الدين والمواطنة وجهان لعملة واحدة

الشباب بحاجة إلى تأطير ونصح ومتابعة

الشباب بحاجة إلى تأطير ونصح ومتابعة
  • القراءات: 852
حنان. س حنان. س
تكمن العلاقة بين الدين والمواطنة، حسب الشيخ محمد مكركب، في حفظ كرامة وعزة الإنسان في الحياة الدنيا، حيث تجمع عبودية الله تعالى بين التدين الصحيح وحفظ الوطن الذي هو السفينة التي تقل الفرد إلى بر الأمان، التي وإن تم المحافظة عليها والذود عنها من كل العواصف ومنها الفتن والتفرق والنزاع والقتال، فإنه يتم بذلك الحفاظ على الدين الذي هو عصمة الأنفس من كل مهلكة.
وتناول الشيخ مكركب، إمام وداعية إسلامي، خلال محاضرة احتضنها مؤخرا المركز الإسلامي لولاية الجزائر حول "الدين والمواطنة وجهان لعملة واحدة"، تبيان العلاقة بين الدين والوطن، موضحا أن المقارنة والموازنة بين الدين كعبودية لله سبحانه وبين الوطن كمقر إقامة بالنسبة للبشر في الحياة الدنيا، يقتضي أن يفهم الشباب أنه لا دين دون وطن ولا وطن دون دين، وهذا الترابط لا بد أن يلعب الإعلام دوره في تبيان حقيقته التي تنير درب العامة والمُسيرين وإيلائه الأهمية القصوى حتى يؤدي غاياته ومقاصده، ومنه معالجة القضايا الشائكة المطروحة في تفاوت المفاهيم"، وهنا نشير إلى أن الشباب انقسم إلى 3 أصناف، صنف تديّن ولكن تدينه قاده إلى الغلو والتطرف من باب خالف تعرف، وهؤلاء يقتضي حاله منا أن نبين له الوسطية والاعتدال حتى لا يتاجر بحياته ومستقبله ووطنه، وبأن لا يغامر بدينه فيجعله في قفص الاتهام. وصنف ثان من الشباب يعيش للأسف في مستنقع "الإباحيات" أو "الصعلكة"، ونقصد به ذلك الشاب الذي وصل إلى كل دروب الانحراف، ومنه من يسهر طول الليل ثم يتجاوز عن صلاة الصبح، أوالشباب اللاهث وراء المخدرات والمُسكرات أو حتى ذلك الذي يهوى المغامرة بالهجرة إلى بلاد الغرب وترك وطنه، ولهؤلاء الشباب جميعا نبين لهم أنه في ديننا فسحة وفي وطننا سعة من العيش، وأنه من الممكن جدا أن نعيش كرماء وسعداء إن أحسن الفرد التفقه في دينه الذي هو عصمة أمره ونبراس حياته، ـ يقول المُحاضر ـ مبينا الصنف الثالث من الشباب الذي من المهم جدا تأطيره وتوجيهه، وهو الشاب الذي يجد نفسه بين المتشددين وبين المنحرفين يعيش الوسطية صحيح، ولكنه في حاجة إلى تحصين حتى لا تصيبه رياح الغُلو من جهة، وحتى لا يصيبه غرور الدنيا،"إذ نتساءل إلى أي مدى يمكن للشاب الوسطي أن يبقى محافظا على وسطيته، أي إلى متى يبقى ماسكا بزمام قيادة نفسه وهو يحبسها عن الانحراف وكل أشكال التطرف؟ أن مثل هذا الشاب أيضا يحتاج منا لنقف معه"، يجيب الشيخ بقوله "إن علاج الموازنة يكمن في معرفة أن فيه مفهوم حياتي يجمع بين مقاصد الدين ومقاصد الوطنية"، إذ أن منبع الوطنية هو فهم النظام الشامل الذي هو الدين، فالدين في عمومياته وشمولياته ومن حيث أصوله وفروعه، يضمن حياة الإنسان، في المجال العقدي والتعبّدي والمُعاملاتي وفي كل المجالات السياسية والتربوية وحتى الدفاعية".
وفي مقام آخر، يتأسف الشيخ مكركب عن تراجع "الوهج الرمضاني" بعد انتهاء شهر الصيام مباشرة والعودة إلى الحياة الطبيعية، حيث تتغير سلوكات الناس بعد رمضان للتلفظ بالألفاظ النابية وإتيان بعض السلوكات المشينة، في السياق يعلق الشيخ بقوله إن رمضان عبارة عن ملتقى تدريبي للسلوك الإنساني، والغاية من الصوم هو بلوغ الصائمين مرتبة التقوى في الولاية لله عز وجل، حيث يقول الله في كتابه العزيز: "يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، "وعندما ينضبط سلوكنا بالصيام، نتعلم النظام ونتعلم الرأفة وفضيلة مراقبة النفس، كما نتعلم منه الوازع الباطني الذي يجعل الصائم يشد على دينه وبهذا يصبح المسلم في رمضان من تلقاء نفسه يخاف الله فلا يأكل إلا طيبا ولا يقول إلا طيبا، إذن هذا الانضباط السلوكي الذي نتعلمه في رمضان تجعل المسلم يتخرج يوم العيد بدبلوم يسمى شهادة التقوى"، وهنا تأتي الحيرة فعلا ـ يضيف الشيخ - والتساؤل لم لا يظل المسلمون على تقواهم طوال العام؟ وهذا هو المطلوب، نحن نقول إن من ينجح في الصيام إيمانا واحتسابا هو الذي ينفعه الصيام طول العام، فربنا عندما يقول لنا أن الصائم يصل إلى درجة الولاية، فالقصد بذلك قوله تعالى "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون"، فدرجة التقوى توصلنا إلى الولاية ودرجة الولاية توصلنا إلى درجة الالتزام، والالتزام ليس في اللباس والأقوال والانتساب وإنما في صفاء الروح وتزكية النفس وخشوع القلب، فالذي لا يستطيع مسك لسانه عن النميمة والغيبة أوالأخذ في أعراض الناس وغيره فإن هذا لم يتأثر بمدرسة الصوم ولم ينتفع بصومه".