشتقات الحليب الخيار الثاني للبعض الآخر، الذين يحاولون التقليل من استهلاك الأكل السريع، هذا ما أكدته وسيلة (29 سنة) عاملة منذ 6 سنوات في أحد البنوك الوطنية بالعاصمة، قائلة بأن رغبة تناول «سندويتش» أو أي أكل خفيف آخر يأتي من حين لآخر، إلا أن في باقي الأيام دائما ما تحث على غذاء أكثر نفعا، لاسيما أن الأكل السريع لا يغني من جوع، بل بالعكس يشعر الفرد بالتخمة، لكن سرعان ما يشعر بالجوع بعد ساعات قليلة، مما يدفعنا إلى الأكل مجددا، وهو ما يسبب السمنة في الكثير من الأحيان.
من جهته سمير، عامل بالعاصمة، هو على يقين بخطورة الاستهلاك اليومي لتلك المأكولات الخفيفة، لما تسببه من ارتفاع في ضغط الدم، بسبب احتوائها على كمية كبيرة من المواد الدسمة، كما أنها تسبب السكري وغيرها من الأمراض الهضمية الأخرى، وأمراض القولون..، مضيفا أنه رغم ذلك يبقى أحيانا الخيار الوحيد أمام ارتفاع سعر الأكل الصحي، مشيرا إلى أنه إذا ما قرر اقتناء مثلا فاكهة وسلطة خفيفة وجبنا وغير ذلك من المنتجات، سوف يكون السعر أعلى بكثير من سعر «سندويتش» بسيط أو «بيتزا» أو إحدى تلك المأكولات غير الصحية، الأمر الذي يدفع في بعض الأحيان إلى اقتناء أكل بأقل سعر، مهمشين بذلك العامل الأساسي، وهو أن الصحة لا ثمن لها..