مظاهر تعكس طبيعة القلوب الرحيمة
الرفق بالحيوانات ضالة الكثيرين خلال أيام الحر

- 919

برزت خلال هذه الأيام، العديد من مظاهر الرحمة والرأفة بالحيوانات وسط المجتمع الجزائري، الذي يبدو أن علاقته بتلك المخلوقات الضعيفة جد قوية، تترجمها تلك السلوكيات الحسنة التي يقوم بها البعض، لمساعدة تلك الحيوانات على إطفاء عطشها، من خلال وضع أوان تحتوي على مياه للشرب، في مختلف الأماكن التي تشهد تجمعات للقطط ومختلف الحيوانات الضالة الأخرى.
حققت الكثير من الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعرف بـ"غلق الترند”، وهو مصطلح شائع في عالم التواصل التكنولوجي، والذي يقصد به ارتفاع عدد مشاهدات الفيديو، لبعض المساعدات “الإنسانية” التي يقوم بها البعض، إحسانا لبعض الحيوانات، من قطط أو طيور وغيرها من الحيوانات، حتى الضالة منها، من خلال تقديم الأكل أو الشرب، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات "جنونية"، تجعل الجميع يبحث عن سبيل لترطيب الجسم، هروبا من حرارة الجو وقساوة المناخ، لاسيما الحيوانات التي لا حول ولا قوة لها في توفيرما تحتاجه لنفسها، خصوصا في الأماكن المعزولة.
تم الوقوف على الكثير من تلك المواقف لأشخاص يضعون أوان بها مياه أمام بيوتهم، وآخرون أمام محلاتهم، وكأنه قانون يمليه عليهم أحد، لتصبح قاعدة يعرب هؤلاء بها عن رحمتهم ورفقهم على تلك الحيوانات، التي سخر الله بعضها لخدمة الإنسان، وسخر الله أيضا الإنسان للرأفة بها ومساعدتها عند عجزها في الوصول إلى ما تحتاج إليه.
في هذا الصدد قال الإمام وأستاذ التربية الإسلامية عبد الصمد فرصاني، عن الرأفة بالحيوانات: “إن المجتمع الجزائري بطبيعته، يمتاز بخصال الرحمة وحب المساعدة، ولا يقبل بأي صورة من صور الإساءة لكائن ضعيف مهما كان، وتاريخ هذه الأمة يشهد عليها”، مشيرا إلى أن حبه للحيوانات ليست بالمواضيع التي يحاول غرسها فيه، إنما هي بفطرة موجودة، فالكثير من العائلات لها عادات تربية بعض الحيوانات الأليفة، وتقديم مأوى لها وضمان مأكلها ومشربها، وهذه ليست من الأمور الجديدة على المجتمع الجزائري، ومنها أصبحت تلك الكائنات تتعايش مع محيط البشر الذي من حولها، ومنه تجد الكثير من الحيوانات الضالة يعتاد عليها بعض التجار، وأصحاب المحلات، بالرغم من عدم امتلاكهم لتلك الحيوانات، خصوصا القطط، إلا أن الرغبة في إطعامها ومنحها حرية الدخول للمحلات، وحتى تأمين أماكن لصغارها أحيانا، دليل على حبهم لتلك المخلوقات الضعيفة”.
أكد الإمام على أن الرفق بالحيوانات من خصال المسلم، حتى وإن لم يتمكن من مساعدتها أو الإحسان إليها، فلا يسيء أبدا لها. وأضاف قائلا: "إن من أعظم الصفات التي تميز بها النبي عليه الصلاة والسلام؛ الرحمة، وكثيرا ما دعا إليها وحرص حرصا شديدا عليها، حيث قال عليه الصلاة والسلام (من لا يَرحَم لا يُرحم)، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم (لا تنزع الرحمة إلا من شقي)”.
كما قال أيضا عن حديث أبي داود أنه -صلى الله عليه وسلم- حين مر النبي محمد عليه السلام ببعير قد لحق ظهره ببطنه، أي هزيل من شدة الجوع، فقال: "اتقو الله في هذه البهائم، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة". وفي الأخير، قال عبد الصمد فرصاني، إن الرفق بالحيوان والإحسان لجميع مخلوقات الله الضعيفة غير المضرة، يرجى من تلك الأعمال قربه، إلى الله وطاعة يرجى عليها الأجر.