جذورها ضاربة في عمق التاريخ

الزربية الأمازيغية.. فن وإبداع وهوية

الزربية الأمازيغية.. فن وإبداع وهوية
  • 1045
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

احتفظت صناعة الزرابي في الجزائر، وفي منطقة القبائل على وجه الخصوص، بأصالتها وأسرارها؛ بما تحمله من ذوق، وصنعة تعتمد على الأنامل الماهرة للمرأة الأمازيغية، تعكس، من خلال رموزها، الثقافة المحلية. وتؤكد مدى ارتباط أهلها بالطبيعة التي يعيشون فيها. هذه الصناعة الضاربة جذورها في عمق التاريخ والتي توارثتها النسوة جيلا عن جيل فقمن بتجديدها لتجد موطئ قدم في الأسواق العصرية، تشارك، اليوم، في العديد من المعارض المحلية والعالمية، وهي تنافس أجود أنواع الزرابي من الحضارات الأخرى.

تحدثت الحرفية تيزيري أمقران من ولاية تيزي وزو، إحدى حائكات الزرابي، إلـى "المساء" قائلة: "تشكل المرأة الأمازيغية عماد هذه الصناعة؛ إذ تحولت مع مرور الزمن، إلى مبدعة بالفطرة في هذه الحرفة. تناقلت أسرارها من جيل لآخر. وهي تقوم برسم العديد من الأشكال الفنية والإبداعات الساحرة، تعكس من خلالها، هوية تلك المنطقة وتاريخها، وهو ما يجعل زرابيها تمثل لوحات تشكيلية رائعة، احتفظت بصورة لواقع التراث الأمازيغي الأصيل". وأشارت تيزيري إلى أن صناعة الزربية الأمازيغية لاتزال تعتمد على مفردات من التراث القديم. ويُستعمل في حياكتها المواد الطبيعية، التي عادة ما تعطيها تلك الصبغة الترابية الممزوجة بمختلف ألوان الطبيعة، الزاخرة بمزيجها الباهي.
وترتبط صناعة الزرابي الأمازيغية بعادات وتقاليد المنطقة منذ القدم، بما لها من جماليات فريدة. وتُعد من الحرف التي تجتذب الكثيرين لمعرفة تاريخها وأسرارها، والبحث عن كيفية إنجاز أشكالها الجميلة والمتعددة.
ورغم أسعارها التي قد تكون، أحيانا، باهظة جدا، إلا أنها تستحق ما طُلب فيها بفضل جودتها، ومتانة خيوطها المحاكة بإبداع، يتطلب أسابيع وأحيانا أشهرا عديدة من اعتكاف النساء عليها، لبلوغ ذلك الإتقان. وقالت الحرفية أمقران إن الزربية من منطقتها، تغزو، اليوم، الأسواق والمعارض العالمية عن جدارة واستحقاق. وقالت إن بعض العائلات تمارس حرفة النسج منذ الأزل. ويشكل المغزل والمنسج وخيوط الصوف الملوّنة لبعض فتيات المنطقة، طفولتها، موضحة: "وجدت الكثيرات منهن في عالم الزرابي، بيئة مميزة، جعلت النسيج جزءا من يوميات كل امرأة أمازيغية بالمنطقة".
وتعتمد نساء المنطقة في نسج الزرابي، على أربعة ألوان رئيسة، هي الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأخضر، وهي ألوان توارثنها جيلا بعد جيل، لكن ذلك لا يمنع من إضافة ألوان أخرى؛ كالألوان الترابية، والبرتقالي. وحسبها، لاتزال الزربية من المنطقة تتطور باستمرار بفضل خيال وإبداع النساء؛ لمواكبة عصرنة الديكور الحديث، لكنها لا تنسلخ عن جذورها وأصالتها المنبثقة من تقاليد وثقافة الأمازيغ. وتقول الحرفية التي ورثت بدورها الحرفة عن والدتها، إن النساء في منطقتها يشتغلن في نسج الزرابي اعتمادا على حسابات رياضية، ووفق أشكال هندسية مضبوطة، تتراص بإتقان متناهٍ. وقالت إن لكل رمز معنى، يعكس عمق الثقافة، ويدل على جانب منها.