تعرف الحمامات الشعبية والعصرية بعنابة منذ التقلبات الجوية الأخيرة، إقبالا منقطع النظير للنساء والرجال وكل الباحثين عن فرصة التمتع بالاستحمام الطبيعي والتقليدي، خاصة أن مياه هذه الفضاءات مصدرها باطن الأرض وينابيع من أعالي الجبال المجاورة لعنابة وسط.

أصبح تنافس الرجال على الحمامات يفوق عدد النساء، وقد برمجت أغلب الحمامات العصرية والشعبية دخول الحمام لهذه الفئة، ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع موزعين على أفواج صباحا ومساء. وقد تمتد العملية إلى منتصف الليل بالنسبة للعاملين والموظفين الذين يعجزون عن الظفر بغرفة في الحمام عند نهاية الأسبوع، بسبب التوافد الكبير للرجال من مختلف الأعمار.

ما يميّز الحمامات العصرية خلال الآونة الأخيرة، توفير كل المتطلبات والاحتياجات الخاصة بالوافدين، منها جناح خاص بالمصابين بالأمراض المزمنة، حيث تقدم لهم لائحة خاصة تناسب حالاتهم الصحية، خاصة المصابين منهم بالضغط الدموي، الذين يشرف عليهم أخصائي لتوفير الحرارة المناسبة لهم عند الاستحمام، ويتوافق ذلك مع مرضى الجلد والحساسية كذلك، أما بالنسبة للفئة العادية، فتحضر لها كل المستلزمات الخاصة بالاستحمام، من كريمات ومستحضرات تلطف الجسد. كما تلعب درجة حرارة الغرفة دورا هاما في معالجة بعض الأمراض؛ كالروماتيزم والكسور وهشاشة العظام. هناك أيضا قاعات خاصة بالرياضة مفتوحة للشبان الذين يخصصون كل يومهم في الحمامات العصرية، ويقومون بالرياضة قبل دخولهم الغرفة المجاورة للاستحمام.

بالنسبة للحمامات الشعبية التي تكون معقولة الأسعار عادة، لخضوعها إلى تسيير تقليدي، فيتردد عليها الشيوخ وذوو الدخل الضعيف، لكن تبقى حاضرة بقوة في عنابة، لأنها مستوحاة من التراث العنابي ويسهر عليها أشخاص تركها لهم أجدادهم كإرث، حيث لا زال الصندوق المتمثل في حصالة كبيرة لجمع مستحقات الحمام، تشرف عليه عجوز مسنة بالنسبة للحمام الخاص بالنساء ورجل متوسط العمر لحمام الرجال.

الجميل في هذه الأماكن، أنها تشعرك ببساطتها وعبقها القديم وتربطك بماضي الجدات اللواتي كن يتمتعن بمثل هذه الحمامات، لكن تغيب عنه في الوقت الحالي،  العروس العنابية التي تفضل التوجه إلى الحمام العصري، لأنه يقدم لها كل تشكيلات الزينة التي تزيد من ترطيب الجسم، بفضل المقشر الغني بالفيتامينات وغسول الشعر الطبيعي والطين، وغيرها من المستحضرات التجميلية العصرية المصنوعة من الطبيعة.