سيما مفتاحي تكشف سر "الأتاي" الصحراوي:

الصبر والهدوء قوام الطعم الساحر

الصبر والهدوء قوام الطعم الساحر
سيما مفتاحي
  • القراءات: 903
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

كشفت ، رئيسة الجمعية الثقافية "راهكيت" من عين أميناس بإيليزي  سيما مفتاحي لـ"المساء" ، عن سر تحضير الشاي الصحراوي الذي لا يقاوم، والذي أخذ الشهرة المحلية والعالمية بفضل مذاقه الفريد والمميز، فلم يسبق أن اكتشف أي زائر إحدى الولايات الجنوبية دون أن يتذوق روعة الشاي بها، حيث أكدت  أن السر لا يكمن في نوعيته وإنما في تقليد تحضيره، حيث يولى له اعتبار خاص أثناء ذلك، ولا يتم إلا وفق شروط حدثتنا عنها، في هذا الحوار.

بداية حدثينا عن سر تعلق الصحراويين بالشاي الأخضر؟

❊❊ إن الطبيعة التي يعيش فيها سكان الصحراء تجعل  الوقت يمر ببطء شديد، فليس هناك أماكن التي يمكن للفرد قصدها بغرض التجول أو الترفيه عن نفسه أو تمضية الوقت. وبحكم ذلك، فإن للصحراوي متسع من الوقت، تجعله يقوم بكل مهمة في راحة تامة، وهو ما يبرر هدوء أعصابه وراحة نفسيته، فيعتبر إبريق الشاي أفضل جليس، ولا تحلو المجالس بدونه، فقد أصبح جزءا من حياتنا اليومية، وهو مشروب شعبي يصاحب الجماعة على مدار اليوم، وليس فقط خلال السهرات أو بعد الأكل، إنما يكون حاضرا في كل المجالس، حتى بالنسبة للعامل في مكتبه.

يقال أن تقديم الشاي للضيوف مظهر من مظاهر الكرم وحسن الضيافة.. هل هذا صحيح؟

❊❊ نعم، إن العلاقة التي تربط بين الرجل الصحراوي والشاي قديمة، تتميز بشغف لا حدود له، والبعض راح إلى درجة تقديس تلك العلاقة لارتباط الشاي بوجدانهم، بهذا يعد تقديم الشاي للضيوف والزوار من حسن الضيافة ودليل عن كرم الصحراويين، وسرعان ما يدخل الضيف إلى بيت صحراوي أو خيمة إلا ويسارع صاحب البيت أو المجلس إلى تقديم كأس من الشاي للترحيب به وجعله يشعر بالراحة التامة.

هل يدرك الصحراويون منافع الشاي الأخضر على الصحة؟

❊❊ بطبيعة الحال نعم. إن الثقافة الشعبية الصحراوية كثيرا ما تنص عن المنافع والمزايا العظيمة للشاي الأخضر دون الحديث عن منافعه على الصحة الجسمانية، فالرجل الصحراوي يدرك أيضا منافعه النفسية، ويرى فيه علاجا فعالا لمشاكل القلب، كالحزن أو الغضب.

ما الذي يميز الشاي الصحراوي، لاسيما أنه لا يوجد مكون خاص يستعمل في تحضيره، وما سر مذاقه الفريد؟

❊❊ لإعداد الشاي الصحراوي تقاليد خاصة، ويعتبر ذلك القدر من الاهتمام والعناية في تحضيره بكل حب وشغف سر مذاقه المميز، فلإعداد "أتاي" طقوس تبدأ بأن يحضر عدته، وهي تتشكل من صينية عليها كؤوس زجاجية صغيرة وإبريق صغير أو ما يعرف بالبراد، وآخر كبير لتسخين الماء،  فضلا عن كأس كبير لقلب الشاي وتكوين "الرغوة"، وهي الفقاعات التي تتكون في الكأس على شكل رغوة، إلى جانب علبة الشاي والسكر، إضافة إلى ماء غسل الكؤوس بين كل دورة.

هل يمكن أن تعطينا وصفة تحضير الشاي على أصولها؟

❊❊ تبدأ أول دورة  تحضير الشاي بوضع إبريق به ماء وشاي أخضر،  على نار هادئة في "نافخ" تقلدي على الجمر "الفحم"، يترك من نصف ساعة إلى ساعة كاملة، حتى تبدأ الرائحة في الانبعاث منه. والسر هنا، أن لا يقف أحد أبدا على إبريق الشاي أثناء تحضيره أو طلب كأس منه، أو الاستفسار عن وقت إنجازه، لابد أن يتم كل ذلك في راحة تامة وهدوء.

بعد ذلك، يرفع إبريق الشاي من فوق النار ويُفرغ في كأس كبير به سكر ويخلط عدة مرات، بحمل الإبريق بعيدا عن الكأس وصبه فيه حتى يتم تشكيل الرغوة، وكلما كثرت كثافتها كلما كان "الشاي" ناجحا وطيب المذاق، فذلك هو المعيار التي يقاس عليه الشاي الصحراوي، وإذا كانت هناك مسابقة أو منافسة بين عدد محضري الشاي الصحراوي، فما عليهم إلا الاحتفاظ بالكأس الكبير بعد سكب الشاي منه في الكؤوس الصغيرة وقلبه وتركه لفترة، حتى يتم ملاحظة مدى كثافة تلك الرغوة وثباتها في جوانب الكأس، فكلما التصقت به ولم تتحلل، كان الشاي ناجحا.