لا يستغني عنها ناس عنابة

الزرنة تصنع الأفراح وتنافس "الدي جي"

الزرنة تصنع الأفراح وتنافس "الدي جي"
  • القراءات: 2235
 سميرة عوام سميرة عوام

تُعتبر الزرنة من أهم الآلات الموسيقية التقليدية في الأعراس والأفراح بعنابة، حيث لاتزال حاضرة في كل المناسبات؛ باعتبارها صانعة الأفراح، ومطلوبة عند الفقير والغني على حد سواء؛ لأنّ سعرها مقبول.

يطلَق اسم "الزرناجية" على مجموعة من الأشخاص يرافقهم الطبّال. وتتميّز هذه المجموعة الغنائية بارتداء زي خاص، يتمثل في السروال العريض والطربوش المطرّز بالفتلة، وهو ما يزيد الفرقة بهاء. وتعتمد على البندير والطبل والمزمار. ويطلب أصحاب الأعراس فرقة الزرنة ليرقص الناس على إيقاعاتها التي تتناسب وحفلات الختان والأعراس. وترافق عادة العروس عند خروجها من بيت أهلها، حيث يبدع رئيس الفرقة في التبراح والغناء الذي يتماشى وهذه المناسبة.

خلال جولة قادت "المساء" إلى بعض الأعراس في مدينة بونة لاحظنا أن سكانها يستمتعون بالزرنة؛ لأنّها تذكّرهم بالماضي وتقاليد الأجداد، كما أنها وسيلة غنائية تجمع بين الناس والأهل والجيران وتعلن عن الأفراح.

تتراوح أسعار الزرنة بين 3 آلاف دينار ومليون سنتيم في أغلب الأحيان، حسب نوعية الاحتفال الذي تغطيه، فعرس المرأة يختلف عن عرس الرجل؛ فالأوّل يتطلب الكثير. كما تقل المصاريف في حفلات الختان، حيث ترافق الزرنة الحفل لساعات قليلة فقط.

ورغم تنوّع الطبوع الغنائية وظهور "الدي جي" وغيره من الآلات العصرية، إلاّ أنّ الزرنة وجدت مكانها في الأعراس العنابية، حيث يفضّل المدعوّون الاستمتاع بأنغام وصوت الزرنة والرقص عليها في الشارع مع الأهل بدل البقاء لساعات طويلة أمام الدي جي، وهو ما يثير قلق الكثير من الناس، هذا ما أشارت إليه بعض العائلات، التي ترى أن الدي جي يكرّر الأغاني، ففي كلّ عرس تجدها حاضرة وبنفس الريتم خاصة في موسم الأفراح وحفلات الختان، وغالبا ما تكرّر صاحبة الدي جي أغنية واحدة على مسامع المدعوين، وعليه فإنّ اختيار الزرنة يغيّر الجوّ خاصة مع لمّة العائلة.

من ميزات برنامج عمل فرقة الزرنة أنّ المسؤول عن الفرقة يحضّر أغاني قديمة مستوحاة من التراث الجزائري، ويذكّر بها الحاضرين لتزيد بهجة العرس مع "الرشقية" و«التبراح"، وقد يستمر العرس حتى الصباح مع الزغاريد والرقصات الخفيفة.

وتتواصل أفراح الزرنة مع عشاقها؛ فهي حاضرة حتى في الوعدات المقامة بالأضرحة خلال النجاحات، وهو ما عرفه مؤخرا مقام رأس الحمراء وبعض المزارات التي تشهد أعراس الزرنة مع ذبح الديكة التي ترافقها حتى الفقيرات، وهما طابعان منتشران كثيرا في ولاية عنابة.

هناك من العائلات التي يصعب عليها استقدام الزرنة في أعراسها، فتلجأ إلى اقتناء أشرطة الزرنة، التي تساهم هي الأخرى في صناعة الأفراح في الصيف، خاصة أنّ الإقبال على محل بيع هذا النوع من الأشرطة ذات التشكيلة المتنوعة، يكثر في فصل الصيف، حيث تعرّف الزبائن بجديد الفرق وأنغام الزرنة، وعليه فإنّ أصحاب الأعراس يقتنون ألبومات الزرنة أكثر من تلك الخاصة بالعرس ومناسبات الأفراح كالأغاني السطايفية والرايوية والمالوف.